بعد هجمات تل أبيب وطهران| إيران «محلل» صفقة رفح بين إسرائيل وأمريكا

استمرار الغارات الإسرائيلية على غزة
استمرار الغارات الإسرائيلية على غزة

■ كتبت: دينا توفيق

مخاوف من تصاعد الأحداث في الشرق الأوسط مع بدء الضربات الانتقامية المتبادلة بين إسرائيل وإيران. هجمات وخطابات تنذر بمشهد جيوسياسي محفوف بالمخاطر وقد تؤدي إلى صراع أوسع في المنطقة وزعزعة استقرارها.

على مدى سبعة أشهر، وقع قطاع غزة فريسة لعملية مطولة يقوم بها الكيان الصهيوني، وأسفرت عن تداعيات إنسانية عميقة.. وفى خضم أوجه القصور الواضحة التى تعيب الدبلوماسية الدولية، يمضى رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» فى التخطيط لاجتياح رفح الفلسطينية، بتصعيد صراعه طويل الأمد مع طهران، الأمر الذى أدى إلى تخوف المجتمع الدولى من اندلاع حرب أوسع فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط.

◄ واشنطن تمكنت بطريقة ما من نزع فتيل المواجهة

◄ غزو رفح سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بغزة

جددت مصر الإعراب عن قلقها البالغ تجاه التصعيد الإيرانى الإسرائيلى المتبادل فى بيان صادر عن وزارة الخارجية، وذلك على إثر ما تردد عن توجيه ضربات صاروخية ومسيرات ضد مواقع فى إيران وسوريا.

وطالبت مصر الطرفين بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والامتثال الكامل لقواعد القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، محذرةً من عواقب اتساع رقعة الصراع وعدم الاستقرار فى المنطقة، وآثارها الخطيرة على أمن وسلامة شعوبها. وأكدت مصر أنها سوف تستمر فى تكثيف اتصالاتها مع جميع الأطراف المعنية والمؤثرة من أجل احتواء التوتر والتصعيد الجارى.

■ إيتمار بن جفير

◄ مجاعة وشيكة
قبل 13 أبريل، كان قدر كبير من اهتمام العالم منصبًا على المجاعة الوشيكة فى غزة، وعلى فشل الكيان الصهيونى فى تحقيق أهدافه الحربية المتمثلة فى الإطاحة بحماس وإعادة الرهائن بعد أكثر من ستة أشهر من الحرب. وتعرض نتنياهو حينها لضغوط من الرئيس الأمريكى «جو بايدن» للسماح بدخول مساعدات إنسانية كافية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، فضلاً عن نداءات المتظاهرين الإسرائيليين لإبرام صفقة الرهائن وإجراء انتخابات جديدة.

ولكن تلاشى كل ذلك عندما أطلقت إيران مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ على إسرائيل ردًا انتقاميًا طال انتظاره على الغارة الإسرائيلية التى أسفرت عن مقتل قادة كبار من الحرس الثورى الإيرانى فى دمشق مطلع الشهر الجارى.

وعقب الهجوم الإيرانى، أجرى مسئولون أمريكيون وإســرائيليـون محادثات مؤخرًا لمناقشة عملية برية إسرائيلية محتملة فى مدينة رفح جنوب قطاع غزة مع ضربات محدودة صوب إيران. وترأس المحادثات مستشار الأمن القومي الأمريكي «جيك سوليفان» الوفد الأمريكى، كما ترأس وزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلي «رون ديرمر» ومستشار الأمن القومي «تساحى هنجبى». وخلال الاجتماع، وجدت واشنطن وتل أبيب نفسيهما متباعدتين بشأن مسألة حماية المدنيين فى رفح، إلا أن إسرائيل قالت إنها تستطيع نقل الفلسطينيين من المدينة خلال أربعة أسابيع، بينما يرى الجانب الأمريكى أن الأمر يحتاج أربعة أشهر. ومنذ ذلك الحين، اجتمعت مجموعات العمل لإيجاد حل وسط بين الموقفين. 

■ حسين أمير عبد اللهيان

◄ هجوم بري
ووفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية، قد أخبر نتنياهو الدبلوماسيين الغربيين أنه سيمضى قدماً فى هجوم برى على رفح فى جنوب غزة، وأشار أيضاً إلى أن الانتقام الإسرائيلى المتوقع رداً على الصواريخ الإيرانية سيكون محسوبًا، بينما زعم أيضًا أنه سيغمر غزة بالمساعدات ويضمن منح المدنيين ووكالات الإغاثة فرصة كبيرة للفرار من رفح، الملاذ الأخير لما لا يقل عن 1٫4 مليون نسمة. وتواجه الولايات المتحدة معضلة منذ أن قالت حتى الآن إنها لم تر أى خطة إسرائيلية ذات مصداقية لطرد حماس لا تؤدى إلى كارثة إنسانية.

لكن اللغة الأمريكية التى تستبعد الهجوم على رفح بدأت تضعف تدريجيًا.

ومن الواضح أن واشنطن تمكنت بطريقة ما من نزع فتيل المواجهة بين إسرائيل وإيران؛ بالضربات المحدودة ربما المتفق عليها بين الأطراف، لكن الحرب فى غزة ما زالت مشتعلة خاصة أن إسرائيل لا تزال تهدد باقتحام رفح المكتظة بالسكان. لكن خلاف بايدن مع نتنياهو إن وجد فهو على التكتيك العسكرى وليس على الأهداف، وفقًا لموقع منظمة «الديمقراطية الآن».

ورغم ما تناقلته وسائل الإعلام الأمريكية من ظهور ملامح انقسامات بين واشنطن وإسرائيل بشأن الأسلوب المتبع فى الحرب فإن مسئول البيت الأبيض قال: نواصل دعم إسرائيل وحقها فى الدفاع عن نفسها بدون شروط.

فقد شحن بايدن أكثر من 10 آلاف طن من الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل، وتجاوز مرتين الكونجرس لتسريع عمليات نقل الأسلحة، واستخدم حق النقض أربع مرات فى مجلس الأمن لإفشال قرارات كان من ضمنها قراران لوقف إطلاق النار فى غزة، وبحث كيفية تهجير الفلسطينيين بشكل دائم من غزة، رغم أن الموقف الأمريكى المعلن يعارض التهجير.

كما طلب بايدن من نتنياهو إرسال فريق من المسئولين الأمنيين إلى واشنطن لبحث المقترح الأمريكى لتقليص عدد الضحايا المدنيين عند اجتياح رفح المكتظة بالنازحين والمدنيين، دون أن يطلب صراحة وقف إطلاق النار.

■ دانييل هاجاري

◄ اقرأ أيضًا | مندوب فلسطين: يجب فرض عقوبات على إسرائيل لضمان تنفيذ قرارات مجلس الأمن

◄ مهاجمة رفح
وتساءل الكاتب الأمريكى «كارى كيلر لين» بصحيفة «وول ستريت جورنال» لماذا تخطط إسرائيل لمهاجمة رفح رغم الشكوك الأمريكية؟، وفقًا لما سرده لين نقلًا عن المؤرخ العسكرى فى الجامعة العبرية فى القدس «دانى أورباخ»، إن السيطرة على رفح أمر حيوى إذا أرادت إسرائيل إحباط التمرد الذى تقوده حماس فى غزة. وأضاف أن القادة الأمريكيين لا يفهمون أنه منذ بدء الحرب فى 7 أكتوبر، يؤيد الإسرائيليون بقوة القضاء على الجماعة باعتبارها تهديدًا، مهما كانت التكلفة فى الأرواح الإسرائيلية والفلسطينية.

ووعدت إسرائيل بأنها ستعد لإجلاء العديد من اللاجئين المتجمعين حاليًا فى رفح قبل شن هجوم برى. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى «دانييل هاجارى» فى وقت سابق من هذا الشهر إن إسرائيل ستعمل مع شركائها الدوليين لبناء «ممرات إنسانية» داخل غزة حيث يمكن للاجئين الذين تم إجلاؤهم من رفح الحصول على الغذاء والماء والمأوى والعلاج الطبى. ولن يتم الهجوم البرى ضد حماس فى رفح إلا عندما تصبح تلك المرافق جاهزة.

وتدرك واشنطن أيضًا أن معبر رفح يشكل نقطة عبور رئيسية للمساعدات الإنسانية وأى زيادة فى القتال ستفاقم المأساة لكن مساعى البيت الأبيض اقتصرت على تأجيل غزو رفح وليس منعه. ويتوقع هذا الاجتياح بحسب تقارير إعلامية فى شهر مايو المقبل.

وقال المسئولون الأمريكيون لموقع «أكسيوس» إن إسرائيل تدرس عملية تدريجية فى أحياء محددة فى رفح سيتم إخلاؤها مسبقًا بدلاً من شن هجوم شامل على المدينة. وقبلت الولايات المتحدة خطة جيش الاحتلال للقيام بعملية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة مقابل رد محدود ضد إيران بعد هجوم الأخيرة غير المسبوق بالصواريخ والطائرات بدون طيار، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وفى غضون ذلك، تواصل إسرائيل شن هجمات جوية على رفح. ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مسئول لم يذكر اسمه قوله إن «الإدارة الأمريكية أبدت قبولها للخطة التى سبق أن قدمتها حكومة الاحتلال بشأن العملية العسكرية فى رفح، مقابل عدم تنفيذ هجوم واسع النطاق ضد إيران».

وفى متابعة للوعود بدعم إسرائيل بعد الهجوم الإيرانى، أعلنت الولايات المتحدة أيضًا فرض عقوبات جديدة على إيران. ويرى المحلل الأمريكى «تريتا بارسى»، أن نتنياهو يحاول إثارة الصراع بين الولايات المتحدة وإيران «لأكثر من عقدين من الزمن»، وبالنظر إلى أن بايدن أظهر عدم الرغبة فى «رسم أى خطوط حمراء لإسرائيل علنًا».

«يمكن أن تصبح هذه الاستفزازات الأخيرة «فرصة» رئيسية لمثل هذه الحرب، خاصة أن ضبط النفس الإيرانى لا يمكن أن يستمر إلى الأبد».

■ رون ديرمر

◄ رسائل لواشنطن
ورغم ما قاله وزير الخارجية الإيراني «حسين أمير عبد اللهيان»، إن بلاده أرسلت عدة «رسائل» إلى واشنطن للتأكيد على أن إيران لا تسعى إلى توسيع التوترات فى الشرق الأوسط مع إسرائيل، إلا أن انتقام الأخيرة المدروس على إيران، تم تنفيذه ضمن معايير الاتفاقيات الموضوعة مسبقًا مع نظرائها الأمريكيين، ويؤكد الأهداف الاستراتيجية، وفقًا لما نشره موقع «سبيشيال يورو- آسيا» الإيطالى. ورغم وصف وزير الأمن القومى الإسرائيلى «إيتمار بن جفير» للقصف بأنه «ضعيف»، إلا أن تل أبيب حصلت على فوائد استراتيجية كبيرة.

أولاً، من خلال تنظيم هجوم محدود متفق عليه مع واشنطن، قد تحصل إسرائيل على موافقة الأخيرة على غزو رفح، مما يؤدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة بالفعل فى قطاع غزة.

ثانياً، كان الهدف الأساسي من استهداف المبنى القنصلى الإيرانى فى دمشق هو تحويل الاهتمام الدولى عن الضحايا المدنيين المستمرين فى غزة وتعزيز الوحدة بين الحلفاء الغربيين؛ وخاصة بعد مقتل سبعة من عمال الإغاثة من المطبخ المركزى العالمى فى غارة جوية إسرائيلية على غزة، كان هناك ابتعاد ملحوظ لبعض الدول الغربية عن حكومة نتنياهو.

ووفقًا لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، من خلال إثارة التهديد الإيرانى، توقعت تل أبيب استراتيجيًا جبهة غربية موحدة لدعمها. لذا فإن مهاجمة إيران وغزو رفح هما شريان الحياة لبقاء نتنياهو فى السلطة.