الاستثمار .. من مصر إلى دبى

إذا قدر لمواطن أو مستثمر أن يزور هيئة الاستثمار سيشعر بمهزلة النظام الذى تدار به هيئة المفروض أنها حجر الزاوية لمستقبل الاقتصاد المصرى.
وقد اجتمعت بمجموعة من الاستشاريين ورجال القانون الذين يدخلون إلى هيئة الاستثمار يوميا، وكانت رغبتى أن استشف كيف يسير العمل داخل الهيئة والتعامل مع المستثمرين.
وعلى مستوى الحياة اليومية داخل الهيئة فوجئت بأن يحيطونى علما أن المشكلة البسيطة بإمكانية أن يجد الزائر أو المستثمر مكانا « لركن السيارة» فى مكان محترم يعتبر من رابع المستحيلات.
وحينما نذهب إلى مستوى أعلى من المشاكل داخل الهيئة فنتساءل كيف يحصل المستثمر الأجنبى على إقامة ليمارس نشاطه. وعلمت أن مدير شركة لإنتاج الموبايل سورى الأصل والجنسية استحال عليه أمر حصوله على تصريح بالإقامة فى حين أن حجمه يؤهله ليكون مستثمرا كبيرا، والمعروف أن المستثمر السورى حاليا ليس له مصلحة فى نقل أرباحه إلى سوريا بسبب الظروف الاقتصادية هناك.
وعودة إلى الحياة اليومية ونظامها داخل هيئة الاستثمار فنتعجب حينما نعلم أن هناك أرقاما توزع على وكلاء المستثمرين والتى تنفذ بسرعة وتكون النتيجة حصول تزاحم كبير لا يحتمل بين وكلاء المستثمرين أو يجدون أنفسهم مجبرين على التواجد ابتداء من السادسة صباحا ويصبح التزاحم مأساويا فى موسم الميزانيات من شهر 4 إلى شهر 6.
وعلى مستوى آخر من الفوضى التنظيمية نجد أن مؤتمر شرم الشيخ للاستثمار الذى تفاءل به الكثيرون فى البداية ثم اكتشف الجميع على أرض الواقع أن من أهم قرارات المؤتمر كان نظام الشباك الواحد وأيضا دعم وتيسير العمل للمستثمرين ولم يتم تنفيذ أى من هذه القرارات. وقد تساءل كثير من المستثمرين الأجانب قبل حضورهم لمصر عن تنفيذ توجيهات مؤتمر شرم الشيخ ولما اكتشف معظمهم إهمال التنفيذ اختاروا عدم الحضور لمصر واختار بعضهم التوجه إلى دبى حيث يجدون انضباط التنظيم.
وهناك نظرة أخرى نحو ما يزعج المستثمرين ذوى الاهتمامات السياحية وما يزعجهم أثناء إقامتهم بمصر ولنقولها بصراحة سامح الله «الأعزاء» أهل نزلة السمان التى يذهب إليها كثير من السائحين والمستثمرين ليجدوا مستوى النظافة والانضباط غير لائق بمنطقة الأهرامات وأبو الهول.
وعلى مستوى آخر مطلوب دعم المستثمرين فى مجال الفنادق السياحية بتخفيض استهلال الكهرباء ولتكن لمدة عام مثلا حتى لا يضطر أصحابها إلى إغلاق الفنادق وهذا ما حدث بالفعل فى شرم الشيخ والغردقة.
ولنذهب إلى مجال التصدير لنقول إن المصانع التى تقوم بتصدير منتجاتها للخارج يجب الاهتمام بأن تكون جودة المنتج مطابقة للمواصفات الأوربية وحينما يشعر المصدر أنك قدمت له إعفاءات ضريبية لمدة سنتين مثلا سيبذل المستحيل لزيادة حجم التصدير.
وفى الختام أقول إن الاستثمار هو المحرك الرئيسى للتنمية الاقتصادية ودعم الدخل القومى إذن الاهتمام بوضع ضوابط ونظام يشجع ويقوى الاستثمار.
نحن نعلم أيضا أن دور التمويل فيما يخص الاستثمار مهم جدا ولكن عائده أيضا كبير.
الاستثمار أيضا له مناخ يشجعه ويحميه ومن ضمن عناصر هذا المناخ الإعلام الذى يعطى صورة مشجعة للرأى العام ولطبقة المستثمرين.
أرجو أن يعلم الجميع أن الاستثمار هو عصب الحياة لاقتصاد حر ويعتمد على وعى رجال الأعمال الذين لديهم المعرفة ولديهم أيضا طموح ازدهار مشروعاتهم.
وما دمنا قد تعرضنا فى بداية المقال إلى الخلل فى منظومة العمل داخل هيئة الاستثمار، فمعنى ذلك أن هناك واجبا على أجهزة الدولة أن تتخيل الخطوات الاصلاحية التى تشجع المستثمر فى كل التفاصيل التى تهم نشاطه وتحمى دوره سواء من البداية حينما تعطى تسهيلات الإقامة وكذلك التسهيلات الضرائبية.
خلاصة القول أن الاستثمار فى احتياج إلى سياسة ذكية وواعية من جانب مؤسسات الدولة وكذلك كما قلنا مناخ لدى الرأى العام يجعل من الاستثمار الرهان الأكبر على التنمية الاقتصادية.
[email protected]