يوميات الأخبار

كتالوج التعامل مع العصبية

د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى

لازم الأهل يتابعوا المحتوى اللى بيشوفه الأبناء لإن معظم المحتويات الموجه للأطفال أصبحت لا تخلوا من العنف ومحفزات العصبية

كلنا نعلم أن الزمن اللى عايشينه مليء بالضغوطات والتحديات اللى بدورها استنزفت صحتنا وأثرت على نفسيتنا بالسلب..

وتيرة الحياة السريعة وارتفاع سقف توقعات البشر والمقارنات التى لا تنتهى أصبحت أهم العوائق أمام صحتنا النفسية واستقرارنا الداخلي..

تقريبًا لو بصينا حولينا مش هنلاقى إلا أشخاص عصبية يغلب عليهم التوتر ومضغوطين من أول ما بيصحوا لحد ما بيناموا.

ولذلك هنتكلم فى يوميات اليوم عن العصبية و تأثيرها على أولادنا وعلينا..

العصبية هى رد فعل واستجابة للضغوطات المحيطة ومسببات القلق بينتج عنها استجابة فسيولوجية وهرمونية لمواجهة الضغط والتوتر وينتج عنه زيادة فى افراز هرمون الادرينالين اللى بيسبب زيادة فى ضربات القلب، ارتفاع ضغط الدم، اضطرابات فى المعدة، صداع، صعوبة فى التركيز وضيق التنفس.

العصبية تعتبر أمر طبيعى ممكن يتعرض ليه أى انسان طالما كانت مؤقتة وتزول بزوال المسبب ولكن الغير طبيعى انها تكون ملازمة للشخص وحدتها تزداد مع الوقت ولا تقل..

معظم الأهالى فى الزمن ده بتشتكى إن أطفالهم عصبيين رغم ان كل الدراسات أكدت انه مفيش طفل بيتولد عصبي، ده سلوك اكتسبه الطفل من البيئة المحيطة بيه وغالبًا بيكونوا الأم والأب..

لازم نفهم أن العوامل الوراثية لا تتعدى ٢٥٪ فى تشكيل شخصية الطفل و ٧٥٪ من شخصيته تعود للبيئة والعوامل المحيطة..

للأسف يغفل معظم الأهالى أن الأطفال بتكتسب المهارات والطباع بالتقليد، فى خلايا فى المخ اسمها الخلايا العصبية المرآتية mirror neurons كل وظيفتها محاكاة الواقع وتقليد كل ما تراه.

ولذلك فإن مقولة «من شابه أباه فما ظلم» واقعية جدًا.

ولذلك لو هنتطرق لحلول معالجة لعصبية الأطفال فإن أهم هذه الحلول إن الأهل يكونوا القدوة لأولادهم.. البيت الهادى هيتربى فيه أطفال هادية ومستقرة نفسيًا، لكن البيت المليء بالمشاحنات والصراخ والخناقات هيتربى فيه أطفال عصبية مشافتش سلوك غير العصبية عشان تقلده!

لو طفلك بقى عصبى فعلًا نتيجة تنشئته فى جو مشحون لازم الأهل يتداركوا خطأهم ويبدأوا يركزوا على سلوك الطفل الجيد وتشجيعه عليه لأن الطفل اذا وجد ان السلوك السيئ الخاطئ هو اللى بيجعله محور اهتمام الأسرة فا ده أكبر دافع ليه لتكراره..

يجب على الأهل تسمية المشاعر بمسمياتها لإن جزء كبير من عصبية الأطفال بتنتج من عدم قدرتهم على التعبير عن احساسهم..

لازم نسمع من الطفل احساسه بدون مقاطعة ونحترم شعوره ونفهمه ان احساسه ده اسمه «غضب/ حزن/ قلة حيلة.. الخ».. وكل المتخصصين فى التربية

أجمعوا أن معظم عصبية الطفل هتختفى بمجرد انه قدر يعبر عن اللى جواه وأهله تفهموا احساسه حتى لو بعدها هيواجهوه وهيصححوله أخطائه..

مهم جدًا أن الأهل بعد ما بيسموا المشاعر بمسمياتها يفهموا أولادهم كيفية التعامل مع هذه المشاعر..

فى طريقة ذكرها المتخصصين ان الأهل يخصصوا مع الطفل مكان لأخذ وقت راحة مستقطع - ولتكن غرفة الطفل- يتجه ليها وقت احساسه بالغضب والعصبية ويختار طريقة للتنفيث عن غضبه سواء بتقطيع ورقة لقطع صغيرة، لكم المخدات، الرسم، التلوين لحد ما يهدى والطريقة دى أثبتت نجاحها فى تحجيم عصبية الأطفال..

للأسف عدد الساعات اللى بيقضيها الأطفال على الشاشات بتزود من العصبية وبتسبب فرط الحركة وتشتت الانتباه والعنف عند الأطفال ولازم الأهل يقننوا استخدام الشاشات ويوفروا بدائل صحية للطفل تعطيه فرصة للانخراط مع من حوله وتزود مهاراته زى ممارسة الرياضة، ممارسة هواية، القراءة، اللعب الحر مع أصحابه.. ولازم الأهل يتابعوا المحتوى اللى بيشوفه الأبناء لإن معظم المحتويات الموجه للأطفال أصبحت لا تخلوا من العنف و محفزات العصبية..

تخيلوا ان تمارين التنفس زى ما هى مهمة للكبار فهى مهمة جدًا للأطفال وممكن نشجعهم عليها باعتبارها لعبة» الطفل والمربى هياخدوا شهيق عميق - ونفهمهم يعنى ايه شهيق- ويحبسه لـ ٥ عدّات و يخرجه على ٣ عدّات.. ولازم الأهل يقوموا بتمارين التنفس مع الطفل ولازم الطفل يكون كبير فى السن شوية لمزيد من الحرص ولفهم الخطوات اللى المفروض يعملها..

أما بالنسبة للأهل وكيفية السيطرة على العصبية فى تربيتهم لأولادهم حفاظًا على نفسيتهم..

جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له أوصني. قال لا تغضب، فردد مرارًا، قال لا تغضب.. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وانطلاقًا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فإن الأهل لازم يتعلموا من وصايا الرسول خطورة الغضب وعواقبه الوخيمة، وأن وقت الغضب فى خطوات هتساعدهم للسيطرة على الغضب منها «الاستعاذة بالله من الشيطان الرچيم/ السكوت منعًا ان الشخص ينفعل أو يلفظ بما لا يليق / تغيير الحالة من الجلوس للقيام وهكذا / الوضوء/ الاستعانة بالله والدعاء بالهداية»

لازم الأهل يحطوا ايديهم على الأسباب الحقيقية وراء عصبيتهم ويجدوا لها حلول، هل العصبية بسبب ضغوطات العمل، مشاكل مع شريك الحياة، مسئوليات الشخص مش قادر عليها لوحده، تعب جسدى أو نفسى.. لإن غالبًا الأم اللى بتتعصب على ابنها عشان لعب كورة فى الشقة ورد فعلها كان مبالغ فيه جدًا، السبب وراء عصبيتها مش فعل ابنها ولكن فى سبب تانى بتحاول تتجاهله فا لو واجهته حدة عصبيتها هتقل..

لتقليل عصبية الأهل لازم يتعاملوا مع أطفالهم على انهم أطفال.. مشكلة أهالى كتير انها بتنسى سن أولادها وعقليتهم الغير مكتملة وبيحاسبوهم على أفعالهم كإنهم أشخاص بالغين مسئولين عن تصرفاتهم..

لازم الأهل يواجهوا نفسهم بالأسئلة دى «ياترى انا بتعصب كام مرة فى اليوم/ ايه المواقف اللى بتعصبنى/ هل المواقف تستدعى رد فعلى المبالغ فيه/ هل علاقتى بأولادى كويسة/ هل أولادى بيخافوا من عصبيتى/ هل وقت العصبية بشتم أولادى أو بضربهم».. الاجابات دى هتوضحلك قد ايه انت محتاج تقف وقفة مع نفسك وتاخد قرار انك تبطّل العصبية فى أسرع وقت.

لازم الأهالى يعرفوا هل فى مسببات عضوية للعصبية الزائدة لإن نقص ڤيتامين د، نقص الحديد ومشاكل الغدة الدرقية بتسبب العصبية ولذلك لازم نراجع الطبيب عشان نعالج مسببات العصبية..

قرارك انك تتخلى عن العصبية لازم يكون قرار داخلى نابع من جواك لإنك مهما التحقت بكورسات أو قرأت كتب وانت مش واخد قرارك بالتغيير استحالة هتتغير..

انت لازم تتغير مش عشان ولادك بس؛ لأ عشان صحتك لإن العصبية سبب رئيسى لأمراض القلب والضغط والأمراض النفسية..

لتقليل العصبية لازم تقضى وقت مع عيلتك بدون أوامر أو تعليقات.. قعدة هادية بتحضن فيها أولادك وبتسمعهم بدون نقد أو توجيه..

لو فعلًا نفسك تقلل عصبية لازم تتعلم «التغافل» انك تتجاوز عن أمور ممكن تعدّى.. مش كل حاجة تعلّق عليها أو تنتقدها..

ولازم الأب والأم يتفقوا على ثوابت فى التربية والطرف العصبى فيهم يحاول يصلح من نفسه و لا يكابر..

لو حضرتك كا مُربى اتعصبت على أولادك وجب عليك انك تعتذر وتقولهم ان مفيش مبرر للعصبية والغضب، منها الطفل هيتعلم احترام الآخر وفكرة الاعتذار، ومنها هيتعلم ان العصبية مش طريقة صح لحل أى مشكلة..

العصبية من أسوأ أمراض العصر.. وللأسف بسببها الشباب بيعانوا من أمراض القلب والضغط وهما لسه فى عز شبابهم وبسببها زادت الجلطات وقصور عضلة القلب..

بسبب العصبية فى شباب بتتردد على العيادات النفسية لإنهم عانوا فى طفولتهم من عصبية أهلهم و شخصيتهم أصبحت غير سوية أو هشّة بشكل مبالغ فيه..
هونوا على نفسكم وأولادكم لإن والله مفيش حاجة تستاهل قصاد صحتكم و نفسية أولادكم.