جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين بلا نهاية| واشنطن تحمي «الباطل» من أجل مصالح «سافلة»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتبت: دينا توفيق

تقدم الولايات المتحدة الدعم الكامل لإسرائيل، حيث تنظر واشنطن إلى الأخيرة كأحد الأصول الاستراتيجية الأمريكية الرئيسية والحيوية لمصالحها فى الشرق الأوسط. فالولايات المتحدة لديها مصالح اقتصادية واستراتيجية فى الشرق الأوسط الغنى بالنفط يسعى لحمايتها حتى ولو بطرق غير أخلاقية، لذا فإن الكيان الصهيونى هو الحليف الأفضل أو حتى الوحيد للولايات المتحدة فى المنطقة. لقد وقفت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى جانب إسرائيل عبر التاريخ؛ حتى أن اندلاع الحرب الأخيرة فى غزة أكد من جديد أن واشنطن وتل أبيب لا تزالان مترابطتين بإحكام كما كانتا دائمًا.

◄ الساسة الأمريكيون استغلوا الشعور الدينى لخدمة أيديولوجيتهم

◄ بايدن: لو لم تكن إسرائيل موجودة لاخترعناها

◄ مساعدات أمريكية عسكرية بـ3.8 مليار دولار سنويا لإسرائيل

تواصل القوة العسكرية الإسرائيلية المدعومة من واشنطن، التى لا يمكن إيقافها تدميرها للفلسطينيين فى غزة. ويشمل الهجوم منع توفير «الغذاء والماء والدواء والكهرباء والوقود»، وهى أوامر إبادة جماعية صريحة أصدرها رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» ووزراؤه المتطرفون المتعطشون للدماء.

هناك دعم أمريكى ومساندة قوية حتى فى المجازر العسكرية الجماعية التى يرتكبها نتنياهو ضد الشعب الفلسطينى، وتدينها الإنسانية جمعاء. ووفقًا لموقع «فوكس» الأمريكى، أكد المسئولون الأمريكيون مرارًا وتكرارًا على دعمهم الثابت لإسرائيل، دبلوماسياً ومالياً وعسكرياً. وكان الرئيس الأمريكى «جو بايدن» واضحًا فى خطاباته التى تلت الاعتداءات، حيث قال «نحن نقف مع إسرائيل وسنتأكد من أن لديها ما تحتاجه لرعاية مواطنيها، والدفاع عن نفسها والرد على هذا الهجوم.» لم تكن هذه المرة الأولى الذى أظهر بايدن دعمه للكيان الصهيونى، ففى تصريحاته السابقة قال إنه لو لم تكن إسرائيل موجودة، لكان من المفترض أن تخترعها الولايات المتحدة.

◄ الجائزة
وفى خطاب ألقاه فى اجتماع نيويورك للمؤتمر اليهودى العالمى فى عام 2016، حينما كان نائب الرئيس آنذاك «أنا صهيونى، لكن ليس من الضرورى أن أكون يهودياً»، وبعد ذلك حصل على جائزة «ثيودور هرتزل» وأصبح المتوج الجديد للجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية «أيباك»، أقوى لوبى فى الولايات المتحدة، حسب ما ذكره موقع شبكة «NBC» الإخبارية الأمريكية.
هذا بالإضافة إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن» أثناء إحدى لقاءاته مع نتنياهو، حيث قال «قد تكون قويًا بما يكفى للدفاع عن نفسك، ولكن طالما أن أمريكا موجودة، فلن تضطر إلى ذلك أبدًا، سنكون دائمًا بجانبك»، وفقًا للموقع الرسمى للخارجية الأمريكية. لقد كانت العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل إحدى السمات الأكثر ثباتًا فى السياسة الخارجية الأمريكية منذ ما يقرب من خمسة عقود ونصف.

إن المساعدات العسكرية التى تبلغ 3.8 مليار دولار التى ترسلها واشنطن سنويًا إلى إسرائيل، أكبر عما قدمته الولايات المتحدة لأى دولة أخرى فى العالم. لم يكن هناك يومًا تشكيك أو محاولة لإيقافها من قبل الكونجرس، مثلما يحدث مع الحكومات التى تنخرط فى انتهاكات لحقوق الإنسان أو من قبل المحافظين الذين عادة ما يعارضون المساعدات الخارجية بشكل عام. ومع بداية الاعتداءات، صوتت أغلبية كبيرة من الحزبين فى مجلس الشيوخ لصالح إرسال 14 مليار دولار إضافية كمساعدات عسكرية لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى.

◄ مصلحة استراتيجية
وحتى الآن ورغم وحشية الإبادة الجماعية لعائلات بأكملها تصل إلى ثلاثة أجيال، جميعهم من المدنيين العزل فى الشوارع وفى منازلهم بأسلحة وصواريخ أطلقتها الطائرات الحربية الإسرائيلية وارتكاب جرائم ودمار لم يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية، تواصل الولايات المتحدة مساعداتها غير المشروطة لإسرائيل، التى بلغ مجموعها 158 مليار دولار منذ الحرب العالمية الثانية، وهو أكثر مما قدمته الولايات المتحدة لأى دولة أخرى. وبينما قال المسئولون الأمريكيون إنهم لن يرسلوا قوات إلى إسرائيل، تظل الولايات المتحدة أيضًا منخرطة بعمق فى دعم الجيش الإسرائيلى وقوات الأمن. وفى أعقاب الأحداث الأخيرة، فإنها ترسل حاملات صواريخ موجهة ومقاتلات من طراز F-35 بين معدات أخرى، ومن المرجح أن يأذن الكونجرس بتقديم مساعدات إضافية أيضًا.

وأرجع موقع «فوكس» الإخبارى الأمريكى، دعم الولايات المتحدة لإسرائيل إلى قوة العلاقات التاريخية والاقتصادية بينهما. والولايات المتحدة، التى دعمت إنشاء دولة يهودية منذ الحرب العالمية الثانية، هى الشريك التجارى الأكبر للكيان الصهيونى، حيث تبلغ التجارة الثنائية السنوية ما يقرب من 50 مليار دولار فى السلع والخدمات.

وعلاوة على ذلك، أكد المسئولون الأمريكيون لفترة طويلة أيضًا أن علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل تحمل قيمة استراتيجية باعتبارها قوة استقرار فى الشرق الأوسط، مما أدى إلى إبعاد الاضطرابات التى من شأنها أن تهدد الوصول إلى إمدادات النفط الإقليمية التى تظل واشنطن تعتمد عليها. وفى عام 2013، قال بايدن، نائب الرئيس آنذاك، «إنه ليس مجرد التزام أخلاقى طويل الأمد؛ بل إنه التزام استراتيجى».

وأضاف: «إن وجود إسرائيل مستقلة ومعترفاً بها من قبل العالم هو فى المصلحة الاستراتيجية العملية للولايات المتحدة الأمريكية.» وفى الآونة الأخيرة، كانت إسرائيل ركيزة أساسية لهدف الولايات المتحدة المعلن المتمثل فى خلق «شرق أوسط متكامل ومزدهر وآمن» فى حين تتطلع إلى تحويل تركيزها إلى أجزاء أخرى من العالم، بما فى ذلك روسيا والصين. ويرى الكاتب الكندى «ميشيل شوسودوفسكى»، أستاذ الاقتصاد فى جامعة أوتاوا، أن الجغرافيا السياسية للنفط وخطوط أنابيب النفط تعتبر أمرًا بالغ الأهمية فى إدارة هذه العمليات العسكرية. وتضم منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الأوسع أكثر من 60% من احتياطيات النفط فى العالم. هناك فى الوقت الحاضر خمسة مسارح حرب فى منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى؛ أفغانستان وباكستان والعراق وفلسطين وليبيا وسوريا.

ووفقًا للموقع الأمريكى، لقد ساعد التاريخ الطويل للمساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل الدولة على تطوير براعتها العسكرية، ولا تزال تمثل حصة كبيرة من الميزانية العسكرية الإسرائيلية. وبمرور الوقت، استطاع الكيان الصهيونى بناء قدرته الإنتاجية العسكرية الخاصة، لكن الولايات المتحدة واصلت مساعداتها كدليل على دعمها الكامل له، حتى فى مواجهة المعارضة العالمية لمعاملة إسرائيل للفلسطينيين. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عام 1999، توقيع الولايات المتحدة على أول مذكرة من ثلاث مذكرات مدتها عشر سنوات تلتزم فيها بتقديم المليارات من المساعدات العسكرية سنويًا للكيان الصهيونى، بينما كان الرئيس السابق «بيل كلينتون» يعتزم تعزيز السلام الدائم بين إسرائيل وجيرانها العرب.

وبعد هجمات 11 سبتمبر، ساعدت هذه الأموال فى تحفيز التقدم فى تكنولوجيا المراقبة الإسرائيلية واستخبارات الإشارات، التى بحلول العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، «كانت على الأقل جيدة مثل الولايات المتحدة، وفى بعض الحالات أفضل منها». وفى عام 2011، نفذت إسرائيل نظام القبة الحديدية، وهو نظام دفاع صاروخى جوى قصير المدى يستخدم تكنولوجيا الرادار لتدمير الصواريخ. يستخدم النظام أجزاء مصنوعة فى الولايات المتحدة، ويتم تمويله جزئيًا من قبلها. حاليًا، تتلقى إسرائيل مساعدات عسكرية بأكثر من 3 مليارات دولار من الولايات المتحدة سنويًا بموجب مذكرة موقعة عام 2019. 

◄ اللعب بالدين
وعلى قناة «فوكس نيوز» الأمريكية، أعلن الجمهورى « ليندسى جراهام» قائلًا، «نحن فى حرب دينية هنا وأنا مع إسرائيل. افعل ما عليك فعله للدفاع عن نفسك.» وهذا لا يقتصر على جراهام أو على خطاب الإبادة الجماعية المتمثل فى «تسوية المكان»؛ فالمخاوف بشأن الإبادة الجماعية ليست بلا جدوى، نظراً للقصف الجارى والمستمر على غزة بالفعل. لكن دعوة جراهام تكشف سبب عزم بعض الفصائل فى الولايات المتحدة على الضغط من أجل ذلك، فهم لا ينظرون إلى هذا باعتبارها مشكلة سياسية طويلة الأمد، بل يريدونها حربًا مقدسة؛ إنهم يريدون نسختهم من نهاية العالم، ويريدونها الآن.

لقد ظل جراهام يدعو إلى هذا الأمر لسنوات، كمحاولة أن يجعل الحروب والهجمات ضد المسلمين حربًا على الدين، لأن كل ذلك يخدم غاية معينة. هناك دائمًا تبريرات تدافع عن العنف الإسرائيلى باعتباره إلهيًا، مثل مطالبة الجيش الإسرائيلى أكثر من مليون فلسطينى بإخلاء النصف الشمالى من قطاع غزة خلال 24 ساعة. وتعرض الصحفيون للقصف، وقُتل موظفو الأمم المتحدة، وعجزت المستشفيات عن العمل. يجد ائتلاف الإنجيل كل هذا طبيعيًا، بل وجديرًا بالثناء، لأنه يناسب إطارهم اللاهوتى. واستطاع صناع القرار داخل واشنطن أن يستغلوا هذا الشعور الدينى بما يخدم أيديولوجيتهم وسياستهم. وتدافع القوى فى الولايات المتحدة عن هذا العنف وتريد أن تستمر الحرب أو حتى تزداد سوءًا. وقد تساعد ثرواتهم وسلطتهم ونفوذهم السياسى فى تحقيق ذلك.