٣٠ يونيو «عيد» للشعب وللدولة

خرجت الملايين مطالبة بثقة الجيش بأن ينزل إلي ساحة المعركة ليحمي الشرعية

لم يكن أحد يتخيل أياما أو أسابيع قليلة قبل 30 يونيو حينما تقمص الإخوان ثوب فراعين مصر الجدد وأعتقدوا أنهم قادرون علي قهر جماهير هذا الشعب لرفضه روح ورغبة السيطرة من جانبهم وسيطر علي عقول الإخوان أنهم أيضا قادرون علي تحدي حماة هذا الوطن من رجال الجيش والشرطة، بل وتجرأوا أيضا علي مواجهة رجال القضاء المحترمين.

وفجأة خرجت ملايين من جماهير مصر إلي الشارع في 30 يونيو مطالبة بثقة الجيش بأن ينزل إلي ساحة المعركة ليحمي الشرعية والقانون من عدوان هؤلاء الغزاة من الإخوان.

وصاحب كل ذلك خطاب تاريخي من الرئيس عبد الفتاح السيسي يحيط به قادة الجيش وقيادات سياسية وكأن الجميع يمثلون الشرعية وهيبة الدولة وخرجت حشود من الوطنيين الشرفاء يهتفون لانتصار الشعب والدولة، وتم القبض علي من أرادوا الحكم بالحديد والنار باسم الدين والدين منهم براء، وسيظل تاريخ 30 يونيو محفورا بأحرف من نور ليستحق شعار « يوم النصر».

وجاء جزء مهم من العالم الخارجي متهما صانعي الانتصار للشرعية بأن ما قاموا به هو انقلاب، وكلمة انقلاب في الغرب هي عدو الديمقراطية والتي استعملتها الدوائر الغربية لتبرير رفضها لهزيمة الإخوان الذين اختارتهم هذه الدوائر منذ ثورة يناير كحلفاء بحجة أنهم قوة منظمة ومستقرة يمكن الاعتماد عليها.

وكأن علي رأس هذه الدوائر الغربية مدام كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة التي انحازت منذ البداية إلي الإخوان وجماعتهم وأعطتهم كل الدعم السياسي وكان الرئيس أوباما أيضا مؤيدا لهم ووجه الكثير إليه من النقد لهذا الاختيار الذي لا يتميز بالذكاء السياسي..!!.

وبقي في دائرة المسئولين الأمريكيين شخصية فريدة وهو وزير الدفاع تشاك هاغل الذي يكن للرئيس السيسي تقديرا كبيرا لدوره في التصدي ومحاربة الإرهاب ولدور مصر في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي.

وحينما نسمع الرئيس السيسي يقول رغم كل ذلك إن علاقتنا بالولايات المتحده الأمريكية علاقه استراتيجية عسكريا واقتصاديا، لأنه رجل دولة يختار كلماته وأفكاره بروح من المسئولية والانضباط العسكري والأخلاقي.

كثير من الدول الغربية حينما خططت لتقسيم وتجزئة دول المنطقة العربية بداية بليبيا التي دفعت ثمنا غاليا وغيرها من الدول العربية كانت لها نفس المصير وبقت مصر دولة موحدة واقفة علي أقدامها، والكل يعلم أن السبب هو وجود جيش قوي ومنظم يقف بجانب هذه الدولة ليحمي وحدتها وكيانها وكبرياءها.

وليت الداخل والخارج يدرك أنه رغم مشاكل بلدنا إلا أنه بلد كبير يحترمه ويقدره الكثير ليس فقط للبعد الحضاري كجزء من تاريخه ولكن لفطنة ووعي شعب مصر.

في 30 يونيو أنقذ الوطن هذا التحالف المقدس بين الشعب والجيش والشرطة فحمي أبناءه وحمي هذا التحالف أيضا قيمة وشرف الشرعية، من حق هذا الشعب أن يعد نفسه لاحتفالية شعبية ورسمية «لعيد 30 يونيو».

كما أتمني أن تدرس مقدمات وأحداث ونتائج 30 يونيو في مدارسنا وجامعاتنا لتبقي في ذاكرة الجميع بكل ما تحمله من دروس تفيد كل هذه الأجيال في بناء مستقبلها.

ومن الدروس التي سنقدمها للشباب كيف تمكن الرئيس السيسي أن يغير موقف الرئيس أوباما بعد مناورات من جانب البيت الأبيض بأن هناك اتجاها لوقف الدعم الأمريكي لمصر وبالذات المساعدات العسكرية الأمريكية ومع نجاح الرئيس السيسي مع دول أخري مثل فرنسا وحصوله علي طائرات رافال وحاملة الطائرات ميسترال وكانت «ضربة معلم « لأنها من ناحية دعم للقدرات العسكرية المصرية ومن ناحية أخري دفعت أوباما إلي إعادة التوازن مع مصر علي مستوي التعاون العسكري وبعثت إلينا بدفعة طائرات f16، وكانت هذه المناورات وذكاء اللعب بالعلاقات الدولية جزءا من قدرات الرئيس السيسي لصالح مصر.

وهذا ما جعل وكالة الاستخبارات الأمريكية تأخذ موقفا رافضا للتدخل العسكري ضد مصر رغم مناورات الإخوان المسلمين لأن أمريكا وجدت نفسها في موقف مخالف لموقفها عندما دخلت حرب العراق ووقفت معظم الدول الغربية بجانبها في حين في حالة مصر فأن كثيرا من الدول الغربية نجح الرئيس السيسي في استقطابها وفهمت الولايات المتحده أن تأثيرها علي القرار المصري قد تلاشي بعد نجاح ثورة 30 يونيو.

إن تحدي ونجاح الرئيس السيسي للغة المتغطرسة في الخارج ولكن بهدوء وحسابات دقيقة جعل الرئيس مطالبا بالنجاح في بقية الملفات والمحارب مطالب بأن يقبل إجماع الشعب بأنه لم يحن الوقت له بعد أن يستريح فالطريق أمامه مازال طويلا.. ونعلم أن أنفاس المشير طويلة..!!