الحج الإيرانى وأبرهة العصر الحديث

ليس بمستغرب أن يختلق كبار آيات الشيعة فتوى لزيارة كربلاء بدلا من حج بيت الله الحرام بعد أن أرادوا اخضاع شعائر الحج لأهواء سياسية، واجتهادات طائفية بدلا من الالتزام بأوامر الله سبحانه فى إبداء السكينة عند بيته الكريم، فلا رفث، ولا فسوق، ولا جدال فى الحج، إلا أن مراجعهم طلبت عكس ذلك!.
ولما لم يُستجبُ لها : أُطلقت الفتوى الخامنئية : بترك حج بيت الله تعالى، والتوجه شطر كربلاء، وهذا أمر عقدى ثابت فى أمهات كتبهم كانوا يخفونه عن الأنظار، وكان الطيبون من بقية المسلمين يُصدقون ذلك بحسن نية، ويحاولون جمع الشمل لا تفريقه، لكن مراجع هؤلاء كانت تقننص الفرص لإظهار ما يُخفون، إلى أن حانت الآن فرصتهم بكيد منهم لا عن طريق غيرهم، فنادى المُنادى بالتوجه لكربلاء التى يفوق ثواب زيارتها فى كتبهم عشرات المرات زيارة بيت الله الحرام، وحجه، ولا نقول ذلك اعتباطا بل توثيقا، وتأكيدا من أمهات كتبهم، فمثلا نرى :
الكُلينى صاحب كتاب : الأصول، والفروع من الكافى، وهو يعادل فى مرتبته عند الشيعة كتاب البخارى عند أهل السنة، ويقول عنه كبار أئمة الشيعة : (إن هذا الكافى : كاف لشيعتنا) - بل ويدّعون : أن المهدى المنتظر المختفى -عندهم - من سنة 256 من الهجرة بدون سبب مقنع إلى الآن، وينتظرون خروجه كل يوم، ويدعون الله أن يعجل فرجه، يقولون: هذا المهدى اطلع فى سردابه المختفى فيه على كتاب الكافى هذا، وهو قائل تلك العبارة السابقة، ورددها بعده أئمتهم.. فقد جاء فى هذا الكافى : حديثا نسبوه لجعفر الصادق فى المجلد الأول ص 324 من فروع الكافى - طبعة إيران وفيه يقول:
(من أتى قبر الحسين عارفا بحقه.. فى يوم عرفة كتب الله له ألف حجة، وألف عمرة مبررات متقبّلات، وألف غزوة مع نبى مرسل، أو إمام عادل..).
بالله كيف يقبل الشيعة على الذهاب ليوم عرفة ليأخذوا حجة واحدة، ويتركوا ثواب ألف حجة، وألف عمرة، بل وألف غزوة مع نبى أو إمام ؟ !.
من المجنون عند هؤلاء الذى يترك زيارة الحسين ليستبدلها بزيارة مكة يوم عرفة ؟!.
أليس هذا هو الصد بعينه عن سبيل الله، والمسجد الحرام، والذى قام بهذا الصد من قبل: هم كفار مكة، وعاب عليهم المولى ذلك فى آيات قال فيها: ( إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذى جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ). الحج -25-
ونحن بالطبع لا نستطيع أن نُكفّر الشيعة طالما لم ينكروا فريضة الحج- صراحة -، ولكن نعاتبهم على ما يزعمون من دعوة العامة البسطاء إلى ترغيبهم بهذه الأحداديث المختلقة لزيارة كربلاء بدلا من عرفات، وحج بيت الله تعالى، ونعاتبهم على تشبههم فى ذلك بهؤلاء الذين حكى عنهم القرآن الكريم فى صدهم عن المسجد الحرام عن طريق الكذب، والتضليل، والذى يُبثُ فى أوثق كتبهم، بل هناك عشرات من الكتب على هذا النهج: تضلل الناس بهذا التضليل الكُلينى السابق ففى كتاب (بحار الأنوار) لنعمة الله الجزائرى ج 33- ص 101- وهو من أوسع كتبهم فى علم الحديث لديهم، نراه ينقل عن جعفر الصادق قوله للشيعة : (.. لو أنى حدثتكم بفضل زيارته - أى الحسين -، وبفضل قبره لتركتم الحج رأسا، وما حج منكم أحد - فلما تعجب احد السامعين من ذلك - قال له : ويحك أما علمت أن الله اتخذ كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما..).
وأنا أقول لمن يصدق هذا الهراء : ويحك أنت !. أين هذا فى كتاب الله، وفى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؟ ولمَ لم يطبقه سيدنا عليّ على نفسه، ولم يتحدث به قبل الجزائرى هذا؟؟.
ومن أعلم من علىّ، والحسن، والحسين حتى يدعى انتاج حج غريب، عجيب، مريب لم تعرفه الأمة الإسلامية جمعاء ما عدا هؤلاء الدخلاء الذين يوحون إلى أوليائهم «زخرفا من القول وزورا» ؟
فالله تعالى لم يقل : اتخذت كربلاء حرما آمنا - بل قال سبحانه : ( أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم).العنكبوت -67- فأى عبقرى هذا الذى يستطيع أن يُطبق هذا القول الحق على كربلاء الشيعة ؟!.
بل نتحدى أن يخرج الشيعة آية تقول : جعل الله كربلاء البيت الحرام!. بل قال تعالى: (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس) المائدة -98- ونتحدى أن يثبت جميع آيات الشيعة قولا صادقا منتسبا للرسول - صلى الله عليه وسلم- يدعو المسلمين إلى شد الرحال إلى كربلاء، وزيارتها، وثوابها المزعوم.
بل الثابت : أن الرحال لا تُشدّ « إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد النبوى، والمسجد الأقصى»، هذا ما ثبت لدى الأمة عن طريق المصطفى - عليه الصلاة والسلام- ولا يوجد بدائل عن ذلك أبدا، وإلا لنطق التاريخ بأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما صده الكفار عن الحرم، وعقد الصلح معهم لعام آخر فيما يُسمى بصلح الحديبية قد أسرع بأصحابه إلى كربلاء بدلا من مكة لينال تلك الحجات المتعددات التى ارتآها مراجع الشيعة فقط !.
والسؤال : بأى منطق يتحدث الشيعة للمسلمين، وكيف يُشرعون ما لم يشرعه الرحمن الرحيم باستبدال زيارات، أو حجات لمكان آخر غير المكان الذى حدده الرحمن، وقام عليه رسول الأنام ؟؟!، وهل من اللائق أن يُترك آيات الشيعة يشقون صفوف الأمة، ويخلطون بين توجهاتهم السياسية، والدينية كل عام، ونرى المظاهرات، والفتن، والقلاقل بين صفوف الحجيج بسبب هذه الطائفة ؟؟؟!.
لقد هدد البعض منهم هذا العام - كما نُشر فى مواقعهم - بمزيد من القلاقل فى الحج بسبب غياب إيران، فرد الله كيدهم، وخرج الحج فى أبهى صورة، وأحسن تنظيم، وما شهدت مناطق الحرم أمنا مثل هذا العام، فمن ذا الذى يستطيع أن يتحدى الله فى بيته، ويجمع الجموع فى بيت آخر غير الذى شيده رب العالمين؟!.
لقد ذكرنا صاحب فتوى الحج البديل فى هذا العصر الحديث بأبرهة العصر القديم، والذى أراد للناس أن يتوجهوا لكنيسته فى الحبشة بدلا من الكعبة، وساق جيوشه للحرم ومعه أقوى أسلحة عصره، وهى : الفيلة القوية، وكان إذا أمرها أن تتوجه يمينا أو يسارا أو شرقا أو غربا توجهت، ولكن لما أمرها أن تتوجه لتحطيم الكعبة المشرفة عصت، وما توجهت !.. لعلمها - وهى الحيوان الأبكم، بجلال ومهابة هذا البيت العتيق.
فلما قاده شيطانه ليقود جيوشه لهدم البيت : أرسل عليه سبحانه سرية عسكرية فى طلعة جوية واحدة : تُسمى الطير الأبابيل، فجعلته وجنوده كالعصف المأكول، وكان للزمان عبرة..
فهل يتعظ أبرهة العصر الحديث، وجنوده من هذه الموقعة، ويعود لرشده، ويعصى شيطانه، ويلتحم ومن معه بالأمة مرة أخرى .
هذا ما نأمله..
والله من وراء القصد.