حوار| والد محمد الدرة: لم يقف معي أحد .. وبدون مصر لن تكون هناك أمة عربية

محمد الدرة ووالده
محمد الدرة ووالده

جمال الدرة: لن أنسى ما حدث ولو مرّ 100 عام

لو قُتل طفلٌ إسرائيليٌ واحدٌ لقامت الدنيا على الشعب الفلسطيني

الجيش المصري وقف للمخططات الصهيونية والأمريكية في سيناء

قرار ترامب «الأرعن» بشأن القدس لن يكون إلا في مزبلة التاريخ

 

 

"لا تطلق الرصاص"، صيحةٌ خرجت من حنجرة فلسطينيٍ اسمه جمال الدرة، وهو يحاول أن يمنع يدًا لم تعرف إلا القتل والغدر من أن تقترف لتنال من فلذة كبده، محمد الدرة، لكن هذا لم يجدِ نفعًا مع أيادٍ آثمةٍ صوبت رصاص أسلحتها صوب طفلٍ فأردته صريعًا بين أحضان أبيه، مرتقيًا عند ربه شهيدًا، وأيقونةً خالدةً في فلسطين، لم يمحَ ذكرها رغم مرور نحو 18 سنةً.

 

محمد جمال الدرة، طفلٌ فلسطينيٌ قضى نحبه على ثرى أرضٍ ورثها عن آبائه وأجداده، وهي ستظل كذلك سرمدًا، وستظل قضيتها في نحور وقلوب من يأتي من أبنائها من بعده، مهما حاول الغاصبون أن يغيروا ذلك بقوة السلاح، فقبل شهيدًا على أرضها.

 

بوابة "أخبار اليوم" اتصلت هاتفيًا بجمال الدرة، والد الشهيد محمد الدرة، وأجرت معه الحوار التالي.

 

  • في البداية .. ما شعورك الآن بعد مرور نحو 18 سنة على استشهاد محمد الدرة؟

 

18 عاما مرت وكأن الحدث حدث الآن، أنا كنت مع محمد في مكان الجريمة، وكنتُ أدافع عن ابني بكامل جسدي وأُصيبت بعدة عيارات نارية، هذا شيء لا أستطيع نسيانه حتى ولو مرت مائة عام عليه، فأنا إلى الآن لم أتعافَ من الطلقات النارية التي أُصبت بها في ذلك الحادث.

 

  • ذكرت من قبل أن مقاضاة إسرائيل دوليًا لا تزال تعتريها صعوبات .. إلى أي مدى وصلت تلك القضية؟

 

القضية كانت في فرنسا بسبب ادعاءاتٍ صهيونيةٍ بأن اغتيال محمد الدرة لم يحدث، وأنه لا يزال حيًا يرزق، ولقى هذا الكلام تأييدًا في فرنسا، وزعموا أن الشريط الذي يتناول استشهاد محمد الدرة مفبركٌ.

في هذه القضية، لم يقف معي أي شخص، ولم يدعمني أي شخصٍ فلسطينيٍ أو عربيٍ أو من السلطة الفلسطينية، فلم يقف معي أحدٌ إلا الله.

 

  • ماذا حدث بشأن هذه القضية؟

 

وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ضدي، ورُفعت القضية إلى المحكمة العليا في فرنسا، وللأسف لم أستطع مواصلة التقاضي ضد الاحتلال، لعدم القدرة المالية على انتداب محامين مخصصين لذلك الأمر، ووقتها ناشدت الجميع بالوقوف إلى جانبي، ولكن تم التخاذل معي ولم أعرف ما السبب في ذلك.

 

  • ماذا كانت تمثل لك تلك القضية؟

 

قضية محمد هي قضية شعب فلسطيني، إنها قضية وطن يُرتكب بحقه المجازر من قبل الكيان الصهيوني، فلماذا لا نتكاتف نحن كأمةٍ عربيةٍ لمقاضاة إسرائيل فيما ترتكبه من مجازرٍ بمباركةٍ أمريكيةٍ، ونقوم برفع قضايا ضد هذه المجازر والانتهاكات.

ولا ننسى أيضًا المجزرة التي ارتكبها الكيان في حق الشعب المصري في مدرسة بحر البقر، فنحن أمةٌ واحدةٌ، يجب أن نقف للمساعي الأمريكية التي تود أن تحاكم كل العرب في المحكمة الجنائية الدولية.

 

  • هل تشعر أن تناول القضية الفلسطينية عربيًا تغير من عام 2000 وقت استشهاد محمد الدرة واندلاع الانتفاضة والوضع الآن؟

 

وقت استشهاد محمدن كانت الدول العربية معافاة، ولم تكن بها نزاعات، وأنا نوهت من اليوم الأول للغزو الأمريكي للعراق إلى أن ما يدور حاليًا هو مخطط صهيو أمريكي، فنحن نعيش مع هذا الكيان الصهيوني ونعرف نواياه.

الكيان الصهيوني يريد تدمير 3 دول عربية، هي مصر وسوريا والعراق، فبدأوا بالعراق التي دُمرت ونُهبت ثرواتها، والآن سوريا دُمرت أيضًا، ونرى حاليًا التدخل الصهيو أمريكي لضرب الشعب السوري في بلاده.

ونحمد الله بأن مصر والشعب المصري والجيش المصري وقفوا لتلك المخططات الصهيو أمريكية في سيناء.

وكل هذا أتى على حساب القضية الفلسطينية، إضافةً إلى الانقسام الفلسطيني الفلسطيني.

 

  • إذًا أن ترى أن الانقسام القائم بين حركتي فتح وحماس أثر على مسار القضية الفلسطينية.. أليس كذلك؟

 

نعم بالتأكيد، فالمولى عز وجل في كتابه يقول "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا"، ونحن الآن متفرقون ولسنا متوحدين.

 

  • هناك وساطة مصرية للمصالحة بين حركتي فتح وحماس، ولكن هناك أحاديث عن وجود صعوبات حالية للتوافق بين الجانبين .. ما رأيك؟

 

في البداية نحن نثمن الدور المصري قيادةً وشعبًا، والدور الذي تقوم به "المحروسة" في هذا الأمر، وعبر تاريخ فلسطين الشعب المصري همه القضية الفلسطينية.

أما بخصوص المصالحة لا بد منها، فالشرط الوحيد لجعل مسار القضية الفلسطينية على الطريق الصحيح هو وحدة كل القوى السياسية الفلسطينية.

 

  • هل أسرة جمال الدرة تنتمي لحركة فتح أم حماس؟

 

لا ننتمي لهذا أو لذاك، نحن توجهنا ليس لأي فصيل، إنما توجهنا هو القضية الفلسطينية، وهي قضيتنا المركزية، أما الانتماء لتنظيم بعينه قد يحرف مسار القضية الفلسطينية لدى البعض.

 

  • كيف ترى العلاقة الأزلية بين مصر وفلسطين؟

 

فلسطين هي العمق الأمني لمصر، فإن لم يكن هناك استقرار في فلسطين، لن يكون هناك استقرار في مصر، ونحن لا ننسى شهداء الشعب المصري الذين دافعوا عن فلسطين منذ عام 1948، ولدينا مقابر للشهداء المصريين في فلسطين، كما أننا لا ننسى ما قام به جمال عبد الناصر دفاعًا عن القضية الفلسطينية.

 

  • فلسطين الجمعة قبل الماضية فقدت طفلًا شهيدًا يُسمى فارس السرجاني عمره من عمر محمد الدرة.. ماذا تقول لذويه وأنت عشت هذه اللحظات قبل 18 سنة؟

 

أنا شاهدٌ على ما يجري على الحدود، وهذا الكيان يقوم عامدًا متعمدًا بقتل الأطفال، ولو كان هذا الطفل إسرائيليًا لقامت الدنيا على الشعب الفلسطيني، أنا أشعر بأن كل طفلٍ فلسطينيٍ يُقتل بأنه هو محمد الدرة، هؤلاء هم درر فلسطين، وأطفالٌ فلسطينيون كثر تم قتلهم خلال مسيرات العودة الكبرى.

 

وبالأمس خلال مسيرات العودة الكبرى كان هناك 11 شهيدًا، من بينهم أحد جيراني بمخيم البريج الذي أُقيم فيه، وأنا قبل أن أتحدث إليك كنت أقوم بواجب العزاء لجيراني في شهيدهم.

 

  • بعيدًا عن مسيرات العودة الكبرى .. كيف ترى قرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل؟

 

قرار ترامب الأرعن بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، لن يكون إلا في مزابل التاريخ.

 

  • لو طلبت منك أن توجه رسالةً أخيرة للفلسطينيين والعرب كل على حدة.. ماذا تقول؟

 

رسالتي لأمتي العربية..  أنني أتمنى لها أن تتعافى بقيادة الأم مصر، وبدون مصر لن تكون هناك أمة عربية، وأقول ذلك لإخواني المصريين حينما أسافر إلى مصر.

 

أما رسالتي للشعب الفلسطيني.. أنني أتمنى أن ينتهي الانقسام، وأن نتوحد ضد المخططات الصهيونية، وأن نستمر قدمًا في مطالب حق العودة، وأن نتوحد ضد أمريكا.