علي سعده يكتب: غلطة العمر 

م.علي سعده
م.علي سعده

 اثناء المرور اليومي لسياره الشرطه السبت ١٧ يونيو ١٩٧٢ في العاصمه الامريكيه واشنطن لاحظ الشرطي  ان احدي غرف مبني مقر اللجنه القوميه للحزب الديموقراطي مضاءه .. ساوره الشك فاليوم عطله رسميه .. لاحظ الرجل ان الاضاءه غير ثابته مما يؤكد وجود مجهولين يحملون كشافات اضاءه يتحركون بها داخل المبني .. اتصل الشرطي علي الفور بقوه دعم وداهموا المبني والقوا القبض علي خمسه اشخاص وتم تقديمهم للمحاكمه 

وفي ١٥ سبتمبر ٧٢ اعترف المتهمون الخمسه امام هيئه المحلفين باقتحامهم للمبني والشروع في السرقه .
 لم يقتنع الصحفيان كارل برنستين وبوب وود من جريده واشنطن بوست بتمثيليه السرقه .. لاحظا من التحقيقات وصور المتهمين ان احدهم يرتدي ساعه رولكس ثمينه ومظهر معظمهم لاينم علي انهم لصوص 
وبتتبع صحيفتهم الجنائيه لم يجدوا اي سابقه تشينهم .. ساورهم الشك اكثر فتتبعوا ارصدتهم الماليه في البنوك ليجدوا أن حساباتهم لها علاقة بمؤسسات ممولة لحملة إعادة انتخاب الرئيس ريتشارد نيكسون .
تقدم الصحفيان لقاضي التحقيقات بالحقائق التي توصلوا لها واقتنع القاضي بوجهه نظرهم وتوسعت دائره التحقيقات لتشمل طاقم البيت الابيض.
جهات رسمية رفيعة مثل وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية حاولت التغطيه وحصر الموضوع في قضيه سرقه لا اكثر ولا اقل وقام الرئيس نيكسون بإقاله اثنين من كبار مستشاريه في البيت الابيض مما اثار الشكوك في تورطه في القضيه .
بدأ الرأي العام الامريكي يتابع الجلسات المذاعه تليفزيونيا وفي ١٧ مايو ٧٣ طلبت لجنه التحقيق الاستماع الي اشرطه التسجيل التي تمت في البيت الابيض في الفتره السابقه للاحداث  والرئيس يرفض تسليمها مستخدماً سلطته التنفيذية مع تأكيده بعدم تورطه في تلك القضيه من قريب او بعيد .
 وبإصرار هيئه المحلفين تم تسليم الأشرطة بعد حذف مقاطع مهمة منها مع الادعاء  أنها حذفت عن طريق الخطأ، ولاحظت اللجنه ان الـ CIA يعرقل الحصول على أجزاء أخرى بحجة أنها تحوي تفاصيل تمس بأمن الدولة
لكن المحكمة العليا حكمت بعدم دستورية استخدام الرئيس لسلطته التنفيذية لحجب أجزاء من الأشرطة وبالفعل تم تسليم الاشرطه كامله للمحكمه .
هنا بدأت خيوط القضيه تتضح .. فالفوز الهزيل للرئيس نيكسون في عام ٦٨ علي مرشح الحزب الديموقراطي ( همفري ٤٣.٥ ٪‏مقابل ٤٢ ٪‏ ) جعله يأمر بالتجسس قبل انتخابات ٧٢ علي مقر الحزب المنافس .
وفي ٢٨ يناير ٧٤ تمت ادانه الرئيس ريتشارد نيكسون بتهمه الكذب وفي مارس من نفس العام تم الحكم علي المتهمين بالتجسس وثبوت تورط الرئيس معهم .
تهمه الكذب هي اخطر التهم علي الاطلاق وبثبوتها علي الرئيس قرر الكونجرس الامريكي التصويت علي اقالته من منصبه .
اضطر نيكسون للاستقاله في بيان مذاع تليفزيونيا يوم ٨ اغسطس ٧٤ مع اعتذاره عن الكذب وتم تعيين جيرالد فورد مكانه الذي اصدر عفوا رئاسيا عن ريتشارد نيكسون في ٨ سبتمبر ٧٤
لن يذكر التاريخ ان رئيس الولايات المتحده الامريكيه تجسس علي مقر الحزب المنافس .. لكنه سيذكر دائما ان الرئيس كان كاذبا .