مصر الجديدة :

طريق الساحل الشمالى.. طريق الموت

إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد

إبراهيم عبد المجيد

قضيت أسبوعا فى إحدى قرى الساحل الشمالى. طريق الساحل الشمالى ليس غريبا علىّ فما أكثر ما مشيت عليه بسيارتى من الإسكندرية إلى مدينة مرسى مطروح منذ أكثر من ثلاثين عاما. عاصرته وهو يزدحم شيئا فشيئا بازدحام القرى السياحية التى تنشأ عليه منذ بدايتها. لاحظت طبعا ازدياد أعداد السيارات بعد أن كان ظهور أكثر من سيارة أمرا مثيرا. كنت أرى سيارة أو أكثر متوقفة لكن ليس بسبب حادث ما. دائما عطل فى السيارة أو انفجار عجلة والسيارة تقف فى أمان وهذا يعنى أن صاحبها لم يكن مسرعا. منذ عامين اختلف الوضع بسبب السرعات الجبارة التى يسير بها أصحاب السيارات بالنهار والليل. كنت أنا أكثرهم تلكؤا إذ أسير بسرعة تسعين أو مائة كيلو متر فى الساعة. اتضح لى أنى سبب عطل كثير من السيارات التى تريد أن تتجاوزنى بسرعات فائقة. أخذت أفكر ماذا يمكن أن يحدث لو سرت بسيارتى بسرعة مائة وعشرين كيلو متر مثلا. قلت فلأجرب للحظات. للأسف لم يختلف الأمر. تجاوزتنى أكثر السيارات إن لم يكن كلها وأصابنى رعب حقيقى لأن أى خطأ من جانبى أو جانب من يعبرنى بسيارته يعنى أنى لن أستطيع أن أسيطرعلى عربتى. العجيب أنى رأيت قليلا من كمائن الشرطة لكن لم أرَ أحدا يستوقف صاحب سيارة لتجاوز السرعة وإلا كنت رأيت طوابير من المتجاوزين. لم أعد أترك يمين الطريق حتى يتجاهلنى الجميع ويعبروننى أو يبتعدون عنى. حدث ذلك فى المرات القليلة التى كنت أخرج فيها من القرية لأزور أحد الأصدقاء فى قرية أخرى. كانت السرعات التى تتجاوزنى غير عادية لابد أنها تجاوزت المائة والأربعين كيلو مترا فى الساعة. تحدثت فى ذلك مع بعض الأصدقاء فقالوا لى لقد صار طريق الموت. ربما لم تقع حوادث فى المسافة القليلة التى أسير فيها بين قرية وأخرى لكن الحوادث لا تنقطع عن الطريق. دهشتى كانت وما زالت أنه لا توجد كاميرات تصور المتجاوزين للسرعة المقررة. بل على طول الطريق لا توجد لافتة واحدة بالسرعة المقررة على الأقل فى المائة كيلو متر الأولى من الاسكندرية إلى العلمين وهى المسافة التى كنت أتحرك فيها. هذا لا يعنى أن أحدا لا يعرف أن السرعة المقررة على طريق مثل هذا لن تزيد على تسعين أو مائة كيلومتر فى الساعة. كيف يجرى الناس بهذه السرعات الجبارة دون أى نوع من العقاب ؟ لماذا يُترك الناس يجرون بهذه الطريقة المجنونة على طريق صار مزدحما جدا فى شهور الصيف بسبب القرى التى يتم انشاؤها وبسبب الانشاءات فى جنوب الطريق وبسبب مدن جديدة مثل العلمين الجديدة. الطريق ليس إلا نهرين للذهاب والاياب وتختلط فيهما سيارات النقل مع الملاكى و الميكروباصات وطبعا هو ليس باتساع الطريق الصحراوى ولا حتى طريق العلمين ولا طريق الضبعة التى فيها لافتات بالسرعات المقررة وعليها كمائن وإن كانت الأكثر فاعلية على الطريق الصحراوى. الطريق الصحراوى صار أكثر أمانا بعد أن تم عزل سيارات النقل فى طريق خاص وبعد أن تم توسيعه لكن أحدا لايتجاوز السرعة المقررة وهى مائة وعشرون كيلومترا إلا قليلا وفى الأغلب يتم تصويره وإيقافه وإن كان على مسافة بعيدة ويتم تغريمه. فى الطريق الساحلى لا أحد يقوم بتغريم أحد. هذا ما لاحظته فى الذهاب والإياب وفى المرات القليلة التى خرجت فيها إليه فى زيارتى لأصدقائى. الناس للأسف لن يلتزموا بالنظام إلا بالمراقبة والتغريم لكل من فاق السرعة المقررة التى لايعرفها أحد. أتمنى أن يحدث ذلك لطريق الموت هذا.