كاريزما خاصة وحضور قوى تمتع به العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ على خشبة المسرح تفاعله الشديد مع الجمهور اتضح فى معظم حفلاته التى كان يقدمها ليبدو المشهد مكتملاً لحالة فنية تتجسد على خشبة المسرح. هذه الحالة نطرح معها سؤالاً و هو ماذا لو قدم عبد الحليم حافظ عرضاً مسرحياً ؟ .. سؤال يجيب عليه عدد من مخرجى المسرح ليصف كل منهم الحالة التى كان سيبدو عليها العندليب و العرض الأنسب له على خشبة المسرح. بدأ المخرج عصام السيد حديثه قائلاً : عبد الحليم حافظ بشهرته و الكاريزما التى يتمتع بها و حبه للجمهور يكفى لنجاح أى عرض مسرحى كان سيقدمه ، ففى بداياته كان رائعا لو قدم مسرحية "روميو و جولييت" و بالرغم من تقدمه فى العمر فى المراحل التالية الا أنه برع طوال حياته فى الأداء الرومانسى ، وقد يليق بحليم أيضا اذا ما كان قدم عروضاً و طنية أو عرض اجتماعى يساهم به فى توعية المجتمع لما له من حضور و تأثير قوى لدى قطاع كبير من الشعب و كنت أتمنى لو استطيع استثمار هذه الحالة المتوهجة فى العروض التى قدمتها احتفالا بنصر أكتوبر ، فحليم لديه موهبة وهبها الله له الى جانب حب الناس ، فهو حالة خاصة بتركيبته و طبيعة صوته و احساس يصدقه الجمهور وبالتالى يتجاوب معه. أما المخرج حسام الدين صلاح فيقول : عبد الحليم كمطرب لن نتحدث عنه و عن إحساسه و صوته و مدى وصوله لقطاع عريض من الجمهور أما بالنسبة لأداءه التمثيلى فهناك مدرستين الأول و هو الذهاب للشخصية التى يجسدها أى ان يجسد دور بواب أو عامل و هكذا أة أن يذهب للشخصية ليعيش شخصية أخرى غير شخصيته الحقيقية ، و هناك نوع آخر من الأداء التمثيلى و هو أن يقوم بتكوين ملامح الشخصية لتكون قريبة منه و هى المدرسة التى ابتدعها حليم حيث استثمر ملامحه الحزينة و نظرات عينيه التى تجذب التعاطف و المعبرة عن الرومانسية ، فهو استطاع ان يستثمر مواصفاته لتشعر معه بالبساطة و التلقائية مثلما قدم شخصية "صلاح" فى فيلم "الوسادة الخالية" . هذه المدرسة هى الأفضل له لو كان قدم عرضا على المسرح و ذلك فى إطار الشرح الرومانسى و كان الأقرب له روايتى "روميو و جولييت" و "حلم ليلى صيف" واستطرد قائلاً : اذا كانت الكاريزما التى تمتع بها عبد الحليم قد تخطت حاجز الشاشة لتستحوذ على قلوب المشاهد ، فماذا لو كانت ظهرت فى شكل مباشر مع الجهور من خلال المسرح ، فقد أسعدنى الحظ أن أراه على الطبيعة و أنا فى سن صغيرة و جلست أسفل منزله ، فمن يرى عبد الحليم بشكل مباشر يقع فى حبه فورا ، و هو بالطبع سيكون بشكل أسرع و أقوى على خشبة المسرح . و عن العرض الذى كان يتمنى أن يخرجه لحليم ، يقول : مسرحية "حلة ليلة صيف" فشخصية البطل فيها مرحة و خفيفة الظل ، فعبد الحليم كان خفيف الظل و كنت أتمنى استثمار هذه الموهبة التى لم تظهر بشكل واضح من خلال السينما . ويعتقد المخرج و السيناريست نادر صلاح الدين أن عبد الحليم كان سيحقق النجاح على خشبة المسرح من خلال أوبريت غنائى فيقول : كان من الممكن أن يقدم عبد الحليم عرضا يظهر فيه من خلال الغناء لأن الجمهور يريد الاستمتاع بأداءه كمطرب ، أما عن نوعية العروض التى كان يقدمها فى تتوقف على توقيت تقديمها ، فمشوار حليم الفنى يمر عبر ثلاث مراحل الأولى كانت مرحلة الرومانسية، ثم مرحلة ربط الفن بقضايا الوطن ، و حتى وصل للمرحلة الأخيرة و هى الشمولية حيث كان متألقا فى جميع الأنواع من رومانسى و تراجيدي و غيره . ويضيف نادر : بالرغم من أن عبد الحليم كان يتمتع بكاريزما عالية ، لكن الغناء يختلف عن التمثيل فلكل منها أدواته و ليس معنى ذلك ان يكون ممثلا كبيرا ، لكنه فى النهاية كان علامة فارقة فى تاريخ الفن ، و أعتقد ان الأنسب له على خشبة المسرح فى فترة توهجه أن يقدم أوبريت غنائى يتم كتابته خصيصا له . ويتوقع المخرج خالد جلال أن عبد الحليم قد انهالت عليه العديد من العروض للوقوف على خشبة المسرح ، و أنه كان سيلقى نجاحا باهرا لو خاض هذه التجربة بما لديه من كاريزما و حضور مميز على خشبة المسرح و تفاعله مع الجمهور و وهو ما اتضح فى الحفلات التى كان يقدمها فى شم النسيم ، و لأن العندليب كان يعيش فترة ذهبية و قمة التألق وكان يريد أن يكون دائما رقم واحد فى الغناء و السينما ، و ربما لم يتحمس للأمر لأسباب صحية خاصة و أن المسرح يتطلب بذل مجهودا بشكل يومى بينما الحفلات و تصوير الأفلام لا يتطلب نفس مجهود الوقوف على خشبة المسرح يوميا . واستطرد جلال قائلاً : لو قدم عبد الحليم عروض مسرحية لحققت نجاحا مدويا خاصة لو كان عرضا غنائياً و بالنسبة لرؤيتى كنت أتمنى أن أقدم له عرض عن "روميو و جولييت" ما تحمله من مأساة للعاشق و لكن بمعالجة مصرية لأن ملامح عبد الحليم تبدو مصرية بدرجة كبيرة، و هذه الحالة كانت ستحقق النجاح خاصة لو تم تقديمها فى بداية المرحلة العمرية للعندليب.