- يقول يوجين فال في كتابه «فن كتابة السيناريو» الذي قمت بترجمته الي اللغةالعربية: «ظهر في القرن العشرين اختراع لشكل جديد للسرد القصصي، فمن تلاحم عبقري لقطع صغيرة من المعدن والسلك الكهربائي حدث بث تكنولوجي قدر له ان يؤثر تأثيرا هائلا علي عقول ملايين من الناس» وهو يقصد هنا السينما.
- تعتبر نشأة السينما فريدة اذا قورنت بأشكال الفن الاخري، فعلي عكس العروض المسرحية في العصور الوسطي التي كان يجري تمثيلها علي درجات سلم الكاتدرائية او كوميديات موليير التي كانت تمثل في القصر الملكي جاءت السينما من صالات التسلية البدائية، فقد ولدت بجوار معرض للصيد وترعرعت في حانات البيرة، وكان يحيط بها لاعبو اكروبات وباعة جوالون لبطاقات البريد الجنسية ودجالون وسحرة وثعابين ومهرجون ورجال اقوياء كانوا يمارسون حيلهم المتجددة دائما.
- اول ما نلاحظه علي هذا الفن الوليد أنه نشأ نشأة شعبية ولذلك فهو فن شعبي جاء من اجل تسلية الناس، وهو يشبه في نشأته الشعبية نشأة الدراما الاغريقية.
- يقولون إن المسرح هو ابو الفنون واقول انا ان السينما قد سلبته هذا الادعاء وتوجت به نفسها، فقد احتضنت السينما الفنون جميعها بما فيها المسرح نفسه وهذا هو السبب في سرعة تطورها ووصولها الي هذه الدرجة الرفيعة من الرقي الفني.
- يري المخرج السينمائي الالماني الشهير فرتيز لانج ان عملية صناعة اي فيلم سينمائي هي اشبه بكثير بعملية بناء كاتدرائية في القرون الوسطي، وهو يعني من وراء هذا التشبيه أن الفيلم السينمائي يشارك في صنعه عدد كبير من المتخصصين.
- كتب اندريه بازان الناقد الفرنسي العظيم وأحد مؤسسي مجلة «كراسات السينما» يقول: «ان معني الفن السينمائي هو رواية حكاية بلغة واضحة وكاملة الشفافية، قليل من حركات الكاميرا التي تجعل وجودها محسوسا وقليل من المناظر التي لا تطابق الادراك الطبيعي للعين البشرية».
- كان المخرج حلمي حليم من كبار المثقفين وقد استفدت انا شخصيا من ثقافته وعلمه الكثير، وقد قال لي في احدي المرات ان المبدع السينمائي الجيد هو الذي يستطيع ان يوصل عمله الي الجمهور توصيلا جيدا وذلك باقتدار وبساطة بحيث يفهمه كل الناس اما من لا يقدرون علي ذلك فلا علاقة لهم بالفن.
- يختلف موقف الجمهور من الفيلم السينمائي عن موقف الناقد الذي يكتب عن نفس الفيلم . فالجمهور الذي تعود علي مشاهدة الافلام يتدرج في تذوقه ويضع لنفسه قواعدا يفهمها في حين يأتي بعض النقاد الي مجال السينما وهم يحملون بعض القواعد التي كانوا يطبقونها علي أنواع أخري من الآداب والفنون.
- احيانا يضفي بعض النقاد علي بعض الافلام قيما لا يجدها الجمهور في الفيلم، ان هذه القيم التي يتحدث عنها الناقد ما هي الا مجرد اوهام زائفة تعشش في ذهن الناقد منذ زمن ويريد ان يفرضها علي الفيلم وعلي الجمهور.
- الافلام التي تعالج قضايا عفي عليها الزمن لم تعد تجذب الناس حتي لو جري صنعها بتقنية عالية وذلك لانها بعدت عن حياتهم مثل افلام المناسبات وذلك لان الجمهور قد شاهد وماحدث علي حقيقته ولم يعد ينتظر الا الفن الذي يحقق له المتعة.
- لا يذهب الناس الي السينما من اجل ان يتعلموا او بغرض اكتساب خبرة او الاستماع الي نصيحة من يقوم بوعظهم. الناس يذهبون الي السينما من اجل المتعة اولا ثم يأتي كل شيء بعد ذلك.
- ليس الفن تعبيرا عن الذات، فاذا اقتصر كل فنان علي مجرد التعبير عن ذاته الوحدانية الانانية كما يقول هربرت ريدفان الفنان يكون حينئذ منفصلا عن مجتمعه ومعاديا له، التعبير عن الذات ـ مثل البحث عن الذات ـ ليس الا وهما، .
- كاتب السيناريو هو اول من يتخيل الفيلم السينمائي ويحدد ملامحه الاساسية، وليس هذا بالعملية السهلة الهينة ولكنها اصعب المراحل في إبداع اي فيلم سينمائي.
- السيناريو هو القوة الكامنة التي من خلالها يستطيع كل مبدع في الفيلم السينمائي ان يحقق كل طموحاته الفنية، فيجد المخرج فيه كل ما يريد ان يحققه بما يثيره في داخله من احلام ابداعية ويجد فيه المصور القيم الجمالية التي ينشد تحقيقها من خلال عدساته المختلفة وظلاله التي تعلي من القيم الدرامية ويجد فيه مهندس الديكور العالم الذي يريد بناءه فيتحول الي واقع فني، ويجد فيه الممثل الدوافع القوية التي تحرك كل طاقاته الابداعية فيثير الاقناع والاعجاب في داخل المتفرج.