فواصل

ورقة التوت

أسامة عجاج
أسامة عجاج

عندما يتم وضع إسرائيل فى كفة، والعالم كله فى الأخرى، فالأرجح هى الأولى، هذه هى معادلة الإدارة الأمريكية، حتى لو كان ذلك على حساب المبادئ والدستور الأمريكى نفسه، حتى لو تناقض الأمر مع السياسات التى التزمت بها إدارة بايدن منذ توليه منصبه، ففى يومه الأول أكد فى خطابه، على أن (حقوق الإنسان ستصبح محور سياستنا الخارجية)، وعلى الصعيد الدولى (دست واشنطن أنفها) فى قضايا داخلية للدول، عبر إصدار تقارير سنوية عن أحوال حقوق الإنسان فى دول العالم، يتم على أساسها صياغة سياسات خارجية، وقد انكشف المستور وسقط القناع، منذ اليوم الأول لبدء عملية طوفان الأقصى، ونتوقف عند ثلاثة شواهد على ذلك، الأول ففى مواجهة تورط الجيش الإسرائيلى بالقيام بعمل مقابر جماعية للمدنيين فى القطاع، كان أقصى ما قامت به واشنطن، جاء على لسان مستشار الأمن القومى جيك سوليفان، بأن (التقارير مثيرة للقلق بشكل عميق)، ولكنها فى نفس الوقت تبنت السردية الإسرائيلية، والتى لا تنطلى على طفل صغير، كما قال نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدنت باتل، عندما كشف عن الرد الإسرائيلى، الذى تضمن (بأن قواتها عثرت على مئات الجثث فى مقابر جماعية بمستشفى ناصر، بحثت فيها عن جثث مختطفيها، وبعدما لم يعثروا على شيء، أعادوا الجثث إلى مكانها)، وكأن أهالى القطاع هم من تورطوا فى هذا الفعل، ثانيا، ومع الاتهامات الدولية للجيش الإسرائيلى بالقيام بالإبادة الجماعية، يخرج علينا المتحدث باسم مجلس الأمن القومى جون كيربى، ليزعم أنه (لا دليل على ارتكاب تل أبيب يثبت المزاعم حول نية ارتكابها أو القيام بها) ثالثا، التعامل الخشن مع الاحتجاجات فى عشرات الجامعات الأمريكية  منذ ١٨ أبريل، فقد تناست الإدارة المادة الأولى من تعديل الدستور الأمريكى، والتى تضمن حرية التعبير والتجمعات السلمية، وسعت إلى استخدام كل الوسائل الممكنة لإنهائه، منها تنفيذ عمليات مداهمة للجامعات، واقتحام خيم المعتصمين السلميين، والقبض على المشاركين فيها، وصل العدد إلى أكثر من ٢٠٠٠، فى حصيلة غير مسبوقة، والفصل من الدراسة وإلغاء تأشيرات غير الأمريكيين، ويبدو أن واشنطن قبلت بالتفسير الإسرائيلى، الذى جاء على لسان جلعاد اردان مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة، والذى قال (حماس لا تختبئ فى مستشفيات ومدارس غزة فقط بل أيضا فى جامعتى هارفارد وكولومبيا، والكثير حول العالم)، على واشنطن أن تنهى دور (الواعظ) فى مجال حقوق الإنسان، وتمتنع عن إعطاء (شهادات بحسن السير والسلوك)، وأن تبدأ بنفسها، فهل تفعل؟ أتمنى!.