«المرضى النفسيون».. «قنابل موقوتة» في شوارع المحروسة

«المرضى النفسيون».. «قنابل موقوتة» في شوارع المحروسة
«المرضى النفسيون».. «قنابل موقوتة» في شوارع المحروسة

•    8 ملايين مصري يعانون من اضطرابات نفسية.. و18% ينفذون جرائم
•    4 جرائم بشعة هزت مصر.. أخرهم «مذبحة نجل المرسي أبوالعباس»
•    «فرويز»: 17% من المصريين مصابون باضطرابات نفسية.. و«مهدي» تطالب بحل عاجل
•    قصص وحكايات من «عنبر العباسية».. ومصدر بالمستشفى: لا أحد هنا يفلت من العقاب

 

جرائم كثيرة ترتكب في المجتمع المصري، وتثير الرأي العام على مدار السنين تحت مسمى «المرض النفسي»، بعضها تعلق ما بالقتل العمد والذبح، وأخرى وصلت إلى إشعال الحرائق والاغتصاب، إلا أن بعض منفذيها يتشبثون بقشة «الجنون» للإفلات من العقاب.

 
عدد المرضى النفسيين

 

وكشفت بحث علمي أجراه المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية مؤخرًا، ارتفاع نسبة المرض النفسيين في مصر، حيث وصلت إلى 14% بين البالغين، لتصل أعدادهم إلى أكثر من 8 ملايين شخص يعانون من اضطرابات نفسية، مؤكدًا أن 60% من المصابين بالأمراض النفسية يفكرون في الانتحار، بالإضافة إلى أن 18% ينفذون جرائم، ما يدق ناقوس الخطر حول هذا النوع من الجرائم.

 
نجل فنان شهير

 

وقياسًا على ذلك، شهد العام الجاري 2018، عدد كبير من هذا النوع من الحوادث، نرصد أبرزها في السطور التالية:

 

أخر تلك الجرائم، كان بطلها نجل الفنان المرسي أبو العباس، الذي أقدم على قتل أسرته المكونة من زوجته وابنتيه ببولاق الدكرور، ووضع خطة لإبعاد الشبهات عن نفسه، تمثلت في اختياره وقت مباراة مصر وروسيا في بطولة كأس العالم لتنفيذ الجريمة، متيقنًا أن ذلك الوقت سيكون مناسبًا لتنفيذ جريمته حيث ينشغل الجميع بالمباراة، وكذلك عمل على إبعاد الشبهات عنه بإخفاء مبلغ قيمته 340 ألف جنيه، حتى يبدوا للأجهزة الأمنية أن الدافع وراء ارتكاب الجريمة هو السرقة وليس القتل.

 

وخلال التحقيقات، قال المتهم إنه قتل زوجته وأولاده بعد خسارة ثروته في البورصة، ومروره بضائقة مالية، زاعمًا أنه كان يخشى عليهن المعاناة من الفقر، مما دفعه لقتلهن، مضيفًا: «خوفت عليهم من الجوع، أنا تعبان نفسيًا، وكنت خايف عليهم».

 
أسرة المنيا

 

ويضم سجل جرائم «المرض النفسي»، مواطنًا ذبح 2 من أبنائه وأصاب زوجته ونجله الأخر، بإحدى قرى محافظة المنيا، إلا أن الأجهزة الأمنية نجحت في ضبطه.

 

وأثناء خضوع المتهم للتحقيقات أمام النيابة، قال إنه يعاني من حالة نفسية، نتيجة أنه ملبوس بالجان منذ فترة، متابعًا: «ذبحتهم بأمر الجان».


 

جريمة البراجيل.. ضحيتها الأطفال

 

أما منطقة البراجيل في الجيزة، فشهدت جريمة بشعة، حيث ذبح أب أطفاله الثلاثة بسكين حادة داخل شقته منذ عامين، انتقاما من زوجته التي هجرت منزل الزوجية.

 

وقرر المتهم أنه ارتكب جريمته حتى يحرق قلب زوجته على أطفاله الثلاثة ورفض ذبحها حتى يتركها لعذاب الضمير والأمومة.
 

عجوز بني مزار

 

وفي 2015، قتل مريض نفسي بمركز بني مزار بمحافظة المنيا، والدته العجوز بسبب «حلم» حثه على ارتكاب الجريمة.

 

وأقر الابن بارتكابه الجريمة، بلف سلك كهرباء حول عنق والدته العجوز لتكرار رؤية والده المتوفى في المنام يطالبه بقتل والدته؛ لأنها السبب في وفاته، فضلًا عن محاولته قتلها 3 مرات من قبل لكنه فشل.

 

الدوافع النفسية السبب

 

وتعليقًا على سبب زيادة جرائم المرضى النفسيون خلال الفترة الحالية، قال د. جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إن هناك 3 دوافع نفسية تتسبب في ارتكاب الجرائم، وهي إصابة الشخص بمرض انفصام الشخصية، وكذلك الهلاوس السمعية، والاكتئاب.

 

وأضاف «فرويز» في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن مريض الاكتئاب يرى الحياة سوداء، ولا شيء فيها يستحق الحياة، فينفذ الجريمة بقتل أي فرد يضايقه ثم يقتل نفسه، متابعًا: «وأحيانا هناك حالات مصابة بالمرض العقلي،  فيمشي المريض وراء الهلاوس، وكذلك الهوس، فيكون في أعلى معدلات الاضطراب النفسي، وهنا قد يرتكب المريض جريمة قتل، وهذا الأمر ينطبق على مريض الصرع».

 

وكشف أستاذ الطب النفسي أن 17% من المصريين مصابون باضطرابات نفسية، ما قد تدفعهم لارتكاب جرائم بسبب الضغوط الحياتية والظروف الاجتماعية والسياسية، مستطردًا: «والمخدرات أيضًا ساهمت في زيادة نسبة الأمراض النفسية والعقلية»، مشيرًا إلى أن المجرم المريض «معذور»، ومن الضروري علاجه وإخلاء مسئولية الجريمة عنه.

 
ثغرة الإفلات من العقاب

 

وتابع: «هناك جرائم المرض النفسي فيها بريء، وهى الجرائم التي يستغل فيها المجرم، المرض النفسي أو العقلي للإفلات من العقوبة»، مشيرًا إلى أن مستشفى العباسية تتضمن عنبرًا لتلك الفئة.

 

وأوضح أن بعض المجرمين يستغلون تلك الثغرة في الإفلات من العقاب، إلا أن من ينجح في ذلك قليلون جدًا، مرجعًا ذلك إلى يقظة الأطباء النفسيين المشرفين على الحالة، موضحًا أن مرتكب الجريمة يقبع تلك الملاحظة 24 ساعة للتأكد من إصابته بالجنون الذي دفعه لارتكاب الجريمة، لافتًا إلى أن تلك الفئة لا تزيد نسبتها عن 7%.

 

 
عنبر العباسية

 

وبالنسبة للعنبر الأحمر بمستشفى العباسية -الذي تحدث عنه «فرويز»- فهو مخصص لمرتكبي الجرائم المرحلين من السجون بعد تأكيد إصابتهم بأمراض نفسية، ورصدت «بوابة أخبار اليوم» المبني الخاص بهم والملون بالأحمر.

 

وأكدت مصادر بالمستشفى أن هذا المبني لا يسع إلا المرحلين من المحاكم المصرية من المتهمين في مختلف القضايا وأبرزها القتل، للكشف عن سلامة قواهم العقلية والنفسية، ومن ثم إمكانية الحكم عليهم في القضايا المتهمين فيها، لافتًا إلى خضوع الجميع لاختبارات طبية معينة لقياس صحة مرضهم من عدمه.

 

وذكرت المصادر :«أن الكل في عنبر المتهمين في العباسية تحت الملاحظة، ولا أحد يفلت من العقاب بداعي المرض النفسي».

 

أرقام متضاربة


ومن جانبها أكدت د.عفاف حامد، أخصائي الطب النفسي، أن  مصر لا تستطيع تحديد عدد المرضى النفسيين بشكل دقيق بسبب الثقافة المتواجدة في مصر لأنه يوجد العديد من المصابين بهذه الأمراض لا يستطيعون الإفصاح عن نفسهم لشكلهم الاجتماعي داخل المجتمع ويوجد حوالي ما يقرب من 26 مستشفى نفسي على مستوى الجمهورية بالإضافة إلى العيادات النفسية المتواجدة في المستشفيات الكبرى ومراكز الطب النفسي في الجامعات وكلها على حدة لذلك يصعب عمل مثل هذه الإحصائية داخل مصر .


 الحل.. والعلاج

 

وبالنسبة للجانب الاجتماعي للظاهرة، رأت د.زينب مهدي، استشاري الصحة النفسية، أن منظمة الصحة النفسية أكدت أن تكلفة مرض الاكتئاب أعلى تكلفة علاجية بعد مرض القلب، وأن الضغوط الحياتية والنفسية المستمرة والحالة الاقتصادية تزيد من حالات الاكتئاب التفاعلي، والذي هو نتيجة وجود أسباب معينة ويزول بمجرد زوال السبب.

 

وأكدت «مهدي» لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن مصر لم تستطيع تحديد عدد المرضى النفسيين بشكل دقيق، لأنه يوجد العديد من المصابين بهذه الأمراض لا يستطيعون الإفصاح عن نفسهم لشكلهم الاجتماعي، وبينهم مرضى يرتكبون جرائم وكوارث.

 

وأضافت في نهاية حديثها: «لابد من وقفة، ودعم حقيقي للمرضى من مرتكبي الجرائم، بينما توقيع عقوبة شديدة لمن يحاولون الإفلات من العقاب تحت هذا الداعي».