أرجع الصيادلة اختفاء هذه الأدوية إلى السياسات التي تتبعها بعض الشركات بإنقاص أصناف معينة من الأدوية في السوق كوسيلة للضغط لرفع أسعارها. وأشاروا إلى أن تداول الأدوية في السوق بالاسم التجاري وليس الاسم العلمي للدواء، وارتفاع أسعار المواد الخام وعدم تشجيع الصناعة المحلية سببًا رئيسيًا في اختفائها. وتزامن نقص أنواع الأدوية من الصيدليات مع إصدار غرفة اتحاد صناعة الأدوية قرارها رقم 499 لزيادة أسعار 1000 صنف من الدواء، وهو ما فسره الصيادلة بأنه بسبب نقص بعض الأدوية من السوق، بالإضافة إلي استيراد المادة الخام لها من الخارج، ما تسبب في نقص المخزون منها، لعدم توافر السيولة الكافية للاستيراد، وهو ما استدعي رفع أسعار الدواء تجنباً لاحتكار الشركات للأدوية. ومن أهم الأدوية التي يعاني المريض نقصانها في السوق أدوية للكبد والجلطات وأدوية لعلاج برد الأطفال منها " الفاكيموتريبسن" لعلاج الجلطات، و"ميباكور" منشط للكبد، و"كوراسور" لعلاج ضغط الدم المنخفض، و"أوسوفالك" لحماية وتنشيط خلايا الكبد، و" بسكوبان " لعلاج اضطرابات المعدة و"تريا منيك" لعلاج نزلات البرد والسعال، و"بيرال" لعلاج الإنفلونزا و"زينوماج" فوار لعلاج أملاح الكلي والحصوات، و" سيفترياكسون "مضاد حيوي، " كورتيجين " لعلاج القيء عند الأطفال. من جانبه أكد أبانوب ممدوح "صيدلي" أن هناك عدة أصناف من الأدوية ناقصة في الصيدليات من أهمها أدوية الجلطات والكبد والمعدة وأدوية البرد للأطفال، وهو ما يدعو إلى الوقوف على أسباب تكرار هذه الأزمة والعمل علي حلها، التي من أهمها القضاء على احتكار بعض الشركات للأدوية والتي تستهدف "تعطيش" السوق من الأنواع المنتجة لها لرفع أسعار الأدوية الخاصة بها، في حين أن الدواء المحلي يباع بأرخص الأسعار مما يؤثر على أرباح الشركات المحلية. كما قال محمد ماهر مدير إحدى الصيدليات إن أزمة نقص الأدوية متكررة أي ليست مفتعلة مثلما تؤكد وزارة الصحة عند كل أزمة، مشيراً إلى أن من أسباب اختفاء الأدوية نقص المادة الفعالة التي تدخل في إنتاج الدواء نظراً لارتفاع سعر الدولار. وأكد د. أحمد فاروق رئيس لجنة الصيدليات بنقابة الصيادلة أن هناك 600 صنف من الدواء ناقص بالسوق منها أدوية للكبد مثل حقن الألبومين لمرضي تليف الكبد، و"سدنا وسي فايل" لإذابة الجلطات وهي حقن خاصة بإسعاف المريض عند بداية حدوث الجلطة ونقصانها يعد كارثة ، وحقن "انتيره" وهي حقن سريعة تعطي للأم بعد الولادة. وأضاف أن عدم توافرها يتسبب في حدوث مضاعفات للأطفال حديثي الولادة وينتج عن نقصها قصور في القلب وتلف في المخ والكبد وتسبب فقر الدم. وعن أسباب الأزمة أوضح أن نقص الدواء أو اختفاءه نتيجة لارتفاع سعر الدولار وانتشار شركات الاحتكار، ذاكراً مثالا عما يحدث من ارتفاع أسعار متكرر لعبوات لبن الأطفال بسبب عدم وجود ألبان مدعمة بالسوق نهائياً مما جعل شركات الاحتكار تستغل ذلك لصالحها وتقوم برفع أسعار عبوات لبن الأطفال أكثر من 4 مرات خلال سنة واحدة. يضيف: "نقابة الصيادلة طالبت الصحة أكثر من مرة بأن تخضع تسعير ألبان الأطفال إلي التسعير الجبري لتفادي مثل هذه الأزمات ولكنها لم تتخذ أي إجراء بخصوص هذا لشأن، موضحاً أن سوق الدواء يحتاج إلى عدة خطوات للقضاء على مشكلة اختفاء الأدوية منها أن يتم وضع سياسة تسعير جديدة لكافة أنواع الأدوية وكسر سياسة الاحتكار بالشركات وشراء الأدوية من أكثر من شركة". وأكد أهمية تداول الدواء باسمه العلمي وليس التجاري، موضحاً أنه في مصر يوجد 12 بديلا لكل نوع من الأدوية غير الدواء الأصلي الذي يحمل الاسم العلمي وبذلك لم تكن معاملة المريض مباشرة مع الدواء الأصلي وتلك من أهم الخطوات لضبط سوق الدواء، مطالباً وزارة الصحة باعتماد الاسم العلمي وليس الاسم التجاري للدواء ، وإنشاء لجنة خاصة بالصيادلة لدراسة تغيير الاسم العلمي وأخذ كافة السبل لإلغاء الاسم التجاري والأخذ بالاسم العلمي. واتفق معه في الرأي د. هيثم عبد العزيز رئيس لجنة الصيادلة الحكوميين وعضو نقابة الصيادلة أن عدم تطبيق سياسة تداول الدواء بالاسم العلمي من أهم أسباب نقص أنواع من الأدوية بالسوق، موضحاً أنه من المفترض أن الدواء يتم تسجيله وتداوله بالصيدليات بالاسم العلمي وذلك يجعل المريض يهتم بالمادة الفعالة داخل الدواء، وليس الاسم التجاري له، مشيراً إلى أنه يوجد بالسوق المصري للدواء 14 ألف صنف دوائي مسجل يصل عدد المثيل لها 40 جميعها بنفس المادة الفعالة والمحتوى والشكل الصيدلي إلا إنها تختلف في الشركة المنتجة. ولفت إلى مشكلة ارتفاع الدولار والخامات الدوائية التي تدخل في صناعة الدواء والتي تتسبب هي الأخرى في نقص الدواء بالسوق، مؤكداً أنه لابد للقضاء على مشكلات سوق الدواء أن نقوي الصناعة الوطنية والشركات الوطنية، مشيرا إلى أن قطاع الأعمال بالدولة به 8 شركات جميعها تحقق خسائر سنوية لأن أسعار الأدوية التي تحدد أقل من سعر التكلفة، لذلك فالشركات تقوم بإنتاج كميات أدوية أقل بكثير من الكميات التي تحتاجها الدولة لتغطية السوق وذلك يعطي فرصة أكثر لشركات آخري لاحتكار أنواع من الأدوية. وتابع: "لابد أن نقوم بخفض عدد الأدوية الموجودة لأن كل ذلك يمثل عبئا على سوق الأدوية، ويعطي فرصة أن يكون الدواء مجرد صفقة لشركات الأدوية لأنه ليس هناك فائدة تعود على المريض، كما لابد من أن تقوم الوزارة بسحب ترخيص أي شركة تقوم بنقص كميات الدواء الذي تقوم بإنتاجه لمدة 3 شهور وتعطيه لشركة أخرى لأن مثل هذه الأفعال من الشركات تقوم بإرباك السوق والتلاعب بالأسعار ونقص أصناف الأدوية". في السياق ذاته قال محمد سعودي وكيل نقابة الصيادلة إن قرار غرفة اتحاد صناعة الأدوية سيساعد في توفير الأدوية ويحل أزمة ارتفاع سعر الدولار، حيث إن الشركات الأجنبية كانت تحاول دعم الفرق مابين ارتفاع سعر الدولار وأسعار الأدوية ذاتها إلى أن وصل لمرحلة عدم القدرة على تعويض الفرق لذلك فهو خطوة جيدة. وشدد على ضرورة اتخاذ قرار لإعادة تسعير جميع الأدوية المخسرة التي تكلف المصري 130 مليون جنيه كل عام على أن تسير شركات قطاع الاستثمار المسعرة على نفس القواعد، ورفع سعر الدواء بما يناسب المريض المصري وبذلك نضمن توفر الدواء بالصيدليات وتربح الشركات والتوفير للمريض حيث أنه لا يضطر لشراء الدواء المستورد بسعر مرتفع نتيجة لعدم وجود الدواء المحلي. كما أكد أحمد عبيد الأمين المساعد لنقابة الصيادلة أنها ليس المرة الأولى لاختفاء أنواع من الأدوية من الصيدليات حيث أن هناك سياسات مختلفة تمارس من قبل شركات إنتاج الأدوية لإعادة تسعير الدواء، موضحاً أن الحل يكمن في إنشاء هيئة متخصصة يكون شغلها الأول والأخير هو تحديد أسعار الأدوية، مضيفًا أن جميع الأطراف تحاول تحقيق الربح فقط على حساب المريض ، وذلك نتيجة للسياسة الخاطئة سواء لتسعير الدواء أو تصنيعه.