إسرائيل تواجه غليان الداخل وعزلة الخارج.. نتنياهو يقود دولة الاحتلال إلى الهاوية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

غضب ورفض وإحباط.. مشاعر تجاوزت القلوب والحناجر، فعبرت إلى الشوارع والطرق في قلب تل أبيب عاصمة دولة الاحتلال الإسرائيلي، تطالب فيما يبدو بوقف الغطرسة الإسرائيلية التي لم تجد معها مكاتب السياسيين ولا حنكة الدبلوماسيين ولا توسلات المنظمات الدولية. 

وخرجت مظاهرات في إسرائيل ضد سياسات رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقطع المحتجون طرقا رئيسية، احتجاجا على إصرار حكومة الاحتلال على مواصلة الحرب التي تدخل شهر السابع، والمطالبة بالتوصل لاتفاق يؤدي لإطلاق سراح المحتجزين الاسرائيليين بشكل فوري، وفق وسائل إعلام عبرية. 

كسر العلاقة الحميمة الأمريكية

وكسرت حرب الإبادة الجماعية، التي يقودها الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة، العلاقة الحميمة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، التي تمتد لأكثر من 40 عامًا، على خلفية القتل الممنهج الذي يتعرض له الفلسطينيون سواء في الضفة الغربية على يد المستوطنين أو في قطاع غزة على يد الجنود، وحاليًا التهديد باقتحام رفح الفلسطينية.

وقرر الرئيس الأمريكي جو بايدن، تعليق إمداد إسرائيل بشحنات من الأسلحة تتعدى قيمتها 200 مليون دولار، على خلفية إصرار إسرائيل على اقتحام رفح، فيما يعد تأديبًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يبدو أنه تجاهل تحذيرات حليفه الرئيسي.

ومنذ أسابيع، اشتكى بايدن من أن نتنياهو "يمنحه الجحيم" ومن المستحيل التعامل معه بسبب فشله في إقناع إسرائيل تغيير تكتيكاتها العسكرية، وأكدت شبكة "إن بي سي نيوز" أن بايدن نفّس عن إحباطه ووجه إشارات ازدراء لنتنياهو حتى أنه وصفه بالأحمق وأنه يريد أن تستمر الحرب حتى يتمكن من البقاء في السلطة.

 

تجاهل التحذيرات الأمريكية

ورغم التحذيرات الأمريكية، تحرك الجيش الإسرائيلي بأمر من نتنياهو، وقام بالاستيلاء على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، في عملية وصفها الاحتلال بـ المحدودة، إلا أنه بحسب موقع أكسيوس، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بمنع تسليم شحنات القنابل والمعدات الموجهة كوسيلة للتعبير عن قلقها بشأن خطط غزو رفح.


وقال عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إن إسرائيل غير جادة في التوصل لاتفاق بشأن الهدنة في قطاع غزة، وتستخدم المفاوضات كغطاء لاجتياح رفح الفلسطينية، وأنّ الحركة متمسكة بموقفها تجاه مقترح الهدنة وبموافقتها عليه، التي أبلغتها للوسطاء"، حسبما أفادت "رويترز".

وهي التصريحات التي جاءت في وقت استضافت فيه القاهرة محادثات جديدة لوقف إطلاق النار، بحضور وفود من حماس وإسرائيل والولايات المتحدة وقطر في محاولة للتوصل إلى اتفاق.  

نتنياهو يفضل اجتياح رفح

وقال فرانك لوينشتاين، الذي عمل كمبعوث خاص للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، خلال الحرب بين إسرائيل وغزة عام 2014، لـ"سي إن إن": "أن حماس قبلت المدة التي اقترحها الوسطاء، إلى جانب ضمانات وقف إطلاق النار الدائم التي من الواضح أنها غير قابلة للتنفيذ، وأن الأمر الآن متروك لنتنياهو الذي يفضل اجتياح رفح بسبب سياساته الائتلافية المتطرفة بدلًا من التوصل إلى وقف لإطلاق النار يمكن أن ينهي الحرب ويؤدي على الأرجح إلى إجراء انتخابات".      

قطيعة تركية 

والأسبوع الماضي، أعلن وزير التجارة التركي عمر بولات، تعليق التجارة مع إسرائيل حتى إعلان وقف إطلاق نار دائم وتأمين تدفق المساعدات الإنسانية، وإيقاف جميع الصادرات والواردات من وإلى إسرائيل، بسبب أسوأ مأساة إنسانية في الأراضي الفلسطينية وموقف إسرائيل المتشدد، حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين 6.8 مليار دولار في عام 2023، بحسب "رويترز".

احتجاجات عالمية

واشتعلت احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية منذ الأسبوعين الماضيين، وتواصلت حملات القمع والاعتقالات من جانب الشرطة، فيما تعهد الطلاب بمواصلة اعتصامهم في الخيام لحين تلبية مطالبهم، وامتدت المظاهرات الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين في أنحاء العالم، لتصل إلى الجامعات في المكسيك وفرنسا وسويسرا وأستراليا وحتى الهند وغيرها من بلدان العالم.

عزلة دولية 
وسجل عدد من دول أمريكا الجنوبية احتجاجات دبلوماسية ضد إسرائيل، رداً على حرب الإبادة في غزة، أبرزها هندوراس وتشيلي وكذلك حكومة بوليفيا اليسارية التي علاقاتها بالكامل، كما أعلن الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، أن بلاده ستقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بسبب تصرفاتها في غزة".

وفي نوفمبر الماضي، أعلنت جنوب أفريقيا استدعاء جميع دبلوماسييها من تل أبيب "للتشاور"، وكذلك فعلت تشاد، وتركيا والأردن والبحرين 

وبلغت العزلة الإسرائيلية ذروتها في 25 مارس عندما أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، رغم الاعتراضات الإسرائيلية، قراراً يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وأثارت الولايات المتحدة غضب إسرائيل بالسماح بتمرير القرار، كما أمرت المحكمة الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي تنظر في مزاعم الإبادة الجماعية في غزة، إسرائيل ببذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين في غزة.

تراجع شعبية نتنياهو 
وتراجعت شعبية نتنياهو منذ اندلاع الحرب، حيث يحمله الكثيرون مسؤولية الإخفاقات الاستخباراتية والأمنية التي سمحت بوقوع هجوم 7 أكتوبر، ومع ذلك، فقد رفض الدعوات التي تطالبه بالاستقالة أو إجراء تحقيقات في الأخطاء التي حدثت، في وقت يواجه نتنياهو وشركاؤه المتطرفون في حكومة الحرب، خسائر محتملة في صناديق الاقتراع.

وقدم الجنرال الإسرائيلي، والخبير العسكري، إسحاق بريك نظرة متشائمة لمستقبل "إسرائيل" في ظل إخفاقات الجيش الإسرائيلي، ورئيس الحكومة، في إدارة المعركة والحرب على غزة، مشيرا إلى أن بنيامين نتنياهو وقادة الجيش يفعلون كل شيء من أجل بقائهم في السلطة.

وتحت عنوان "نتنياهو والجيش يقوداننا إلى الهاوية"، كتب بريك لصحيفة "هآرتس"، قائلا، إن "إسرائيل" تقف الآن على مفترق طرق حاسم، نتيجة إخفاق الجيش والحكومة في إدارة المرحلة الدقيقة، والمفصلية في حياة الإسرائيليين ومستقبلهم، محذرا من بقاء الطبقة السياسية الحالية في المشهد بقوله "إذا لم يقم الشعب الإسرائيلي بإجراء تغيير لاستبدال المستوى السياسي والأمني الفاسديْن، فإننا ببساطة لن نبقى على قيد الحياة هنا".