يحيي العالم السبت ٢ أبريل اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد 2016، تحت شعار "التوحد وجدول أعمال 2030: الشمول وتنوع النظام العصبي"، حيث سيضع الاحتفال هذا العام نصب عينيه سنة 2030 لتنفيذ الأهداف العالمية الجديدة، بما يحسن من حياة مرضى التوحد.

يشكل التوحد وغيره من أشكال الإعاقة جزءا من التجربة الإنسانية التي تسهم في التنوع الإنساني، وعلى هذا النحو، فقد أكدت الأمم المتحدة على الحاجة إلى تعميم مراعاة مسائل الإعاقة في خطة التنمية للمنظمة، وفي جدول المنظمة للتنمية يتطلب ذلك التعميم تكامل النهج في تصميم السياسات والبرامج وتنفيذها ورصدها وتقييمها في أطر اجتماعية واقتصادية وسياسية، بما يحقق القضاء على التفاوت.

وفي سبتمبر 2015، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جدول أعمال التنمية المستدامة لعام 2030، الذي يشتمل على 17 هدفا من أهداف التنمية المستدامة، تنطوي على 169 مقصدا.

وجاءت الإشارة إلى الإعاقة، والأشخاص ذوي الإعاقة، واضحة جدا في الهدف 4 المتعلق بجودة التعليم، والهدف 8 المتعلق بالعمل الملائم والنمو الاقتصادي، والهدف 10 المتعلق بالتقليل من التفاوت والتباين، والهدف 11 المتعلق بالمدن والمجتمعات المحلية المستدامة.

وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلي أن عدد المصابين بالتوحد وصل إلي 67 مليون مصاب، وتتزايد هذه النسبة حول العالم.

وكانت الجمعية العامة، في ديسمبر2007، قد حددت بموجب قرارها 139/62، يوم 2 أبريل بوصفه اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، لتسليط الضوء على الحاجة إلى تحسين حياة الأطفال والبالغين الذين يعانون من هذا المرض، بما يكفل لهم حياة كريمة.

وقال بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة وجهها بهذه المناسبة أن "هذا العام يصادف الذكرى العاشرة لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وفي هذا اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، أدعو إلى النهوض بحقوق التوحديين وضمان مشاركتهم وإدماجهم بشكل كامل باعتبارهم أعضاء مقدرين في أسرتنا البشرية المتنوعة يستطيعون الإسهام في مستقبل يتيح العيش بكرامة والفرص للجميع".

يذكر أنه برغم مرور 73 عاماً على أول تشخيص لاضطراب التوحد، على يد الطبيب الأمريكي ليو كانر عام 1943، ما زال هذا المرض الأكثر غموضاً بين الاضطرابات العصبية والذهنية لدى الأطفال، لا سيما مع عدم التوصل للأسبابه الحقيقية أو لوسائل علاجه.

ويعرف اضطراب التوحد، بحسب الدليل التشخيصي الإحصائي، على أنه "حالة من القصور المزمن في النمو الارتقائي للطفل، يتميز بانحراف وتأخر في نمو الوظائف النفسانية الأساسية المرتبطة بنمو المهارات الاجتماعية واللغوية، وتشمل الانتباه، والإدراك الحسي، والنمو الحركي".

وتبدأ هذه الأعراض خلال السنوات الثلاث الأولى، ولم تكتشف حتى الآن العوامل النفسية والبيئية المسببة لها، بل يغلب الظن بأن العوامل المسببة ذات جذور عضوية في المخ والجهاز العصبي المركزي، ويوجد أنواع مختلفة من التوحد، وتختلف أعراض المرض من طفل إلى آخر، لهذا السبب يقال بوجود اضطرابات طيف التوحد.

إن التوحد يصيب الأطفال من كل الأعراق والقوميات، وبعض المصابين البالغين يستطيعون العمل وإعالة أنفسهم. لكن البعض الآخر يكون في حاجة إلى الكثير من المساعدة، لاسيما أولئك الذين تضررت لديهم العمليات الذهنية أو الذكاء، أو الذين لا قدرة لهم على الكلام أو التواصل.

إن نوعية الحياة التي يعيشها الطفل المصاب بالتوحد في مراهقته وبلوغه تتوقف على: التشخيص المبكر للمرض، وشدة التوحد، وكثافة المعالجة الشخصية التي يتلقاها الطفل، ومن خلال التشخيص المبكر والمعالجة المركزة، تتحسن قدرة معظم أطفال التوحد على إقامة العلاقات مع الآخرين، وعلى التواصل وخدمة أنفسهم عندما يكبرون، ويمكن أن يصاب الأفراد الذين يعانون من التوحد بأعراض مستقلة عن أعراض التشخيص، ويؤثر ذلك على الفرد نفسه أو أسرته.

ويمتلك ما يقدر بـ1.5% إلى 10% من الأفراد المصابين بالتوحد قدرات غير عادية، بدءًا من المهارات المتعلقة بحفظ الأمور البسيطة إلى المواهب النادرة المعجزة للغاية التي تتواجد لدى العلماء المصابين بالتوحد. ولكثير من المصابين مهارات فائقة في الإدراك والانتباه، مقارنة بعموم البشر.

وتم العثور على تشوهات حسية في أكثر من 90% من المصابين، واعتبر البعض ذلك علامة مميزة أساسية، رغم عدم وجود أدلة قوية على أن الأعراض الحسية تفرق التوحد عن اضطرابات النمو الأخرى.

ويقدر أن 60-80% من المصابين لديهم علامات حركية تشمل ضعف العضلات، وضعف التخطيط للحركة، وضعف في المشي على القدمين.

وفي حالة التوحد يكون العجز في التنسيق الحركي أكبر من ذلك الموجود في حالة التوحد البسيط.

ويصدر عن 75% من الأطفال المصابين سلوك غير عادي في تناول الطعام، لدرجة أن ذلك كان سابقا مؤشراً لتشخيص المرض. وتعتبر الانتقائية هي المشكلة الأكثر شيوعاً، على الرغم من طقوس تناول الطعام ورفضه في بعض الأحيان، فإن ذلك لا يؤدي إلى سوء التغذية.

وبالرغم من أن بعض الأطفال المصابين لديهم أعراض نزيف بالجهاز الهضمي، إلا أن هناك نقصا في البيانات المنشورة لدعم النظرية القائلة بأن الأطفال المصابين بالتوحد لديهم أعراض نزيف بالجهاز الهضمي بشكل أكثر أو مختلفًا عن المعتاد، وتشير الدراسات إلى نتائج متضاربة وإلى أن العلاقة بين مشكلات النزيف بالجهاز الهضمي والتوحد غير واضحة.
وقد يلاحظ على بعض الأطفال المصابين بالتوحد وجود بعض التشوهات الخلقية البسيطة، مثل تشوهات في الأذن الخارجية، أو شذوذ في رسم البصمة على الأصابع، وهذه التشوهات قد تعكس تأخر في التطور الجنيني للطفل.

إن أسباب التوحد غير مفهومة تماماً، كما أن التوحد ليس مرضاً واحداً، فهو طيف من أمراض كثيرة، ولهذا السبب يعتقد العلماء أن أسباباً كثيرة يمكن أن تكون كامنة خلف اضطرابات طيف التوحد.

ويدرس العلماء نظريات عديدة عن الأسباب الوراثية والبيئية للتوحد، من أجل محاولة معالجته بصورة أفضل.

وتوضح البحوث الإحصائية أن احتمال إصابة الطفل بالتوحد يكون أعلى إذا كان في عائلته إصابات أخرى بالمرض، وإذا كان جنس الطفل ذكراً، وإذا كان عمر الأب أكثر من 40 عاماً، وإذا كان في العائلة سوابق اضطرابات وراثية وعصبية.

وبما أن التوحد ليس اضطراباً محدداً، فمن الممكن أن تظهر لدى كل طفل مجموعة مختلفة من الأعراض، ولكن هناك علامات عامة يشترك فيها كثير من الأطفال، إلا أن وجود بعض هذه العلامات لا يعني بالضرورة أن الطفل مصاب بالتوحد.