عبد الهادي عباس يكتب: الاتحاد العالمي "لتفريق" المسلمين!

عبد الهادي عباس
عبد الهادي عباس

هناك همومٌ تُبكي وهمومٌ أخرى تُضحك وبينهما متشابهات، فقد تداخل الضحك والبكاء لدينا حتى لم نعد نعرف المأساة من الملهاة، فنضحك عند البكاء ونبكي عند الضحك؛ الأحد الماضي استقال المغربي أحمد الريسوني من رئاسة ما يُسمَّى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ذلك الاتحاد (الإخواني) الذي أنشأه القرضاوي بتمويل خليجي وأهداف غربية، بعد تصريحات أظهرت معدن الرجل المتعصب يقول فيها إن الصحراء وموريتانيا تابعتان للمملكة المغربية، وأن العلماء والدعاة والشعب المغربي على استعداد (للجهاد) بالمال والنفس والمشاركة في مسيرة شبيهة بالمسيرة الخضراء و(الزحف بالملايين) إلى الصحراء ومنطقة تندوف الجزائرية حال طلب العاهل المغربي ذلك؛ إضافة إلى اتهامه دولًا عربية بالتورط مع الاستعمار لاستهداف الوحدة المغربية.
هذه التصريحات التي كشفت خبيئة رئيس هذا الاتحاد اللقيط لا تقول جديدًا برأيي حول تعصب هذا التكتل المريب وضمّه لمجموعة من الإرهابيين الملوثين لاسم الإسلام، ولو ركزنا على المفردات التي استخدمها (الجهاد- الزحف بالملايين- مسيرة) سنعلم أنها مفردات إخوانية قديمة عفى عليها الزمن ولم تعد تنطلي على أحد؛ فكثيرًا ما سمعنا نواعق الإخوان قبل الثورة وإبَّانها يهتفون بمثل هذه الشعارات الخادعة بناء على أوامر قادتهم ثم يسيرون بالملايين- أيضًا- آخر النهار إلى بيوتهم بعدما جاهدوا العدو الصهيوني بألسنتهم ودمروه بآلاف القنابل اللفظية والمدافع الهتافية، آمنين وادعين قد أدوا واجبهم الجهادي على أكمل قول!
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- كما جاء في بيان تأسيسه- هو مؤسسة إسلامية تجمع علماء المسلمين من مختلف دول العالم، تأسس عام 2004م، ومنذ 7 نوفمبر 2018م يرأسه أحمد الريسوني خلفًا ليوسف القرضاوي، وأقيم المؤتمر التأسيسي له في لندن. وأثناء مقاطعة قطر قامت دول المقاطعة الأربع (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) بوضع الاتحاد على قائمة الإرهاب، حيث أشارت الحكومة الإماراتية إلى إمكانية وجود علاقة بين الاتحاد والإخوان المسلمين؛ وما لم يجئ في تأسيسه أنه أداة ظاهرة لتدويل آراء الإخوان وتكوين أذرع متعددة لها في الدول الإسلامية باعتبار الجماعة هي الجهة الوحيدة- في ظنهم- التي تمثل الإسلام والمسلمين، وضربًا لسلطان الأزهر الشريف في قلوب المسلمين بالدول العربية والإسلامية وحتى في الدول الأجنبية ذات الأغلبية غير المسلمة.
وإذا كانت القنوات الفضائية الإخوانية تعمل جاهدة خلال هذه الأيام على تبييض وجه هذا الاتحاد الأسود بعد تصريحات رئيسه المتعصبة لدولته على حساب الدول (المسلمة) المجاورة، ودعوته للحرب بين المسلمين والمسلمين والعرب والعرب، فإنه من الواجب علينا أن نقف في وجه هذه الشراذم الأفاكة المشوهة للإسلام المفترية على المسلمين وتاريخهم وتبيان حقائق أفعالهم (مدفوعة الأجر) أمام الشعوب العربية والإسلامية؛ تلك الأفعال التي ترتبط بأفكار الاستحواذ والاستقواء بالغرب (بريطانيا والولايات المتحدة) بعدما فشلوا في السيطرة على قلوب الشعوب العربية التي كشفت حقيقتهم منذ 2011 وحتى الآن.
تتهاوى الأصنام الإخوانية تباعًا أمام الناس واحدًا في إثر أخيه، يُظهر الله حقيقتهم الانتهازية بأفعالهم ويفضحهم بألسنتهم؛ فرئيس اتحاد المسلمين لا يعنيه أمر الشعب الذي يريده أن يزحف إلى الصحراء وإنما يعنيه أمر الملك؛ لا يعنيه أمر المسلمين والمجازر التي قد تحدث بقدر ما تعنيه مكانته عند الملك، ذلك الملك المغربي النبيل نفسه الذي لا يرضى بهذا الإفك، بل والذي رفض مرارًا سبّ الشعب العربي الجزائري وتوعد من يفعل ذلك.
والسؤال الآن: إذا كانت هذه هي أخلاق رئيس هذا الاتحاد المتعصب، فما شيم باقي أعضائه خادمي لقمة العيش والموالين لمؤسسه الروحي يوسف القرضاوي؟.. ثم ألا يتساءل أحد عما قدمه هذا الاتحاد (المفكوك) إلى الإسلام والمسلمين طوال ثمانية عشر عامًا سوى دعم جماعة الإخوان الإرهابية بالفتاوى والأموال ومهاجمة كل من يواجهها كما فعلوا مع مصر والسعودية والإمارات؟