حكم تخلي الأب عن مسؤولياته المادية| «الإفتاء توضح»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

أصبحت مسألة هروب الرجال من المسئولية منتشرة بشكل كبير، خصوصًا في الأعوام الأخيرة، ملقيًا بالمسئولية على الزوجة.

وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، ردًا على سؤال نصه: «ما حكم هروب الأب من البيت؛ حتى لا يتحمل مسؤولية الإنفاق على الزوجة والأولاد، وتربيتهم كذلك، ملقيًا بالمسؤولية كاملةً على الزوجة؟»، إن الله شرع الزواج لحكم سامية.

وأوضح أن من هذه الحكم، إعفاف النفس، وتحصيل الذرية الصالحة، وحتى تستكمل البشرية مسيرتها التي قدرها الله تعالى لها في الحياة الدنيا، فيقوم الإنسان بخلافة الله تعالى في الأرض، ويعمرها بطريقة واضحة آمنة غير محرمة، وهو ما ورد في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}.

واستشهد بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من أحاديث ترغِّب في الزواج؛ منها ما رواه ابن ماجه عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي، وَتَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ، وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ».


واستكمل إجابته، بأنه لا شك أنَّ كلا الزوجين عليهما مسؤولية تجاه بعضهما البعض، ومسؤولية تجاه أبنائهما كذلك؛ فقد روى الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مسؤولةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ».

وأضاف أن القوامة التي جعلها الله تعالى للرجل على المرأة في قوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾، إنما هي: قيامه بالنفقة والرعاية، 

وأوجب الله تعالى للأبناء على الأب حقوقًا منها: النفقة عليهم، ورعايتهم، وتعهدهم بالتربية والنصح.

وأشار إلى أن الشرع أجاز للمرأة التي لا ينفق عليها زوجها أن تأخذ ما يكفيها وولدها، وأن تتقي الله فلا تأخذ إلا ما هو حد الكفاية بلا زيادة؛ لأنها مؤتمنةٌ على هذا المال، وراعية في بيت زوجها كما تقدم.

وأنهى رده، بأنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأبنائه يسرًا أو عسرًا، وأن يتابعهم بالرعاية والحماية والتأديب والنصح، وأن يحسن معاشرتهم، وإذا تخلى عنهم بالكلية وترك بيته هربًا من واجبه تجاههم يكون آثمًا شرعًا، وللزوجة حينئذٍ أن تطلب من القاضي فرض نفقتها ونفقة أولاده القصر على زوجها بأنواعها الثلاثة: المأكل، والملبس، والمسكن، وإن ثبت إعساره أذن لها القاضي بالاستدانة من الغير على حساب زوجها ويصير ذلك دينًا في ذمة الزوج.