فيض الخاطر

حمـو بيكـا

حمدى رزق
حمدى رزق

والله مجدى شطة أكثر تأدبا من حمو بيكا، شطة كاد يقبل يدى الملحن الكبير حلمى بكر ليعترف بصوته ويعلمه، طالبا أن يكون تلميذا فى مدرسة الأستاذ بكر، ورفض الأخير، لكن المطرب حمو بيكا الشارخ فى برارى المهرجانات، يهدد نقابة المهن الموسيقية بالحرق، والنقيب المهذب هانى شاكر بالويل والثبور وعظائم الأمور.. المرة الجاية قلة أدب.. شكرًا يا مؤدب !
ظاهرة حمو بيكا تسترعى الانتباه، مطرب من خارج الرحم الفنى بنى شهرته خارج المؤسسة، مغنٍ فطرى، يغنى بالغريزة على أصحاب الغرائز، يلبى رغبات مكبوتة، نجم من نجوم المهرجانات الصاخبة، يصطدم هؤلاء بالواقع إذا غادروا المهرجان، كالسمك إذا خرج من المياه يموت على الشاطئ.
مغنيو المهرجانات حالة خاصة جدا لا تنسحب عليها مدارس الغناء المعتمدة، لذا يصعب اعتمادها رسميا، ولكن تظل تنمو خارج الرحم لتشكل حالة مرضية إذا لم يتم التصدى لعلاجها، كالأمراض النفسية تمامًا، خطيرون هؤلاء إذا كسروا الطوق، هكذا تجسدت الحالة التى بات عليها حمو بيكا بمجرد رفض أوراقه من قبل كبار الموسيقيين فى النقابة.
« لا يصلح «، هكذا كانت التأشيرة النقابية الصادمة، كمن صدمته شاحنة فى عرض الطريق، صدم حمو بيكا، كيف لايصلح وهو يغنى على الآلاف، ويتلهفون على مهرجاناته الألوف، ويطربون لصوته، ويترنحون ثمالة بمواويل النواح التى يصبرهم بها على مشقة الحياة الخشنة التى يقاسونها فى سفح المجتمع، شطة وبيكا وآخرون، هم نجوم الظل، المفضلون للقاعدة الشعبوية ولا يرتضون عنهم بديلا، ولو كان أمير الغناء العربى.
حمو بيكا أخطأ فى حق نفسه وحق النقابة والنقيب وحق المجتمع أن يظهر فى صورة «البلطجى» فى قلب النقابة، ولكن نخطئ كثيرا إذا لم نتوقف أمام ظاهرة غناء المهرجانات، وتتبين هوية هؤلاء الذين يغنون علينا ونحن عنهم غافلون، وندرس هذه الظاهرة التى سيطرت تمامًا على جمهور عريض كان يسمع سابقا الأطلال، ومسافر زاده الخيال، بيكا عرض لمرض أصاب المجتمع المصرى، وعلاج المرض ليس يتجاهله فيستشرى، بل بعلاجه علاجا ناجعا.
لماذا لا يقف النقيب أمام هؤلاء موقف الناصح الأمين، ويفتح لهم فصول تعليمية، أقله يحول المسار، ويضبط الإيقاع، وبدلا من إعدام هؤلاء نفساويا بتأشيرة «لايصلح» يجتهد فى إصلاح ما أفسده الدهر، ويقف منهم موقفا إصلاحيا، فيخضعهم لاختبارات مهنية، ويبصرهم بما هو مستوجب غنائياً، بقاء هؤلاء خارج الرحم خطير جداً..

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي