الحقيقة أنه لو حد منهم شاف
رجل الشارع في الشارع مش هيعرفه
التقي المواطن (محدود الدخل) بـ(المرأة العاملة)، فتزوجا وأنجبا (الطالب المتوسط) الذي تأتي الامتحانات عادة في مستواه، نجح الطالب المتوسط وأنهي تعليمه وأصبح (رجل الشارع)، تمر الأيام وهو يستمتع بخطة الإصلاح التي تبنتها الحكومة والتي أنتجت قيما جديدة للسلع الغذائية أصلحت أحوال البقالين.
رجل الشارع حرم في طفولته من سماع جملة: (خش أوضتك)، لكنه سمع كثيرًا: (ما أشوفش وشك في الأوضة دي تاني)، ولم يحظَ بمشاهدة دجاجة كاملة علي الطبيعة، ويعتبر الجولف نوعًا من أنواع الدعارة، وكان كلما سأله أحد (نفسك تطلع أيه لما تكبر؟) يجيب قائلًا: (نفسي أطلع من دلوقتي).. لا يتعامل مع الحكومة إلا في أضيق الحدود، وعندما كان يطلب مساعدتها كان يكتفي بأن يرن عليها، لكن الحكومة في كل مرة كانت لا تتردد في أن تفتح عليه، لم يقع أبدًا في دائرة الشذوذ، لكنه عندما ذهب لاستخراج بطاقة وقف أمام خانة النوع وكتب (مذكر سلبي).
أقلع رجل الشارع عن التدخين بعد أن وضعت له الحكومة علي علب الدخان صورة موحية وتحذيرا من الأثر السيئ للتدخين علي العلاقة الزوجية، رجل الشارع غير متزوج، رجل الشارع لم يتزوج لا لأنه لم يجد فتاة ترضي به (بالعكس فتيات طبقته الاجتماعية يرحبن بأي عريس حتي لو كان عاطلًا عن العمل.. حتي وهن متأكدات أنهن سيتولين الإنفاق علي البيت)، لكنه لم يتزوج لأنه يعرف جيدًا أن ابنه سيكون (طفل شارع)، وحتي توفر الحكومة حماية كافية لأطفال الشوارع يكتفي رجل الشارع بالمشاركة في حفلات التحرُّش الجماعي في المواسم والأعياد، ومن حين لآخر يشارك في الاحتفال مع المواطنين الشرفاء في وقفاتهم المدججة بالموسيقي والأعلام، لا يشاركهم عن اقتناع ولكن من أجل تسييح البرشامتين في الدوشة.
رجل الشارع يصدق كل ما يقال له، ويقدس كل من يظهر علي شاشة التليفزيون، ويعتبره (عدَّي خلاص)، وإذا فكر في الاستغاثة بمسئول كبير لن يأتي أكبر مسئول في باله، ولكن اي مذيع، له قدرة هائلة علي التخفي والهروب غدار و(مالوش مسكه)، ولا يخاف من ضباط الشرطة، لكنه يموت رعبًا من المخبرين ولا يفهم معني الفتنة الطائفية، فهو متعايش مع الجميع بلا دين بعد أن كفرته الأسعار، وإن كان يتظاهر بالتدين عندما يجيب علي أي سؤال يوجه له (حتي لو كان عن اسمه) بتقديم المشيئة.
رجل الشارع يأكل الكثيرون عيشًا علي قفاه، الحكومة تدعي أنها تعمل من أجله والمعارضة تقول: إنها تدافع عنه، ومراكز البحوث تقول: إنها استطلعت، رأيه والفنانون يقولون: إن رأيه أهم من رأي النقاد، والحقيقة أنه لو حد منهم شاف رجل الشارع في الشارع مش هيعرفه.