بدون إزعاج

سَبَقَ الموتُ مقالى

    مصطفى عدلى
مصطفى عدلى

هذا المقال كتبته قبل رحيله، فقط ترقبت موعد مقالى الأسبوعى، لكن الموت كان له السبق فحرمنى من أن تصل حروفى له، هذا نص المقال: «أخجل أن يرقد حبر قلمى على ورقة بيضاء، كان دوما صاحبها ومالكها ومروضها، لكن ربما حان الوقت مضطرًا أن اخوض مغامرة كبيرة وأنا أضع مفرداتى الفقيرة لأتناول أحدث ما خرج من أدراج صاحب «ورقة وقلم»، أخيرًا حضرت كلماته فى مجلد أقرب ما يكون إلى الحقيقة - فقط مقدمة الكتاب كافية لتمنح عقلك جرعة من الواقع المجرد من العوالم الخفية، فقط ثقل اسم الكاتب يمنحك الارتياح الكامل أنك أمام شهادة توثق حقبة هى الأهم، الأبرز، الأجدر بكشف مستورها، لقد تأخرت عن الكتابة، لكن صدقًا كنت أغوص مستيقظا بين أحضان «سنوات الخماسين» بين سطور رسمت حروفها بدقة الميكروسكوب، ووضعت ملامحها بأنامل طبيب محترف أثناء إجراء أصعب الجراحات وأخطرها، وخطت بقلم صحفى حرفى مهنى هو الأستاذ ياسر رزق.. نعم تلك السطور الماضية فقط هى مقدمة ضعيفة للحديث عن صدور كتاب «سنوات الخماسين» الذى خرج للنور من خزائن أسرار ياسر رزق ليكشف ما لم يدرك، ويمنحنا ما لم يعلن، و يعود بنا لملامح وطن كان يُمزق بين ضلوع متفرقة أحرقتها شمس لن تغيب، هكذا تعودنا من «الأستاذ» عندما يمنح قلمه العنان ليكتب فلا نجد لنا مفرًا سوى أن نمزق كل دفاترنا القديمة كلها ونعيش بين سطوره رحلة حقيقية «بين يناير الغضب ويونيو الخلاص».