حكايات| أسرار مملكة «النعام».. الذكر يرقد على البيض

فرخ النعام
فرخ النعام

في حضرة «النعام»، يصبح الذهول سيد الموقف، وتتوقف الأعين لفترات أمام ما تراه، ولا يخلو المشهد من كوميديا طفولية، لطائر احتفظ لنفسه بسمات واسعة من «الغباء»، وبجناحين ملائكيين يخطف الأنظار، ثم تأتي حلاوة طعمه لتترك بصمة على اللسان لا تضل طريقها أبدًا.
 

رغم اختفائه من أرض مصر لسنوات طويلة، إلا «النعام» حين عاد لدخول المحروسة في مزارع المربين، قبل 22 عامًا، استعاد تفاصيله الفرعونية التي تحتفظ بها جدران معابدهم، وبألوانه الزاهية، فالأحمر يزين رقبته الطويلة، والأزرق اتخذ من ساقيه مستقرًا، وبينهما احتفظ الريش بالأسود الذي يغزوه اللون الأبيض من حين لآخر.


ولكونه كائن استوائي، يحتفظ «النعام» بقدرة مميزة على تحمل الحرارة العالية، والتأقلم في أي بيئة؛ بل يظل محتفظًا بقدرة على مقاومة الأمراض لمناعته القوية.

ا
حتفاظ «النعام» بسمة الغباء لم يمنعه من القدرة على التعبير عن نفسه؛ حيث يتسم بأنه كائن اجتماعي لديه خصوصية مع أنثاه، غيور عليها، لا يسمح لأي ذكر أخر بالاقتراب منها، لذلك يحرص أصحاب مزارع النعام على وضع ذكر واثنين من الإناث معا، أو ذكرين وأربع إناث لضمان خصوبة عالية وتوزيع عادل في الطعام، ولتفادي وجود منافسة على الإناث.


ولا يتخلى النعام عن «الشراسة»، فإذا اقترب أي شخص من مكانه المخصص يهاجمه كما يلقي ضربات مميتة للأعداء، تصل إلى مستوى الركلات الأمامية «المؤذية».

 

اقرأ حكاية أخرى: «فياجرا الدمايطة».. قصص المُتعة مع الشبار الأخضر


كل الأشخاص أمام هذا الطائر «سواسية»، سواء أكان زائرًا أم مربيًا أم مشتريًا، لأن ذاكرته تكاد تصل إلى مرحلة الصفر؛ لأن جهاز تخزين المعلومات لديه مساحته قليلة جدًا، ولا يستطيع أن يحدد أصحابه الدائمين على زيارته.


وحدة الشراسة تتزايد، خلال موسم التزاوج، خصوصًا مع نهاية شهر يناير إلى أكتوبر، فيما تقوم أنثى النعام بوضع 50 إلى 60 بيضة في موسم التزاوج، ويتناوب ذكر النعام الراقد على البيض مع الأنثى لمدة 42 يومَا تقريبًا، فيما يقوم الذكر بحفر وتأهيل العش للكتاكيت الحديثة.

 

 

 


ومن الممتع أيضًا أن ذكر النعام يتولى بنفسه تجهيز عش البيض للأنثى؛ بل ويتناوب مع الأنثى الرقود عليه، والمفاجأة أن فترات رقاد الذكر أطول من الأنثى.


بمناعة قوية ينتزع «النعام» الصدارة بين الطيور في مقاومة الأمراض، وخاصة أنفلونزا الطيور، والمفاجأة أنه خلال تربيته لا يتناول الأدوية والمضادات الحيوية، ورغم ذلك قد يصاب هذا الطائر ببعض الأمراض، نتيجة سوء التغذية والعدوى، ويعتبر مرض النيوكاسل من أخطر الأمراض التي تصيب النعام.

 

بين ثلاث ألوان، تحدد الرقبة نوع النعام، «الأحمر، والأسمر، والأزرق»، ويعتبر نوع النعام الأسمر الرقبة من أفضل أنواع النعام في التربية؛ حيث يتمتع بطبع هادئ، فيما يكون النعام ذو الرقبة الحمراء الأكثر الشراسة، ويهاجم دائما كل من يحاول الاقتراب منه، ويظل الأسمر صاحب المذاق الخاص.


اقرأ حكاية أخرى: توم وجيري.. كارتون فرعوني سبق «ديزني» بآلاف السنين


لحم النعام وبيضه يختلفان كثيرًا عن باقي أنواع الطيور؛ إذ يحتوي لحمه على نسبة أعلى من البروتين والحديد ونسبة أقل من الدهون والكولسترول مقارنة بباقي اللحوم، ومع إتباعه «حمية غذائية» تحتفظ لحومه بأقل نسبة سعرات حرارية بين جميع اللحوم الأخرى.


ولا يعطي النعام مذاقًا مميزًا إلا إذا تم شويه على نار هادئة؛ حيث يتم تتبيل اللحم ببصل وتوابل ويترك لفترة قليلة ويبدأ الشوي،  ولا يقبل أي طريقة أخرى للطهي لأنه سريع التسوية. ومن المستحيل أن يتم سلق لحم النعام في ماء ساخن؛ لأنه بمجرد وضعه بالماء الساخن لمدة 7  دقائق يصبح جاهزًا للتناول.


ومع قشرة بيض النعام السميكة جدًا  - قد تصل إلى نص سينتمتر - يتم ثقب البيض وتفريغ المحتوى الداخلي في كيس بلاستيكي مخصص للطهي، ويتم ربطة الكيس جيدًا ووضعه في ماء ساخن حتى يتم السلق، ورغم رائحته القوية والنافذة إلا أنه يمكن السيطرة عليها بتنوع طريقة الطهي، كالعجة أو  البصل والطماطم مع وضع العديد من التوابل للسيطرة على الرائحة.