يسري نصر الله مخرج له رؤية خاصة .... يلعب الفن في منطقة متفردة بعيدا عن الحسابات ....فهو مهموم بالإنسان بصفة عامة.. وصراعه المستمر في البقاء.
يري أن عبقرية المصري تتلخص في "تمرده"علي الظروف المحيطة حوله و تغيرها لصالحه ومن هنا يستمر المصري في الإبداع علي مر العصور.... يبحر يسري في كل أعماله بدءا من "سرقات صيفية" 1988 وحتى فيلمه الأخير "الماء و الخضرة والوجه الحسن " داخل هذا الإنسان ليتعرف عن الأسباب الخفية التي تدفعه إلي الاستمرار....فهو معني بالمقام الأول بالبحث واكتشاف أسرار هذا المخلوق وأيضا بصناعة الأفلام. وحول فيلمه الأخير الذي أثار زوبعة في الوسط الفني وتعاونه الأول مع السبكي كان لنا هذا الحوار
• في "الماء و الخضرة و الوجهة الحسن" نجحت في جمع كوكبة متنوعة من النجوم. كيف تم ذلك وهل كان هناك صعوبة بالأمر؟
إطلاقا.. تعلمت من فيلمي الأول "سرقات صيفية" الذي قدمته مع هواة عدا الفنانة عبلة كامل، عند اختيار أبطالي لا أبحث عن نجم شباك، كل ما يهمني أن الفنان مناسب للدور و"حاسس"به. وأصبغ عليه شعور إنني أقدر ما يمنحني إياه، ويساهم معي في بناء الشخصيات التي يلعبها، وأطبق هذا علي السوبر ستارز والوجوه الجديدة أيضا، والنتيجة ...أن ما عرف عني جعل الفنانين يحبون العمل معي. ويدخلوا المغامرة وكذلك الفنيين وفي النهاية أنا الفائز.
* هل أصابك الإحباط عندما أعتذر النجم يحي الفخراني عن المشاركة بالفيلم؟
لا ...كان نفسي يشاركني العمل، لكن رفض الفنان لا يقلقني أبدا ..مثلا يسرا، رفضت أول أفلامي ثم تعاونت معي في "مرسيدس" ومني زكي، لم توافق علي "جنينة الاسماك" وسعدت بالعمل مع هند صبري، ثم تعاونت معي في "احكي يا شهرزاد"، عندما يرفض الفنان دورا لأسبابه الخاصة هو يقدم خدمة للعمل بهذا الرفض لأنه لا يشعر بالدور. وعمري ما زعلت من حد بسبب ده.
• بالفيلم ..تناولت عالم "الطباخين" هل كان هدفك إظهار هذه الفئة أم كشف واقع الريف المصري؟
لا هذا ولا ذاك ، الفيلم بالنسبة لي حدوتة عن ناس أحببتهم، وأنا أحب "الطبخ"، وفي الوقت نفسه عندي إعجاب شديد بكل إنسان معتز بمهنته، وإحساسه إنه يقدم شيء ولا يقلل منه، تلك الشخصيات أشعر معها بالألفة وهؤلاء شخصيات نادرة، وأري نفسي فيها، كما أن البهجة الموجدة بالفيلم منبعها هذا الإحساس.
من هذا المنطلق الريف موجود بالفيلم كمكان فيه خضرة بالرغم من حالة البيوت، هم بشر مثلنا ، بمعني إننا نعيش في بلد شديدة القبح وطول الوقت نبذل مجهودا حتى نلاقي طريقة نجمل بها حياتنا .
شخصيات الفيلم جاءت غير نمطية لماذا ؟
الفيلم تم في مدينة صغيرة هي بلقاس وليس ريف بالمعني الدارج وحرصت أن يلعب الأدوار الثانوية والفتيات العاملات بالمطبخ من أهل المنطقة وبالفعل أضافوا للعمل، الشخصيات الغير نمطية يرجع للاعتزاز بالنفس ومهنتهم أكسبتهم هذا التحرر، الطباخين هنا نجوم في مجالهم يسافروا من بلده لآخري، وهناك ميدان عام باسمهم، ونجد حكايات طويلة وتفاصيل كثيرة، حدوته الأب وعلاقته بالباشا تروي تفاصيل كثيرة، وتربية الولد المتمرد الهارب من التجنيد تروي لك إنه رفض أن يشتم بوالدته فسجن وهرب من الجيش، دول ناس تربوا علي عدم قبول الإهانة رجاله و ستات وهذا غير نمطي، داخل هذا المجتمع لا تلتقي بالإنسان الخنوع،هناك تمرد دائم بحثا عن السعادة وأنا التقيت بزوجات الطباخين الحقيقين وأخواتهم تشعري إنهم مختلفين ده واقع حقيقي كلهم أبناء عم باسم سمرة، و الفكرة الأساسية للفيلم جاءت عند تصوير فيلم" صبيان و بنات"
• لماذا تأخر الفيلم كل هذا الزمان من 1995 إلي 2016 ؟
اشتعلت مع باسم فترة علي السيناريو ولم نصل لما أريد، وعملت مع ناصر عبد الحمن فتحول إلي سياسة وفساد وبرلمان، و لأنني أحب أخرج ما أؤمن به، وجدت أن الظروف مواتيه لهذا العمل الآن خاصة في جو الكآبة والتقشف والإحساس بالأزمة التي يعيشها العالم كله، فاليمين يسيطر في العالم و فكرة العدالة الاجتماعية تختفي، وفي أوربا بدأ مجتمع الرفاهية يتآكل هناك إحساس عام بالكآبة والعنصرية وعندنا التطرف وقلت ده الوقت اللي لازم أعمل فيه الفيلم، حاجة تفكرني ليه باحب الحياة . ومتمسك بيها . والمصريين عباقرة بالبحث عن البهجة والسعادة وتلك هي الطبيعة الإنسانية.
• بعض الخبثاء يروا إنك ذهبت للسبكي بفيلم لا يستطيع رفضه وهو نوع من الذكاء الفني ؟
للمرة الأولي أعلن الأسباب الحقيقة لتعاوني مع السبكي، عندما بدأت الحملة علي السبكي بعد حلاوة روح شعرت أن الهجمة الشرسة عليه ليس صحيحة و نحمل الرجل مصائب المجتمع كله ، والناس ي بتقول سينما الزمن الجميل والنظيفة، دول ناس شافوا الأفلام بعد تعديلات رقابة القنوات روتانا ، رأيت أن السينما تظلم، وتحمل السينمائيون أخطاء المجتمع، وطلب مننا كمبدعين أن نكون المدرس والطبيب النفسي و القاضي والجلاد والمحامي والشيخ والقسيس لأن كل دول لا يقوموا بعملهم ويتهم السينمائيون ومن هنا قلت سوف أعمل مع السبكي تضامنا معه. السبكي لم يتدخل في أي شيء إلا في الفلوس، شاهين كان بيفاصل بالفرنساوي السبكي بيتكلم بالعربي عارف شغله لديه القدرة علي عمل فيلم جيد بأقل تكلفه.
• هل ستكرر تجربة العمل مع السبكي مرة آخرى؟
لو عندي سيناريو حاسس أن السبكي سوف يكسب منه لن أتردد، لكنني سوف أفاصل معه أنا كمان. والحقيقة أن السبكي راجل لا ينام ويعمل 4 أفلام في نفس الوقت ،وعارف كل تفاصيل في كل فيلم، شئت أم أبيت بيننا لغة مشركة، لغة السينما لأنها مصدر رزقه و تلك اللغة المشتركة قد نختلف قليلا أو نتفق في النهاية نقدم فيلما .
• خاطبت في فيلم "احكي يا شهرزاد" و "الماء والخضرة.." جمهور اعرض هل هذه مرحلة جديدة عند يسري نصر الله؟
لا كل أفلامي أود أن أخاطب الجمهور العريض، لما نزل فيلم مرسيدس "اتشتمت" كثير جدا، اليوم كمية الشباب اللذين شاهدوا الفيلم اختلفوا بعد الثورة. للأسف لدينا ثقافة سائدة في قراءة الأفلام هي الحكم عليها من خلال أنماط سابقة، ودي مش قضيتي، أنا مهتم بالإنسان، مع الأسف نحن نحب القضايا و نكره البني آدمين، الإنسان لدي هو الحدوتة... . أنا معني بالإنسان لذلك تجدي أفلامي شخصيات مش ناس تدلوا بأقوالها أمام وكيل نيابة . أبطالي غير نمطيين.. ناس اللي يحركها ذكائها وعواطفها وجسمها لا تنظروا إليه بوصفه نمطا ،و لو ترجمت الأعمال إلي رموز لا تعاتبني علي تفسيرك الخاص التابع لفكرك أنت، ولكن أنظر له كشخصيات فيها تمرد محبه للحياة، فالفن ليس رموزا أنا بتكلم علي أفراد وهذا هو صراعي و أن نتناول الشخصيات بجدية.
• كيف استقبل جمهور لوكارنو الفيلم؟
كان هايل.. وسوف يعرض في فرنسا يوم 21 ديسمبر علي الكريسماس لأنهم رأوا أن الفيلم مبهج جدا و يصلح للعرض في الأعياد، كما بدأ عرضة أمس الجمعة في مهرجان تورنتو وأيضا يعرض في بوسان السوق الآسيوي بكوريا ،غلي جانب 4 مهرجانات في فرنسا في شهر أكتوبر الحمد لله؟
• يري البعض أن تقديم القرية بهذا الشكل ينطوي علي أهداف فرانكفونية؟
في "لوكارنو" كان الفيلم صادم لأن الغرب اعتاد على أن الأفلام التي تأتي من العالم الثالث يكون لها مضمون سياسي، للمرة الأولي وجد الغرب فيلما ليس به تفسيرات سياسية، فيلم يحمل تمرد الإنسان، بيتكلم عن الاختيار الحر الرغبة والحب والبهجة في واقع كئيب ، الفيلم معمول بروح سياسي ولكنة ليس سياسي، الموضوع كيف أتغلب علي الكآبة وأتعامل مع الواقع .
• تعمدت في لقطاتك أن تظهر ليلي أكبر من عمرها لماذا ؟
كان مهم بالنسبة لي آن أعرف إنها أكبر من رفعت بالفيلم، وهي الحلم بالنسبة له منذ المراهقة، وبعيدة المنال تماما ... حتي طريقة لبسها مختلف، وألوانها كلها "باستيل" وأردت أن أقول هنا أن ليلي من كوكب تاني، من نوع سينما تانية، ليلي في الواقع هي آخر سوبر ستارز في السينما المصرية لم يعد موجدا لدينا السوبر ستار من السيدات.
ليلي نبيلة يسرا نادية الجندي ميرفت أمين ، النهاردة الستارز كلهم الرجال، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا النجمات اختفوا من الساحة لأننا مجتمع محافظ جدا ،... بعد جيل سعاد حسني ،ظهرت نبيلة و نادية و يسرا و ليلي كل واحدة بطريقتها ، الإطار المجتمعي عشان يتكلم عن قضية للمرآة عندها رغبة و إرادة كان لازم يحطها في إطار المجرمات الجاسوسة العاهرات لان هذا هو كان المجال الوحيد في مجتمع محافظ بعد السبعينات، وغير كده المرآة في السينما كانت أخت أو زوجة أو عذراء يسرا وليلي نجحوا الإفلات من هذا النمط ،. وأنا مقتنع إن السينما من غير ستات مش سينما ...ولما تقلصت أدوار الستات و ينقرض دورها و مساحته ، و بدأت السينما مملة جدا.
• من النجوم علي الساحة ترى نجمة المستقبل؟
منة شلبي بالتأكيد ... هند صبري وليتها ترجع للسينما و إيمي ودنيا سمير غانم وناهد السباعي ومني زكي ... مزهلة.
• من الفنان الذي تقول له أنا في انتظارك ؟
يحي الفخراني..باسم سمرة أحمد داوود ومحمد شرنوبي أتصور سيكون له شأن كبير.
• تجربتك مع وحيد حامد ماذا عنها وهل تتعاون معه قريب؟
تجربة كانت رائعة.. وليته يكتب للسينما، هو لديه هدف مشغول جدا بمسلسل الجماعة.
• من الممثل الذي تقول له خسارة منذ فترة لا تظهر؟
• محمود حميدة ممثل كبير جدا.
