مصر جميلة مدينة البركة المسيحية تنتظر «طلمبات» النجاة

منطقة أبو مينا الأثرية تبوح بالأسرار
منطقة أبو مينا الأثرية تبوح بالأسرار

إجراءات عاجلة لإخراج «أبو مينا» من قائمة التراث الإنساني المهدد بالخطر

 

تبدو كأطلال مدينة منسية في قلب المنطقة الصحراوية تتناثر بقايا دير أبو مينا في المنطقة الشمالية للصحراء الغربية، بالقرب من ساحل البحر المتوسط.. فعلي بعد ١٢ كم من مدينة برج العرب، غربي الإسكندرية لازالت المنطقة تبوح بالأسرار والبركة.


منطقة أبو مينا الأثرية بالإسكندرية يعود تاريخها إلي القرنين الرابع والخامس الميلاديين، ولطالما شغلت العالم قديمًا باعتبارها أهم مراكز الحج المسيحي في مصر والقبلة الثانية للحجاج المسيحيين بعد القدس الشريف، ولازالت المنطقة تحظي باهتمام محلي من وزارة الآثار ودولي من اليونسكو حتي الآن.

 

وبمناسبة الاحتفال باليوم الدولي للتراث العالمي الذي يوافق 18 إبريل من كل عام.. تعرض »الأخبار»‬ قصة الأثر الفريد، فهنا كانت تخطو قديًما أقدام آلاف الحجاج زاحفين من مختلف البلاد لزيارة قبر القديس أبو مينا العجائبي والتبرك به.. ومع مرور مئات السنوات.

 

تغيرت معالم الحياة بينما نجح الموقع في الاحتفاظ ببعض المعالم الرئيسية مما مهد لتسجيله كأثر عام ١٩٥٦م، وضمه لقائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1979، وهو الموقع الوحيد بهذه القائمة الدولية في مدينة الإسكندرية.. كما يعد الأثر القبطي الوحيد المسجل كتراث عالمي في مصر.

 

ومن الماضي للحاضر نرصد تاريخ المكان فقد كانت منطقة أبو مينا سابقًا قرية صغيرة اكتسبت شهرتها من وجود مدفن القديس مينا، وأصبحت من أهم مراكز الحج المسيحية في مصر.

 

في أواخر القرن الخامس والنصف الأول من القرن السادس الميلادي والسر هو مدفن القديس مينا، وهو مصري عاش في نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع الميلادي، وانضم إلي الجيش الروماني ثم فر من الخدمة عندما بدأ اضطهاد المسيحيين في عهد الإمبراطور «‬دقلديانوس» وأعلن مسيحيته، وبسبب ذلك صدر الأمر بقطع رأسه .. وفقًا لوزارة الآثار .


وتضم منطقة أبو مينا الأثرية منشآت عديدة ذات أغراض دينية متنوعة منها مركز الحج؛ وهو المبني الرئيسي ويقع في الجزء الجنوبي من المنطقة السكنية القديمة، ويتكون من منطقة يتوسطها فناء متسع علي شكل ميدان محاط بصفوف من الأعمدة كان يتجمع فيه الحجاج الوافدون علي المكان المقدس، وفي الجزء الشمالي من الفناء يوجد فندقان يتكونان من فناء داخلي حوله حجرات النزلاء، وفي أقصي الشمال يوجد حمامان مزودان بالمياه الساخنة اللازمة للحجاج بعد سفرهم الطويل، ويفتح الفناء القبلي علي كنيسة المدفن والبازيليكا الكبيرة .

 

أما في الحاضر فالمدينة أصبحت في قائمة التراث المهدد بالخطورة بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية لسنوات طويلة وخاصة قبر مارمينا العجائبي، نظرًا لطبيعة المكان الذي يحيط به المزارع في كل مكان مما أدي إلي غرق أجزاء منه في مياه الصرف الزراعي لينتقل لقائمة الحمراء للتراث العالمي المهدد بالشطب.


ووفقًا لما أكده د.خالد العناني وزير الآثار خلال زيارته الأخيرة للإسكندرية فإن منطقة أبو مينا الأثرية تأتي علي رأس الموضوعات التي تناقشها اللجنة القومية لمواقع التراث العالمي التي أمر بتشكيلها الرئيس «‬عبدالفتاح السيسي»، مؤكدا أنه تم اتخاذ خطوات جادة من أجل الحفاظ علي الموقع الموضوع علي قائمة اليونسكو للتراث العالمي المهدد منذ 18 عامًا، بسبب ارتفاع نسبة المياه الجوفية حيث التعاقد علي طلمبات بـ ١٥ مليون جنيه من المقرر وصولها خلال 4 أشهر، إضافة إلي تسديد 20 مليون جنيه لإنشاء آبار جديدة. 

 

ولفت موقع اليونسكو إلي أنه سوف يتم تركيب 170 طلمبة لرفع المياه ، وأكد خبراء اليونسكو ضرورة اعتماد نهج متعدد التخصصات والتنسيق بشكل وثيق مع قطاع الزراعة والري من أجل تعديل أنظمة الري للأراضي الزراعية بالموقع وحوله.

 

من جانبه أوضح محمد متولي مدير الآثار الإسلامية والقبطية أن مواصفات الطلمبات هي قدرتها علي تحمل الملوحة العالية التي تعد السمة الأساسية للتربة والمياه هناك، مؤكدًا أنه يتم حاليا تنفيذ خطة موازية لتنظيف وتعميق وتطهير المصارف المحيطة المنطقة الأثرية بالتعاون مع وزارة الري ومحافظة الإسكندرية، بجانب ترميم بعض الشواهد الأثرية التي عثر عليها .