إنها مصر

فلسطين.. بين نكبتين

كرم جبر
كرم جبر

فى مثل هذه الأيام «15 مايو» منذ 76 سنة حدثت النكبة الأولى لفلسطين، بتهجير أكثر من 700 ألف بالقوة الجبرية و احتلال العصابات الصهيونية منازلهم وأراضيهم وارتكاب مجازر بشرية ومقابر جماعية.

والآن تحدث النكبة الأخيرة باقتحام رفح الفلسطينية، وارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، وهدم ما تبقى من مستشفيات ومدارس ومنازل، ولم يبق شيئاً فوق الأرض وغطى الركام كل شيء..وبين النكبتين دروس مكتوبة بالنار ودماء الشهداء:

أولاً: حماس بين نارين.. وعلى قادتها ألا يسمحوا بضياع الفرصة الأخيرة ، بعد أن أثبتت المآسى المتكررة استحالة الحصول على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى بالعمل المسلح، فى ظل عدم توازن القوى مع إسرائيل، ووقوف الولايات المتحدة بكل قوتها خلفها، واعتبارها حماس منظمة إرهابية.
وبداية إحياء الأمل هى وحدة الصف الفلسطيني، والاعتراف بشرعية السلطة الفلسطينية والعمل معها، وإجهاض مؤامرات إسرائيل للعب على الخلافات الفلسطينية.

ثانياً: أمريكا بين محرقتين.. الهولوكوست منذ 75 سنة، ويذرف الرئيس بايدن دموعاً ساخنة وهو يتحدث منذ أيام عن قتل ثلث الشعب اليهودى فى المحرقة، وأن أمريكا لن تسمح بذلك أبداً ولن يتكرر، وضرورة وقف ما اسماه العداء المتصاعد ضد السامية فى العالم .

وكشفت محرقة نتنياهو تضارب الموقف الأمريكى بين التحذير بعدم إرسال القنابل التى قتلت المدنيين إلى إسرائيل، وموافقة الكونجرس على منح إسرائيل عتادا عسكرىا قيمته 27 مليار دولار، بما يعنى أن أمريكا وراء إسرائيل إلى النهاية.

ويدين بايدن فى نفس الوقت مظاهرات الطلبة الأمريكيين المتعاطفة مع الفلسطينيين، ويرى أن بلاده لا تقمع الحريات ولكن فيها نظام يجب احترامه، ويتعهد بمكافحة عداء اليهود والسامية فى العالم.

ثالثاً: مأساة رفح.. بين الشعارات الحماسية وركام الهدم.. وظهرت متاعب المعاناة فى مظاهرات الفرح العارمة عقب الإعلان عن الصفقة المصرية، فى رسالة واضحة بأن سكان غزة يريدون الحياة وليس الموت، والعودة لديارهم وليس الخيام، وأنهم يدفعون ثمناً فادحاً لعملية ليسوا مسئولين عنها.

أهالى غزة يريدون أن يعيشوا فى أمن وسلام مثل غيرهم،ولا يكونوا هدفاً ثابتاً للقتل والتدمير كلما قامت حماس بعملية ضد إسرائيل، هم لا يريدون أن يكونوا رهائن فى انتظار المصير المؤلم.

رابعاً: مصر.. الحمل ثقيل جداً، لأنها الجار الذى يحمل فوق كتفيه هموم القضية، وازداد الموقف صعوبة بعد اجتياح رفح الفلسطينية،وإسرائيل تعلم جيداً أنه ليس فى صالحها «جر شكل» مصر، وتبعات توسيع رقعة المواجهة، وهى لم تستطع منذ أكثر من قرابة سبعة شهور أن تقضى على حماس وحدها.
الثوابت المصرية واضحة والموقف المصرى لم يتغير منذ بداية الأحداث، لوقف تصفية القضية الفلسطينية وإحياء آمال حل الدولتين، وأن تنعم كل شعوب المنطقة بالهدوء والاستقرار.

الأيام القادمة هى الأصعب، وإسرائيل تتعنت لإفشال المفاوضات، مما يحتم تضافر كل الجهود لمنع مزيد من الانفجار، وأن يكون الهدف النهائى هو إنقاذ الشعب الفلسطيني.