لم يتمكن المخرج السوري جود سعيد من الحضور للقاهرة ولم يتم منحه تأشيرة دخول لحضور عرض فيلمه "بانتظار الخريف" في آفاق السينما العربية ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي.
وأرسل كلمة قال فيها:
وأعتذرُ منكمُ أعتذرُ، فقد باتت الطائرةُ تعجزُ عن حملِ هويتي إليكم،
أضحت هويتي مثقلةً بالدمِ والرصاص، صارت ربما عبئاً من قسوة وجعها، ولكنّها سيداتي سادتي، وأنتم تعرفون، هي أصلُ الحكايةِ،
وهي البداية.
سيداتي سادتي، السينمائيون أهلُ ذاكرة، لا ينسون. في العام ٢٠٠٩ وأنا أصنع فيلمي الأول "مرة أخرى" حصل طارئ تقني في دمشق كاد يمنعنا من إتمام الفيلم في مواقيته، فقالت لنا القاهرة أهلاً..
وأذكر الطريق من المطار للأستوديو وأنا محمّل بأعوامي التسع والعشرين وعشرات علب الخام في تاكسي بسيط يضحك سائقه الكهل مجلجلاً وأنا أخبره أنه يحمل مئات اللقطات التي لا نسخة ثانية لها، ونمشي والقاهرة لا تقول لي إلا أهلاً، وعدنا في العام ٢٠١٠ مع "مرة أخرى" للمشاركة في مهرجان القاهرة التي لم تتوقف عن القول لنا أهلاً.
يذكر الأستاذ علي أبو شادي تلك الحادثة وأتمنى أن يكون بين الحاضرين وأوجّه له ولكل قامات مصر السينمائية التحيّة.
اليومَ، وبعد سنوات أربعة تعود القاهرة لتقول لنا أهلاً،
شكراً لمصر، لمهرجان القاهرة والقائمين عليه لاستقبال فيلمي الثالث ومنحه حقّ عرض هويته وإسماع صوته ، الحريّة لا تُجزأ فهي إمّا تكون للجميع أو لا تكون، ونحن نريدها حقيقة وللجميع دون استثناء.
أستودعكم على الشاشة أرواحنا وسلاماً للدنيا من دمشق.
لا تنسونا فلربما نموت غداً أو بعد غدٍ ولا يبقى منّا إلا ذاكرتَكم وأسماءَنا وما ستشاهدون بعد قليل. انتظارنُا لخريفنا، لسماءٍ أقلَّ قتلاً وأقلَّ ظلماً، ما ستشاهدون فيه هو من دمنا، هو ضحكات وجعنا وبسمات من رحلوا عنّا وهويّتنا الطيّبة الرقيقة التي لا ولن تموت.
نحن لا نموت فإن غبنا جسداً يبقى صدقُ صوتنا وحقّ حروفنا التي تسمعون الآن. نحن لا نموت، شكراً مهرجان القاهرة لإصرارك على حياتنا.