محمود جلال: مبانٍ معلقة لمقاومة الزلازل والتفجيرات

مبانٍ معلقة لمقاومة الزلازل والتفجيرات
مبانٍ معلقة لمقاومة الزلازل والتفجيرات

الدكتور محمود جلال يحيى كامل متخصص في هندسة القوى الميكانيكية بإحدى شركات قطاع البترول، له عدة أبحاث في مجال المبادلات الحرارية تم نشرها بالدوريات العالمية الخاصة بالمعهد الأمريكي للطيران والفضاء والجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين، كما تم تكريمه مرات عديدة لإبداعاته في مجال الابتكار والاختراع ومنها تكريم الرابطة العربية للعلوم وتكريم منتدى عرب أوروبا للابتكار والاختراع وتكريم اكاديمية البحث العلمي.. شغلته قضية تعرض المباني للزلازل والتسونامي او للتفجيرات الإرهابية وكيف يمكن إنشاء مبان مقاومة لها، وكذلك المبانى شاهقة الارتفاع «ناطحات السحاب» وكيف يمكن زيادة ارتفاعها على مساحات ثابتة بطريقة آمنة وفى جميع أنواع التربة وكان له فى هذا المجال العديد من الابتكارات والاسهامات نتعرف عليها في الحوار التالي.

< في البداية حدثنا عن اختراعك «المبانى المعلقة للوقاية من الزلازل والإرهاب»؟.

تعتمد الفكرة على طريقة البناء المبتكرة للمبانى المعلقة وهى التعليق الحر بواسطة كابلات صلب لنقل حمل مبنى او مجموعة من المبانى إلى محاور متعددة وهى الأعمدة المحيطية وتكون هذه الاعمدة خرسانية او من الصلب. ويكون نقل أحمال المبانى بواسطة الكابلات الصلب نقلا مرنا وذلك لنقاط تعليق متعددة للمبانى بمجموعة الاعمدة المحيطية الأمر الذى يعمل على امتصاص وخمد قوة موجات كل من الزلازل والتفجيرات والتسونامى، وأيضا يعمل على عزل تأثير الضرر إذا حدث لأحد الأعمدة المحيطية من الأعمدة الأخرى الأمر الذى يعمل على منع حدوث الانهيار التتابعى كما هو الحال فى البنايات التقليدية، وإعطاء توازن طويل الأمد للمبانى من تأثير هبوط القواعد فى التربة الضعيفة من خلال سهولة إعادة ضبط الشد فى كابلات التعليق الصلب.

منشآت معلقة

< بم تتميز المبانى التي يتم إنشاؤها طبقا لهذه الفكرة؟ وما انواعها؟

نهدف إلى بناء منشآت معلقة فوق سطح البر أو البحر قادرة على تحمل التقلبات المناخية والظواهر الجيولوجية المختلفة ومناسبة للتربة الضعيفة غير الصالحة للبناء والتربة البحرية وقادرة على استيعاب الاحمال المرتفعة الخاصة بالمشروعات المختلفة مثل البترولية والمشروعات كثيفة الاستهلاك للطاقة (مثل البتروكيماويات والاسمدة)، بدون التأثير على البيئة البرية أو البحرية.

ويمكن استخدام هذه الفكرة فى إنشاء منشآت برية وبحرية سواء كانت سكنية، سياحية، تجارية، صناعية أو أيضا مفاعلات نووية والذى يساعد على الوقاية من آثار الزلازل والاعتداءات التفجيرية، والتيارات البحرية وموجات التسونامى والتيارات الساحلية والتغييرات المناخية، دون أن يؤثر ذلك على البيئة البحرية.

< هل حصلت على براءة اختراع عن هذا الابتكار؟

الحمدلله حصلت على 3 براءات اختراع عن اختراعي «المباني المعلقة للوقاية من الزلازل والإرهاب» إحدى هذه البراءات من مصر برقم 26134 عام 2013 وباليابان رقم 819974 عام 2015 وبالإمارات عام 2016 (شهادة البراءة قيد الإصدار). وتم فحصها دوليا فى مرحلة بمكتب براءات الاختراع بالاتحاد الأوروبى والنشر الدولى لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية بجنيف. كما حصلت على الميدالية الذهبية بمعرض جنيف الدولى للاختراعات 2015 بدولة سويسرا والميدالية الفضية بالمعرض الدولى السابع للإختراعات فى الشرق الأوسط 2014 بدولة الكويت.

أذرع خارجية

< وما فكرة ابتكارك الثاني لتقليل اثار قوة الرياح والزلازل على ناطحات السحاب؟

الابتكار هو «التوزيع الجانبى للأحمال بالمبانى شاهقة الارتفاع بغرض تقليل اثار قوة الرياح والزلازل والتفجيرات مع زيادة المساحات المستغلة» وتعتمد على طريقة البناء المبتكرة على إنشاء أذرع خارجية مفرغة ومائلة للخارج ومحيطة بالمبنى يتم ربطها ببعضها البعض وبالمبنى بواسطة كابلات صلب تعمل على التوزيع الجانبى للاحمال بالمبنى بين هذه الاذرع مما يقلل من التحميل على قواعد المبنى ويزيد من مقاومتها للزلازل والرياح الشديدة الأمر الذى يساعد على جعل هذه المبانى أكثر ارتفاعا وأكبر مساحة وأقل احتياجا للتدعيم الداخلى من هياكل ضخمة.

< وما الهدف من هذه الفكرة؟

الهدف هو بناء منشآت شاهقة الارتفاع ذات طراز معمارى فريد وتكون مقاومة بدرجة عالية للزلازل المدمرة والرياح الشديدة والهجمات الارهابية بدون التأثير على المساحات الداخلية للمنشأة وجعلها أكثر ارتفاعا ومناسبة لجميع أنواع التربة. وهذا الاختراع أيضا قمت بتسجيله فى مكتب براءات الاختراع المصرى. كما تم فحصه دوليا فى مرحلة بمكتب براءات الاختراع بالاتحاد الأوروبى والنشر الدولى لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية بجنيف.

مشاكل عديدة

< ما المشاكل التى يقدم ابتكارك حلا لها؟

هناك العديد من المشاكل التى يمكن لهذا الابتكار المساهمة فى حلها ومنها عدم إمكانية بناء مبنى شاهق الارتفاع متماثل القياسات والاحجام من الاسفل للأعلى بسبب التأثيرات السيئة للرياح على البنية. والحد من تأرجح البنايات العالية مع الرياح وجعلها أكثر ثباتا لتحسين الأمان والقابلية للمعيشة وحتى لا يشعر الناس فيها بالدوار، ومقاومة المبنى للتأثيرات التى تحدث للمبانى العالية أثناء الزلازل من قوى وأحمال إضافية. وتقليل الوزن الكبير لمثل هذه البنايات وتخفيف الحمل على الاساسات مما يجعلها مناسبة للبناء فى مختلف أنواع التربة وحتى لا يحدث غرق للمبنى داخل التربة بمرور الزمن. وجعل البنايات الشاهقة أقل تعقيدا فى التصميم والتنفيذ وبالتالى تقل المدة الزمنية اللازمة للتنفيذ والتى تصل فى بعضها إلى عشر سنوات وبالتالى تكون أقل تكلفة. وزيادة المساحات المستغلة فعليا بالمبنى وعدم إهدار المساحة الثمينة فى هيكل داخلى ضخم يؤدى لمساحة داخلية محدودة متقطعة وغير مناسبة. وتأمين البناية من الهجمات الإرهابية وجعلها قادرة على الصمود أمام مثل هذه الهجمات باقل خسائر ممكنة وعدم تمكين طائرة انتحارية مثلا من الوصول للمبنى حيث ستعوقها الكابلات الصلب.

< وكيف يمكن أن يتغلب هذا الابتكار على هذه المشاكل المتعددة؟

المبنى بعد اكتمال إنشائه يكون محاطا من اركانه بالأذرع الخارجية ومربوطا بها بواسطة أسلاك صلب وتعمل هذه المنظومة على توزيع جزء كبير من أحمال المبنى المختلفة من وزن وحمل رياح او زلازل عند التعرض لها جانبيا إلى الأذرع الخارجية مما يقلل الحمل على هيكل وقاعدة المبنى فيقل حجمها بالمبنى وتزداد المساحات، ايضا تمكن من بناء بنايات عالية فى التربة الضعيفة مع تقليل حجم الإحلال المطلوب للتربة وحجم الخوازيق بعد التوزيع الجانبى للأحمال إلى الأذرع الخارجية، وبالتالى تقل التكلفة والوقت اللازم للتنفيذ.

كما ان ميل الاذرع للخارج يزيد من قوى الشد بالأسلاك الصلب لتوزيع حمل المبنى للخارج وتعمل على حفظ توازن المبنى فى مواجهة الأحمال المختلفة ويؤمن الادوار العليا بالمبنى مما يساعد على زيادة الارتفاعات بها.

وعند تعرض المبنى لاعتداء تفجيرى تنحصر التلفيات فى الطوابق السفلية التى تعرضت مباشرة للانفجار أما الأدوار العليا نظرا لأن التحميل بها للجانب وليس للأسفل بواسطة هذه الاذرع فتنجو من التدمير.. اضافة إلى ان تعدد الاذرع للتوزيع الجانبى للأحمال يتعدد معه اتجاه التحميل الجانبى ونقاط الربط المرن بها بواسطة الأسلاك الصلب الأمر الذى يعمل على توازن وثبات المبنى أمام الرياح مع اتجاهاتها المختلفة طوال العام ويوفر لقاطنى الأدوار العليا الراحة والأمان، وفى حالة الرياح العاتية تقوم نقاط التوزيع الجانبى للأحمال المتعددة بتوزيع حمل الرياح على طوابق المبنى ويظهر ذلك فى استجابة المبنى مع هذه الرياح بمرونة بتمايل للمبنى والأذرع مع هذه الرياح العاتية لحين انتهائها ويبقى المبنى آمنا من الانهيار بسبب حفظ التوازن الذى يتم بواسطة الأسلاك الصلب التى تقوم بتوزيع هذه الأحمال فى جميع الاتجاهات جانبيا فلا تكون مركزة على جانب واحد وهو الناتج من اتجاه هذه الرياح.

وعندما يضرب الزلزال المبنى من اتجاه معين وبقوة معينة تقوم الأسلاك الصلب الرابطة بين المبنى والذراع المواجهة لضربة الزلزال بامتصاص قوة الضربة ورد المبنى فى اتجاه معاكس لهذه الضربة ويعاونها فى ذلك الأسلاك الصلب الرابطة بين أطراف هذه الذراع والذراعين بجانبيها مما يعمل على توزيع ضرر الزلزال على طوابق المبنى المختلفة،

مما يقلل من الأضرار الناتجة ويحافظ على المبنى والأرواح والممتلكات، حيث تستلم هذه الاذرع الزلزال بمرونة لحين انتهاء الموجة الزلزالية، مع سهولة صيانة وتغيير الوايرات المتضررة بعد استقرار الاوضاع.