جريمة إسرائيلية جديدة تهدد 1.5 مليون مدني

«حمام دم» على أعتاب رفح الفلسطينية والقاهرة تطالب تل أبيب بـ«ضبط النفس»

مليون ونصف المليون غزاوي يقيمون فى مخيمات ومعرضون لخطر الإبادة الجماعية على الاحتلال
مليون ونصف المليون غزاوي يقيمون فى مخيمات ومعرضون لخطر الإبادة الجماعية على الاحتلال

صعدت إسرائيل أمس من إجراءاتها الميدانية فى مدينة رفح الفلسطينية فى خطوة اعتبرت مؤشرا على احتمالية إقدام قوات الاحتلال على اجتياح المدينة التى يتكدس بها ما يزيد عن 1.5 مليون فلسطيني.

ورغم التحذيرات الإقليمية والدولية إلا أن قوات الاحتلال بدأت إجراءات لإخلاء أكثر من 100 ألف فلسطينى فى رفح، الأمر الذى يهدد بارتكاب جريمة ضد الإنسانية وسط توقعات بسقوط أعداد كبيرة من الضحايا يضافون لنحو 35 ألف شهيد وأكثر من 78 ألف مصاب وجريح على مدى الشهور السبعة الماضية وسط مخاوف عالمية من أن تتحول العملية الإسرائيلية إلى حمام دم.

التصعيد الإسرائيلى الراهن يأتى رغم تصاعد التحذيرات الإقليمية والدولية وفى مقدمتها تحذير مصر من خطورة الموقف فى مدينة رفح الفلسطينية، وتأكيداتها مواصلة الاتصالات من أجل الحيلولة دون تفاقم الأزمة، كما أكد مصدر مسئول استمرار فتح معبر رفح لتقديم المساعدات للأشقاء فى غزة، وهو ما حرصت عليه القاهرة طوال الأشهر الماضية رغم كل التحديات.

ويضاعف التصعيد الإسرائيلى باجتياح رفح من المخاطر التى تهدد المنطقة، ووضع المنطقة أمام سيناريو كارثى من التصعيد غير المحسوب، وهو ما كان مثار تحذير الكثير من عقلاء العالم ودعاة السلام، إلا أن الآذان الإسرائيلية لا تستمع سوى لأصوات دعاة الحرب والتصعيد من قادة اليمين المتطرف الذين لا يريدون سوى استمرار الحرب، وإجهاض أى فرص تلوح فى الأفق لإحلال التهدئة واستعادة الاستقرار فى غزة التى تحولت إلى أطلال جراء الإجرام الإسرائيلي، وكذلك نتيجة بعض مواقف «حماس» التى قدمت ذريعة لقوات الاحتلال من أجل الإقدام على جريمة ستكون إضافة دموية لسجل أسود متخم بالجرائم ضد الإنسانية.

 مخاطر من العملية العسكرية المُحتملة 

حذرت مصر من مخاطر عملية عسكرية إسرائيلية مُحتملة بمنطقة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، لما ينطوى عليه هذا العمل التصعيدى من مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطينى يتواجدون فى تلك المنطقة.

وطالبت مصر فى بيانٍ صدر عن وزارة الخارجية أمس، إسرائيل بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب المزيد من التصعيد فى هذا التوقيت بالغ الحساسية فى مسار مفاوضات وقف إطلاق النار، وحقناً لدماء المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لكارثة إنسانية غير مسبوقة منذ بدء الحرب على قطاع غزة.

وأكدت مصر على أنها تواصل اتصالاتها على مدار الساعة مع كافة الأطراف من أجل الحيلولة دون تفاقم الوضع أو خروجه عن السيطرة.

 منشورات الاحتلال تدعو لإخلاء شرق رفح الفلسطينية 

تمهيداً لاجتياح برى مُرتقب لمدينة رفح المكتظة بالنازحين، دعا الجيش الإسرائيلى أمس الفلسطينيين لـ«الإخلاء الفوري» للمناطق الشرقية من رفح بجنوب قطاع غزة والانتقال إلى ما يُطلق عليها «منطقة إنسانية موسعة» فى المواصى وخان يونس. وطالب جيش الاحتلال فى منشور أُلقى من الطائرات، وعبر رسائل قصيرة وصلت هواتفهم، بضرورة إخلاء المناطق الشرقية لرفح كجزءٍ من عملية وصفها بأنها «محدودة النطاق».

وجاء فى بيان لجيش الاحتلال أن على السكان والنازحين المتواجدين فى منطقة بلدية الشوكة وأحياء السلام الجنينة، وتبة زراع والبيوك فى منطقة رفح، الإخلاء. كما أعطى جيش الاحتلال تعليماتٍ بإخلاء معبر رفح وكرم أبو سالم ومشفى النجار وهو المشفى الوحيد فى المدينة.

وقال الجيش: إن عملية الإخلاء تشمل 100 ألف شخص، مشيراً إلى أن العملية ستمضى قُدمًا بشكل تدريجى بناء على تقييم الوضع المتواصل الذى سيجرى طيلة الوقت. وحذر المتحدث باسم الجيش أفيخاى أدرعى من العودة إلى الشمال أو الاقتراب من السياج الأمنى الشرقى والجنوبى ومن الرجوع شمالاً من وادى غزة، مشدداً على أن مدينة غزة ما زالت منطقة «قتال خطيرة».

وزعم أدرعى أن الإخلاء جزء من الخطط لتفكيك حركة حماس، مضيفاً : « تلقينا بالأمس تذكيراً عنيفاً بحضورهم وقدراتهم العملية فى رفح»، فى إشارة إلى الهجوم الذى طال معبر كرم أبو سالم، وأدى إلى مقتل 4 جنود إسرائيليين. وهدد جيش الاحتلال بأنه سيعمل بقوة شديدة ضد حركات المقاومة مثلما فعل حتى الآن وان كل من يتواجد بالقرب من حركات المقاومة يعرض حياته وحياة عائلته للخطر. وكرر جيش الاحتلال قوله بأنه سيواصل ملاحقة حركة حماس فى كل مكان بغزة حتى عودة جميع الأسرى وفق وصفه. 

 معبر رفح.. شريان حياة لأهالى قطاع غزة 

تختلف طبيعة معبر رفح الحدودى بين مصر وفلسطين المحتلة عن أى معبر برى فى العالم، بينما يقع الجانب الفلسطينى من المعبر عمليا تحت سلطة الاحتلال الاسرائيلى وهو ما يتطلب من الجانب المصرى التنسيق مع المتحكم الفعلى فى المعبر لإدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع المنكوبين جراء العدوان الصهيونى الغاشم.

يعد معبر رفح أحد معبرين للقطاع، يسيطر على أحدهما فى الشمال (معبر بيت حانون) الكيان الصهيونى، فى حين تراقب قوات الاحتلال أنشطة معبر رفح من خلال قاعدة كرم أبوسالم العسكرية على الحدود بين مصر وقطاع غزة وباقى الأراضى الفلسطينية المحتلة.

ومنذ الحصار الذى فرضه الاحتلال على قطاع غزة منذ فوز حركة حماس بالانتخابات عام ٢٠٠٧، أصبح معبر رفح الحدودى مع مصر شريان الحياة لنحو ٢٫٣ مليون فلسطينى فى القطاع.

وبعد عملية طوفان الأقصى التى شنتها حركة حماس، لم يستثن الاحتلال شريان الحياة الوحيد لسكان غزة، وخلال ٧٢ ساعة من أحداث السابع من أكتوبر استهدفت المقاتلات الإسرائيلية الجانب الفلسطينى من المعبر بثلاث غارات حتى لا يعد صالحا لإدخال المساعدات من الجانب المصرى، ما أدى إلى تكدس آلاف الشاحنات على الجانب المصرى انتظارا للدخول إلى غزة.

ورغم ذلك سابقت مصر الزمن لترميم ما دمرته آلة الحرب الصهيونية من طرقات على الجانب الفلسطينى تمهيدا لإدخال المساعدات، حتى عبرت أول قافلة مساعدات إلى القطاع فى ٢١ اكتوبر لتواجه المساعدات بعدها المزيد من العراقيل التى وضعها الاحتلال الصهيونى للحيلولة دون إنفاذ المزيد من المساعدات الإنسانية للقطاع.

وتحركت مصر، على جميع المستويات، منذ بداية العدوان الإسرائيلى، وسقوط آلاف الشهداء وتدمير البنية التحتية للقطاع، لضمان إنفاذ المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين المنكوبين، وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اتصال مع رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك فى ١٢ اكتوبر على ضرورة ضمان انتظام المساعدات الإنسانية والإغاثية للفلسطينيين فى قطاع غزة، وهو ما توافق عليه الجانبان، ثم توالت الاتصالات الثنائية ومتعددة الأطراف على كافة المستويات.

وفى ذات اليوم أطلقت مصر نداء إلى جميع دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية الراغبة فى تقديم مساعدات إنسانية للشعب الفلسطينى، وأعلنت تخصيص مطار العريش القريب من معبر رفح لاستقبال المساعدات الإنسانية الدولية حتى يتسنى انفاذها للقطاع من خلال المعبر.

وتصدت مصر بالتوازى لوابل من شائعات ماكينة الدعاية المغرضة التى تزعم إغلاق مصر معبر رفح، وأكدت أن المعبر مفتوح للعمل ولم يتم إغلاقه فى أى مرحلة منذ بدء الأزمة الراهنة، كما استدعت مصر مسئولين دوليين لزيارة المعبر ولبت مطالب جميع المؤسسات الدولية الإنسانية وسهلت مهام كافة البعثات الإعلامية اقليميا ودوليا للوقوف على حقيقة الوضع من أمام معبر رفح على الجانب المصرى.

وفى نهاية مارس الماضى، عقد السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش مؤتمرا صحفيا من أمام معبر رفح، وأعلن استمرار عمل المنظمة الدولية مع مصر لضمان تدافع المساعدات إلى غزة، وأشاد جوتيريش بـالدعم الكامل الذى تقدمه مصر لسكان قطاع غزة، وأعرب عن أسفه جراء الحصار الإسرائيلى المتواصل ضد سكان القطاع خلال شهر رمضان.. وقال: الكثير من سكان غزة لم يعد بمقدرتهم الإعداد لوجبة الإفطار.

وسبق زيارة السكرتير العام للأمم المتحدة العديد من المسئولين الدوليين إلى معبر رفح.. فى ديسمبر الماضى، نسقت بعثتا مصر والإمارات بالامم المتحدة زيارة لوفد من أعضاء مجلس الأمن الدولى للوقوف على حقيقة الاوضاع فى معبر رفح وآلية إنفاذ المساعدات إلى غزة، بينما المعوقات المفروضة من الجانب الإسرائيلى أدت إلى تكدس آلاف شاحنات المساعدات وتعطيل دخولها إلى القطاع.

ورغم الجهود التى بذلتها مصر ضد استخدام الكيان الصهيونى سلاح التجويع ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة، دفعت شائعات إغلاق المعبر الرئيس عبدالفتاح السيسى يناير الماضى للتصريح بقوله: «اتقال كلام كتير على أن مصر هى السبب فى غلق معبر رفح.. هقول كلمة صعبة.. أنا هروح من ربنا فين؟ّ!.. ولو أنا السبب فى منع دخول لقمة عيش لغزة.. اروح من ربنا فين؟!.. معبر رفح مفتوح على مدار 24 ساعة فى 7 أيام فى 30 يوم.. الإجراءات اللى بتم من الجانب الآخر «إسرائيل» علشان نقدر ندخل الحاجة هى السبب.. وده شكل من أشكال الضغط اللى بيمارسه الجانب الإسرائيلى على القطاع».

مصر الداعم الأول للقضية سياسيًا وإنسانيًا

على مدار أكثر من 213 يوما منذ العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، عقب عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر .. تبذل الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى وكافة الوزارات والمؤسسات المعنية بمتابعة الملف الفلسطينى جهوداً لم تتوقف، لتقديم الدعم والمساندة للأشقاء فى غزة وحماية الشعب الفلسطينى من حرب إبادة يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد أبناء القطاع ،وبذل كافة الجهود الممكنة لوقف هذا العدوان الظالم على أبناء غزة، الذى خلف وراءه أكثر من 110 آلاف ما بين شهيد وجريح ومفقود، معظمهم من الأطفال والنساء، ودمر كل المستشفيات والمدارس والبُنى التحتية وكافة متطلبات الحياة المعيشية اليومية ، فى الوقت الذى يواصل فيه المجتمع الدولى بدوله الكبرى ومؤسساته الدولية المعنية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى الفشل الجماعى لحماية أبناء الشعب الفلسطينى فى غزة من الجرائم والمجازر والانتهاكات التى يمارسها جيش الاحتلال ضد المدنيين العزل، الذين يتمسكون بأرضهم.

إنقاذ أبناء غزة

على مدار أكثر من ٧ شهور لم تدخر مصر جهداً على الصعيدين السياسى والإنسانى .. لإنقاذ أبناء قطاع غزة وإدانة العدوان الاسرائيلى على القطاع والتصدى لكافة المحاولات لتصفية القضية الفلسطينية ومخططات تهجير أبناء غزة، حيث أجرى الرئيس السيسى العديد من الاتصالات واللقاءات مع قادة دول العالم واستضافة عدد من القمم والمؤتمرات الدولية بالقاهرة لمناقشة تطورات الأوضاع فى القطاع لمحاولة السيطرة على الوضع ، وعدم توسيع دائرة الصراع بمنطقة الشرق الأوسط وضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار .

المتابع للموقف المصرى -فيما يخص مستجدات الوضع فى غزة والأراضى الفلسطينية- يجد أنه لم يختلف منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلى على غزة .. سواء عبر تصريحات وكلمات الرئيس السيسى أو وزير الخارجية سامح شكرى أو رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ، وغيرهم من مؤسسات الدولة المعنية بتطورات المفاوضات والاتصالات مع مختلف الأطراف الفلسطينية والعربية والدولية لإيجاد حل للأزمة الحالية، وضرورة التوصل لوقف فورى ومستدام لإطلاق النار فى قطاع غزة، وضرورة تيسير النفاذ الآمن والكافى والمستدام للمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى فى الأرض المحتلة ،وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وآخرها القرار رقم 2720 بما فى ذلك إنشاء آلية أممية داخل قطاع غزة لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

كما أكدت مصر أكثر من مرة رفضها استمرار إسرائيل فى عملياتها العسكرية.. بما فى ذلك محاولات امتدادها لمدينة رفح الفلسطينية.

وحذر الرئيس السيسى من العواقب الإنسانية الوخيمة التى ستترتب على مثل هذه الخطوة و خطورة الممارسات الإسرائيلية التى من شأنها توسيع رقعة الصراع ، وتهديد أمن واستقرار المنطقة والأمن والسلم الدوليين.

مسؤولية المجتمع الدولي

كما حرص الرئيس السيسى ومؤسسات الدولة المعنية بالتأكيد على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته فى تسوية القضية الفلسطينية .. من خلال تنفيذ حل الدولتين وتجسيد الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك وفقاً للمقررات الدولية ذات الصلة، فضلاً عن رفض مصر القاطع وإدانتها لكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية ولانتهاكات إسرائيل للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى .. وكافة محاولات التهجير القسرى للفلسطينيين من أرضهم فى غزة والضفة الغربية بما فى ذلك القدس الشرقية.

 الخبراء العسكريون يحذرون من العملية العسكرية الإسرائيلية برفح : 
 تل أبيب تضغط للتفاوض .. والاقتحام يهدد اتفاقية السلام 

أصبح العالم يتحدث عن الاجتياح الإسرائيلى لرفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة وكأنه أمر واقع، تصريحات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى المستمرة عن رفح وأهمية المدينة التى تضخمت لتصبح أكبر بكثير من حجمها وتهديد نتنياهو المستمر بالاجتياح .. وإعلانه اقتراب العملية البرية على المدينة التى لجأ إليها أهالى قطاع غزة بعد تدمير كامل للبنى التحتية فى القطاع، وكأن العملية البرية هى عملية الحسم فى حرب بين دولتين، وجيشين نظاميين.

قال اللواء د. سمير فرج المفكر الاستراتيجى والعسكرى : إن ما يحدث الآن فى رفح الفلسطينية من تصعيد للأمور هو فى إطار الحرب النفسية بين رئيس الوزراء الإسرائيلى ورئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى قطاع غزة، فكلاهما يريد الضغط على الآخر من خلال كل الوسائل المتاحة ليجبر الآخر على شروطه، واحتلال رفح هو ورقة التهديد من نتنياهو، للضغط على حماس للوصول إلى أكبر قدر من المكاسب.

وأوضح أن كل ما نراه الآن على الساحة هو أوراق ضغط من حماس وإسرائيل، للوصول لأفضل نتائج، فحماس تريد إقرار سلام دائم وإنهاء كاملاً للعمليات العسكرية، ونتنياهو يريد الإفراج الكامل عن الرهائن، مع الخروج بمشهد المنتصر فى الحرب التى بدأت شهرها الثامن ، دون تحقيق نتائج عسكرية تُذكر سوى التدمير الكامل للقطاع دون الوصول إلى كل الرهائن الإسرائيليين.

وتوقع فرج ألا يحدث اجتياح إسرائيلى لرفح، لأن إسرائيل لا تريد فتح جبهة قتالية جديدة مع مصر، فلو حدث اقتحام فمصر ستقوم بتعليق العمل باتفاقية السلام بين البلدين، وأشار إلى أن إسرائيل لديها جبهات عديدة تقاتل فيها فى جنوب لبنان مع حزب الله، وكذلك حماس فى قطاع غزة.

بينما أكد اللواء عادل العمدة المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية : أن اجتياح رفح جاء بعد فشل إسرائيل فى إحراز أى تقدم فى الإفراج عن الرهائن، مضيفاً: أن الأرقام تشير إلى وجود 40 رهينة إسرائيلية على قيد الحياة فقط من إجمالى 134 رهينة، ومع الاجتياح ربما لا نجد أى رهينة إسرائيلية على قيد الحياة.. ولهذا كان الموقف المصرى الذى تنبأ بما سوف يحدث ولكن لم يستمعوا إلى صوت العقل.

وأشار اللواء العمدة إلى أن استهداف معبر كرم أبو سالم كان شرارة الاجتياح ، خاصة بعد الضغوط الداخلية التى تعرض لها نتنياهو وهو ما يضر بالأمن القومى للمنطقة بالكامل وليس مصر فقط.

وأوضح أن الضغط الأمريكى على حماس وإسرائيل فشل ومن سيدفع ثمن ذلك هم الفلسطينيون العزل لأنه بلغة الجغرافيا هناك مليون ونصف المليون فلسطينى على مساحة تتسع إلى حوالى 300 ألف نسمة فقط ، وهو ما يؤكد أننا على أعتاب كارثة.

من جانبه أكد العميد حاتم صابر الخبير المتخصص فى شئون مكافحة الإرهاب الدولى : أن اجتياح رفح سيكون محدوداً ،لأن الهدف منه حفظ ماء الوجه لإسرائيل، وأشار إلى أن الاجتياح سيشهد استخدام المدفعية الثقيلة وغاراتٍ جوية لضرب أهدافٍ محددة تم رصدها بدقة من خلال عناصر معلوماتية من أجل تحرير بعض الرهائن، وأوضح أن الاجتياح سيكون مصيره الفشل وسوف يترتب عليه سقوط مزيدٍ من الشهداء الفلسطينيين وفشل فى تحرير الرهائن وبالتالى سيتجه الجميع إلى طاولة المفاوضات من جديد.

وأضاف: أن الرئيس عبد الفتاح السيسى عبر عن إرادة مصر منذ البداية فكان هناك هدف هو الوصول إلى هدنة وإيقاف عملية اجتياح رفح عسكرياً، وأشار إلى أنه على المجتمع الدولى أن يتدخل للضغط على الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن هذا العدوان الغاشم ، حفاظًا على سلامة مئات آلاف الفلسطينيين المكدسين فى رفح .. لأن تنفيذ الاقتحام ينذر بالخطر ويؤكد أننا أمام دماء بريئة ستسقط فى مجازر جماعية.

 حماقات متبادلة .. تناغم بين حماس وإسرائيل 

المتابع للتطورات الجارية فى العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، يدرك ببساطة أن هناك تناغما وربما توافقا فيما يمكن ان نطلق عليه بالحماقة واللامسئولية بين حركة حماس وبين القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية!

وقد يرى البعض أن هذا الاستنتاج يحوى مبالغة، ولا يجب أن يوجه الى حركة مقاومة فلسطينية، ولكن يعضد هذا الوصف، تطورات الأمور، ولنبدأ بآخر التطورات، فقبل ساعات قليلة أطلقت حماس بعض الصواريخ على منطقة كرم أبو سالم، التى تبعد بضعة كيلومترات قليلة عن حدود مدينة رفح الفلسطينية، ما أوقع أربعة جنود إسرائيليين بين قتيل ومصاب.

وعرضت الوحدات الإعلامية التابعة لحركة حماس وجناحها العسكرى فيديوهات على بعض الشاشات العربية توثق عملية إطلاق الصواريخ.

هذا التصعيد جاء لرئيس الحكومة الإسرائيلية كطوق نجاة أو مبرر قوى لاقتحام مدينة رفح الفلسطينية وهو التهديد الذى يلوح به منذ فترة ليست بالقليلة بعد البدء فى العدوان الجارى على قطاع غزة، وبالفعل بدأت القوات الإسرائيلية تطلب من النازحين المتجمعين فى ارجاء مدينة رفح وشوارعها، ما يقرب من 1.5 مليون نازح، مغادرة المدينة نحو شمال القطاع!

هذا التصعيد المتبادل بين حماس وقوات جيش الاحتلال، وقع بينما كانت المفاوضات للتوصل الى هدنة طويلة الأمد برعاية مصرية وبتعاون عديد من دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت هناك مؤشرات تنبئ بأن التهدئة باتت قريبة!

التصعيد من جانب حركة حماس والتصعيد المتبادل من جانب رئيس الحكومة الإسرائيلية وقادة جيشه، منذ بداية هذه المرحلة من المسلسل الدموى بين حماس وإسرائيل على ارض قطاع غزة، يكشف ان كلا الطرفين ليس لديهما النية الصادقة فى التوصل الى تهدئة وإلى وقف العمليات العسكرية وتبادل الأسرى والمحتجزين، ويبدو أن لكل من قادة حماس وقادة إسرائيل مصالح ضيقة وخاصة فى استمرار هذه الحلقة من مسلسل الصراع الدموى، والحقيقة أن وسائل اعلام ومراكز بحثية تعنى بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى نوهت وبأكثر من قراءة الى المبررات الخفية لدى كلا الطرفين لهذا الاستمرار.

فالمأزق القضائى والأزمة السياسية التى تنتظر رئيس الحكومة الإسرائيلية وحزب الليكود الذى يرأسه ليست خافية على أى متابع، وهو يعمد الى مضاعفة التصعيد المجنون للعمليات العسكرية منذ السابع من أكتوبر، مبررا ذلك التصعيد بالسعى للحفاظ على كيان دولة إسرائيل والدفاع عنها، متعهدا بالقضاء على حماس، وهو يدرك أن هذا هدف فضفاض!

على الجانب الآخر، فإن انتهاء هذه الحلقة من مسلسل الصراع الدموى بين حماس واسرائيل على ارض غزة، سوف يدفع الى الواجهة بالتباين وربما الانقسام الحادث منذ فترة بين حماس الداخل وحماس الخارج بفروعها المختلفة، وسوف يدفع الى الواجهة كذلك بالمكتوم داخل العديد من الكيانات والفصائل الفلسطينية بقائمة الخسائر التى تكبدها الشعب الفلسطينى فى غزة والقضية الفلسطينية جراء المنازلة العسكرية غير محسوبة العواقب التى قادتها حماس فى السابع من أكتوبر الماضى. 

المخاوف من تداعيات التناغم والتوافق بين حركة حماس وإسرائيل فى الحرص على استمرار دوامة العنف غير المبرر وخاصة من جانب قوات جيش الاحتلال، تتسع لتشمل مخاوف من اشتعال الأوضاع وتهديد الأمن والاستقرار، وهى تهديدات رغم جديتها الا ان كلا من حماس وإسرائيل لا توليانها ادنى اهتمام!

 القبائل العربية ترفض الهمجية 

حذر اتحاد القبائل العربية، من خطورة إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلى على اجتياح منطقة رفح الفلسطينية، وطالب بتدخل مجلس الأمن الدولى لوضع حد لهذا العدوان؛ الذى ستكون له نتائج كارثية على حياة مئات الآلاف من الفلسطينيين وعلى المنطقة بأسرها.

وطالب مصطفى بكرى المتحدث الرسمى باسم اتحاد القبائل العربية المجتمع الدولى بكل فئاته، بضرورة ممارسة أشد أنواع الضغط على الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن هذا العدوان الخطير، والاستجابة للجهود المصرية الرامية إلى تحقيق هدنة بين حماس والحكومة الإسرائيلية؛ تمهيدا لوقف دائم لإطلاق النار والتوقف عن العدوان وإنهاء الحصار المفروض على الشعب الفلسطينى.. وأعلن اتحاد القبائل العربية، تضامنه مع الشعب الفلسطينى فى رفضه الأساليب الهمجية والعدوانية التى تستهدف إرغام الفلسطينيين على التهجير وتصفية القضية؛ وهو الهدف الحقيقى لحكومة نتنياهو؛ والمخطط الذى حذر منه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ اللحظات الأولى للعدوان.