«مساجين الصحافة» عنوانٌ بارزٌ في صفحة «أردوغان»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قضت محكمة تركية اليوم الجمعة 16 فبراير، بسجن ستة صحفيين مدى الحياة، في أعقاب اتهامهم بمساعدة شبكة فتح الله جولن، المتهمة بالضلوع وراء الانقلاب العسكري الفاشل في منتصف يوليو عام 2016.

ارتباط اسم المتهمين بفتح الله جولن باتت التهمة الملصقة بأي شخصٍ في تركيا، وبالطبع أضحى الصحفيون في وضعيةٍ صعبةٍ جراء تلك الاتهامات التي تُعرضهم لأقسى أنواع العقوبات في البلاد.

ووجهت المحكمة إلى الصحفي وأستاذ الاقتصاد محمد ألتان (65 عامًا) وشقيقه أحمد (67) الذي يعمل صحفيًا أيضًا، اتهامًا ببث رسائل مشفرة في برنامج حواري تلفزيوني قبل يومٍ من محاولة الانقلاب في 15 يوليو عام 2016.

كما حكمت المحكمة ذاتها أيضًا بالسجن مدى الحياة على الصحفية المعروفة ناظلي اليجاق (74 عامًا)، وكذلك بحق ثلاثة صحفيين آخرين بتهمة محاولة الإطاحة بالحكومة المنتخبة خلال محاولة الانقلاب العسكري الفاشل.

وحكم السجن مدى الحياة هو أشد عقوبة يمكن توقيعها في بلاد الأناضول، حيث ألغت البلاد تطبيق عقوبة الإعدام بدءًا من عام 2003 في مساعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي.

سجن لرئيس تحرير سابق

وهذه ليست الحالة الأولى التي يتم توقيع حكمٍ مشددٍ تجاه صحفيين، ففي شهر يونيو الماضي، طال أحد أعضاء البرلمان التركي المنتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض (حزب علماني أسسه مصطفى كمال أتاتورك)، وهو أنيس بربر أوغلو ، حكمًا بالسجن لمدة 25 عامًا، لاتهامه بنشر معلوماتٍ مخابراتية إبان توليه رئاسة تحرير إحدى الصحف التركية، وهي صحيفة "جمهورييت".

ولم يشفع الموقف الذي قام به رئيس حزب الشعب الجمهوري ،كمال قليجدار أوغلو، مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أثناء محاولة الانقلاب بعدما دعم الرئيس التركي ورفض الانقلاب العسكري ضده، لتجنيب نائب البرلمان عن الحزب ويلات السجون وهو الموقف الذي اُتهم بسببه قليجدار أوغلو من قبل المعارضة التركية فيما بعد بالتساهل مع الرئيس التركي.

رئيس الحزب الجمهوري قاد حينها مسيرة شعبية للمعارضة التركية من أنقره إلى محبس بربر أوغلو قرب اسطنبول، استمرت نحو سبعة عشر يومًا، واصفًا الرئيس التركي بالديكتاتور المستبد، الذي بدوره وصف مسيرات المعارضة بالمسيرات الإرهابية.

السجن الأكبر للصحفيين في العالم

ويصف الصحفي التركي المعارض جان دوندار بلاده بالسجن الأكبر للصحفيين في العالم، وهو تصريحٌ يتماشى مع تقرير صادر في نهاية عام 2016 عن لجنة حماية الصحفيين ،وهي منظمة أمريكية غير حكومية، يكشف عن أن نحو ثلث الصحفيين المحتجزين داخل السجون في العالم أجمع يتواجدون في تركيا.

وتقول المنظمة إن السجون التركية تستقبل نحو 81 صحفيًا تركيًا من إجمالي 259 صحفيًا محتجزين من جميع أنحاء العالم، حيث توجه لهم السلطات التركية اتهاماتٍ تتراوح بين الضلوع وراء الانقلاب العسكري ضد أردوغان أو الانضمام لجماعات إرهابية ذات صلة بشبكة رجل الدين فتح الله جولن، أو نشر وثائق سرية، أو الإساءة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، و التي جعلتها السلطات التركية أحد الجرائم الموجهة للصحفيين، وفقًا للتقرير الصادر عن المنظمة الأمريكية.

و تطرق التقرير للحديث عن الإجراءات الحكومية التعسفية التي اُستخدمت للتضييق على عمل الصحافة في تركيا، والتي من بينها إغلاق أكثر من مائة وسيلة إعلامية خلال شهرين فقط من محاولة الانقلاب الفاشلة.

وتعيش الصحافة التركية أوقاتٍ عصيبةً، كغيرها من المجالات المختلفة التي طالتها أيدى السلطات التركية، بعدما كشف أردوغان عن وجهٍ آخر غير الذي كان يظهر به قبل محاولة الانقلاب، فراح يسجن ويُنكل بكل ما هو معارضٌ له بدعوى الحرب على الإرهاب.