أصل الحكاية | ألوان كسوة الكعبة المشرفة عبر التاريخ

كسوة الكعبة الشريفة
كسوة الكعبة الشريفة

تعتبر الكعبة المشرفة في مكة المكرمة أقدس مكان في الإسلام وقبلة المسلمين في صلواتهم، منذ فجر الإسلام وحتى يومنا هذا، تحظى الكعبة بكسوة مهيبة تتبدل سنويًا في مراسم خاصة، تاريخ كسوة الكعبة مليء بالقصص والتطورات، ومن ضمن هذه التغيرات كانت ألوان الكسوة التي اختلفت عبر العصور، لتعكس الأذواق والتقاليد السائدة في كل فترة.

** تعريف الكعبة:

الكعبة المشرفة هي بناء مقدس في وسط المسجد الحرام بمكة المكرمة، وهي قبلة المسلمين في صلواتهم وأحد أركان الحج، شُيدت الكعبة لأول مرة على يد النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، وهي مغطاة بكسوة حريرية تزينها آيات قرآنية مطرزة بخيوط ذهبية وفضية.

** حكاية كسوة الكعبة:

تعود تقاليد كسوة الكعبة إلى العصور الجاهلية قبل الإسلام، حيث كان العرب يكسون الكعبة بالأقمشة المختلفة، وعندما جاء الإسلام، استمرت هذه العادة مع تطويرات وتحسينات مستمرة، في العصور الإسلامية المبكرة، كانت الكسوة تُصنع في مكة، ثم انتقلت هذه الصناعة إلى مصر في عهد الدولة العباسية، لتصبح القاهرة مركزًا رئيسيًا لصنع الكسوة حتى العصر الحديث، قبل أن تعود صناعتها بالكامل إلى المملكة العربية السعودية.

تغير كسوة الكعبة الشريفة

تغير كسوة الكعبة الشريفة، لم يكن أمر حديث العهد منذ بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن كان في الجاهلية، وكأن أول من كسا الكعبة سيدنا إبراهيم الكعبة وكان البناء صغير ليس بهذا الحجم، بعد ذلك، جاء الملك "تبع" وكسا الكعبة أيضا وهو أول من جعل لها باباً، و كانت الكسوة من الأديم، وهو الجلد الذي يتخذ اللون البني الفاتح، أما في الإسلام، فأول من كساها الرسول الكريم بالثياب اليمانية.


صراع ونزاع وتقاتل على نيل شرف كسوة الكعبة

وعلى مر العصور وصل إلى حد التقاتل والنزاع السياسي بين كيانات إسلامية ، من أجل التفرد بشرف منح الكعبة الشريفة كسوتها السنوية، حتى شرعت المملكة العربية السعودية، في بناء مصنع في أحد أوديتها، مرت عليه مراحل من التطوير، والتحديث يعمل ويتطور منذ 85 عامًا، ليتحول اليوم إلى واحد من معالم السعودية، ورموز خدماتها للحرمين الشريفين، وينتج حلة كسوة سنوية للكعبة.

تبدلت ألون الكعبة المشرفة عدة مرات على مر التاريخ حتى تستقر على اللون الأسود:-

- كساها النبي محمد بثياب يمانية مخططة بالأحمر والأبيض.

أما أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فقد كسوها بالأبيض.

سنة 456هـ كساها سلطان السلاجقة بالديباج الأصفر.

ثم كساها بن الزبير في سنة 64 هـ، باللديباج الأحمر.

غير الخليفة الناصر سنة 641هـ، الكسوة إلى اللون الأخضر.

في العصر العباسي كسيت مرة باللون الأبيض، ومرة باللون الأحمر، وغيرها مرة أخرى إلى اللديباج الأسود.


 

** ألوان كسوة الكعبة عبر التاريخ:

تغيرت ألوان كسوة الكعبة المشرفة على مر العصور لتعكس التطورات الثقافية والسياسية والدينية، في العصور الجاهلية، كانت الكعبة تُكسى بألوان متعددة وفقًا لتوافر الأقمشة، في بداية العهد الإسلامي، كانت الكسوة بيضاء اللون، تماشيًا مع طهارة وقدسية المكان.

في عهد الدولة العباسية، تحولت الكسوة إلى اللون الأحمر القاني، ثم إلى الأخضر، لتعكس الألوان التي كانت شائعة ورمزية في ذلك الوقت، ولكن منذ القرن السادس عشر الميلادي، وفي عهد الدولة العثمانية، استقرت الكسوة على اللون الأسود الذي نعرفه اليوم، مزينة بخيوط ذهبية وفضية تحمل آيات قرآنية وتطريزات رائعة.

الكسوة الحالية تصنع من الحرير الخالص، ويبلغ ارتفاعها حوالي 14 مترًا، مزينة بأحزمة من الزخارف الذهبية، تتطلب صناعة الكسوة جهودًا كبيرة ومواد فاخرة، وتتم سنويًا في مصنع الكسوة في مكة المكرمة، حيث يُشرف عليها مجموعة من أمهر الحرفيين.

تعكس ألوان كسوة الكعبة عبر التاريخ تطور الحضارات والثقافات التي أثرت على الإسلام، من اللون الأبيض إلى الأسود، مرورا بالأحمر والأخضر، حملت هذه الألوان في طياتها قصصًا من العبادة والإجلال، ورغم تغير الألوان، يبقى جوهر كسوة الكعبة واحدًا: رمزًا للطهارة والإيمان والعظمة.

تشيد مصنع كسوة الكعبة الشريفة

في عام 1346 هـ – 1926م أصدر الملك عبدالعزيز آل سعود أمراً ملكياً بتشييد مصنع  أم القرى الخاص بصناعة الكسوة الشريفة، وجلب له أبرع الفنيين والعمال المهرة، وفي عام 1382هـ صدر مرسوم بتجديد المصنع، واستمر إنتاجه حتى عام 1977م، وافتتح الملك عبدالعزيز مقراً جديداً في أم الجود الذي يؤدي رسالته مواكباً للتطور العلمي والفني، ويتكون المصنع من ستة أقسام، هي: الحزام والنسيج اليدوي والصباغة والنسيج الآلي والطباعة والستارة الداخلية.

شيد مصنع كسوة الكعبة عام هـ1346، في حي الجياد واستمر فترة ثم انتقل لجرول واستقر بعض الوقت حتى استقر به المقام في أم جودعام 1397هـ، ولا يختص مصنع كسوة الكعبة بصناعة الكسوة فقط، ولكن يمتمد للعناية الدورية، وخاصة في شهر رمضان وعند الإزدحام، يكون هناك فرق على مدار الساعة لصيانة الثوب من الإحتكاك مع الطائفين، والنظافة الدورية له.

مكونات كسوة الكعبة وكيف تصنع الكسوة
يتكون جسد ثوب الكعبة من حرير نقي خالص، بمساحة 658 مترًا، تتداخل معه خيوط فضية وذهب، كما تفعل الأورد والشرايين في الجسد نبض حياة، من تسابيح وأيات قرانية، فصناعة ثوب الكعبة تخضع لحزمة  قوانين، تتحكم في تصامميه وخاماته وخيوطه،  لا يتم المساس بها الإ بموافقة من قمة هرم في السعودية، تقديسًا وإجلالًا وعنوانًا لمدى عنايتها بشرف تسابق عليه ملوك العرب حتى قبل ظهور الإسلام.

** ألوان كسوة الكعبة المشرفة عبر التاريخ :

يعلم أغلب المسلمين أن كسوة الكعبة المشرفة يتم تغييرها كل عام في يوم "وقفة عرفات". وعلى الرغم من أن الكسوة ارتبطت في أذهان الناس بلونها الأسود المعروف، فإن التاريخ يشهد بأن هذا اللون لم يكن هو اللون الوحيد الذي زين الكعبة عبر العصور. بل إن هناك تحولاً في ألوان الكسوة عكس التنوع الثقافي والسياسي الذي مر على الكعبة منذ العصور الجاهلية وحتى العصر الحديث.

** تاريخ كسوة الكعبة:

بدأت كسوة الكعبة في العصور الجاهلية باللون الأحمر المخطط، وهو ما استمر بعد فتح مكة عندما تركها النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما هي دون تغيير. بعد فترة، احترقت الكسوة بطريق الخطأ عندما حاولت امرأة تبخير الكعبة، مما أدى إلى استبدالها بكسوة جديدة باللون الأحمر المخطط بالأبيض.

في عهد الخليفة أبو بكر الصديق، تغير لون الكسوة إلى الأبيض. واستمر هذا اللون حتى أصبح عبد الله بن الزبير خليفة، فبدل الكسوة إلى اللون الأحمر مجددًا. مع حلول عام 200 هجرية، أصبحت للكعبة كسوتان بألوان مختلفة: واحدة صفراء والأخرى بيضاء.

** ألوان الكسوة في عهد الخلافة العباسية:

في عهد الخليفة المأمون، تمت إضافة كسوة ثالثة للكعبة، بحيث أصبحت الكسوة تتغير حسب المناسبة: الأحمر في يوم التروية، الأبيض الخفيف في رجب، والأبيض في رمضان. وعلى مدى قرنين من الزمان، تأرجحت ألوان كسوة الكعبة بين الأبيض والأصفر حسب رغبة الخلفاء.

** تغيير اللون إلى الأسود:

جاء الخليفة العباسي الناصر لدين الله وغير لون الكسوة إلى الأخضر، ثم جعله أسود للمرة الأولى في التاريخ عام 622 هجرية. وظل اللون الأسود هو اللون السائد لكسوة الكعبة لفترة طويلة.

** العودة إلى الأحمر ومحمد علي باشا:

في عهد محمد علي باشا، تغير لون الكسوة إلى الأحمر مرة واحدة، ثم عادت إلى اللون الأسود، والذي بقي حتى وقتنا هذا.

تعتبر كسوة الكعبة المشرفة أكثر من مجرد غطاء؛ فهي رمز لتاريخ طويل من التغيرات الثقافية والسياسية التي مرت على العالم الإسلامي، من الأحمر المخطط إلى الأبيض، ومن الأخضر إلى الأسود، عكست ألوان الكسوة عبر العصور التنوع والإرث الغني للحضارات التي مرت على الكعبة ورغم أن اللون الأسود استقر في أذهان الناس، فإن رحلة ألوان الكسوة تظل شاهدة على تاريخ طويل ومتنوع.

تستعد المملكة العربية السعودية لتغيير كسوة الكعبة المشرفة فجر يوم السبت 9 ذي الحجة الموافق 15 يونيو الجاري، وكعادتها تقوم كوادر الرئاسة العامة لشؤون الحرمين باستبدال الكسوة القديمة بكسوة جديدة، في مثل هذا التوقيت من كل عام.

وتتغير كسوة الكعبة مرة واحدة كل عام فجر يوم عرفات التاسع من شهر ذي الحجة، ويتم غسلها مرتين فقط في السنة.

وتستعرض «بوابة أخبار اليوم» في الإنفوجراف التالي كل ما تريد معرفته عن كسوة الكعبة المشرفة قبل تغيرها..