سعدت أيما سعادة بانتخاب البرلمانية المصرية السيدة مرجريت عازر ممثلة للمرأة العربية في لجنة المرأة بالاتحاد البرلماني الدولي وهو ما يعني بوضوح أن مصر مازالت تتبوأ وضعها المحوري في المنطقة العربية بالرغم من غيابها لعدة سنوات بسبب فقدانها شرطاً مهماً بل أهم شروط عضوية الاتحاد وهو عدم وجود برلمان بالبلاد. وإني علي ثقة أنه ستكون هناك بصمة للمرأة المصرية علي أعمال اللجنة وأعمال الاتحاد بصفة عامة كما كان الحال في وقت مضي نتيجة لنشاط بدأته بجدارة منذ منتصف سبعينات القرن الماضي الدكتورة ليلي تكلا عضو مجلس الشعب في ذلك الوقت واستمر إلي يومنا هذا نتيجة لجهود نائبات مصريات أذكر منهن السيدة يسرية ساويرس والدكتورة حورية مجاهد والسيدة سيادة جريس وشخصي الضعيف ولعله من المهم أن نذكر هنا أن نشأة لجنة المرأة في الاتحاد البرلماني الدولي كانت بمبادرة مصرية، عندما جالت في خاطري أثناء عضويتي في الشعبة البرلمانية المصرية كفكرة لتعزيز دور المرأة البرلمانية علي المستوي الدولي إيماناً بأنه يضيف بعداً مختلفاً إلي أنشطة الاتحاد ناقشت الفكرة مع أمين عام الاتحاد مستفسرة عن إمكانية تحقيقها فلم يفدني بأسلوب دبلوماسي رقيق فكان أن ناقشتها بعد ذلك مع زميلتي عضو الشعبة البرلمانية الهندية (السيدة / ساروج) ثم مع عضو الشعبة السودانية (الدكتورة / فاطمة عبد المعبود) فتحمستا بشدة للفكرة. ووقعنا ثلاثتنا علي خطاب رسمي إلي الأمين العام نطلب فيه إنشاء لجنة للمرأة رفعه الأمين إلي المجلس التنفيذي للاتحاد الذي لم يلق له أي اهتمام، لم أستسلم بل ناقشت الفكرة مع عدد من عضوات الشعب البرلمانية للدول الأعضاء فلاقت قبولاً واهتماماً كبيراً وتحمسن تحمساً شديداً وتم الاتفاق علي أن نجتمع جميعاً ونناقش الفكرة علي نطاق واسع. بادرت مشكورة عضو البرلمان الكوري وأبدت استعدادها للتحضير لعقد اجتماع خاص لهذا الهدف في وقت انعقاد مؤتمر الاتحاد الذي كان سيعقد في سيول في كوريا في وقت لاحق. كان اجتماعاً غير رسمي وتمت فيه مناقشة الفكرة وانتهي بإصدار بيان يطالب بإنشاء لجنة للمرأة البرلمانية تحت مظلة الاتحاد تهدف إلي تدعيم دور البرلمانيات في بلادهن وعلي المستوي الدولي وضرورة تمثيلهن في كل الشعب البرلمانية. شمل البيان بالإضافة إلي ذلك بعض الملاحظات تتضمن رؤية المرأة لبعض الموضوعات التي كانت علي جدول أعمال مؤتمر الاتحاد، كان هذا البيان سبباً في رواج الفكرة بين الأعضاء رجالاً ونساءً، وكانت النتيجة أن وافق المجلس التنفيذي للاتحاد علي عقد اجتماعات خاصة للمرأة موازية لاجتماعات الاتحاد لكنه لم يوافق علي إنشاء لجنة دائمة، وبمضي الوقت وتدريجياً ونتيجة لقوة البيانات والآراء التي كانت تخرج من اجتماعات المرأة تمت الموافقة علي إنشاء اللجنة الدائمة للمرأة كآلية ضمن آليات الاتحاد وتؤخذ تقاريرها وتوصياتها كوثائق رسمية.
لم يقتصر نشاط المرأة المصرية علي لجنة المرأة فقط بل امتد لباقي أعمال الاتحاد علي مدي سنوات فمثلاً تم انتخاب الدكتورة ليلي تكلا في التسعينات عضواً باللجنة التنفيذية للاتحاد وهو الآلية المهمة التي تقرر سياسات وخطط الاتحاد... ومثال آخر عندما كانت مهمتي هي إلقاء كلمة الشعبة المصرية في مؤتمر الاتحاد الذي عقد في كاركاس في فنزويلا 1979 حول «طرق تعزيز التعاون الدولي والسلام في مجال التعليم والمعلومات والاتصالات» قدمت بعض المقترحات من خلال الكلمة تمت مناقشتها في لجنة التعليم والثقافة والعلوم والبيئة وهي إحدي لجان الاتحاد الدائمة، لاقت المقترحات قبولاً حسناً وتفاعل معها ممثلو برلمانات العالم بإيجابية واضحة. تصادف أن كان في ذلك الوقت موعد انتخابات رئاسة اللجنة وفوجئت وسعدت بأن رشح الوفد البريطاني مندوبة مصر لرئاسة اللجنة وساند وعضد هذا الترشيح وفد يوغوسلافيا، ثم توالت باقي الوفود بالمساندة وتم انتخابي لرئاسة هذه اللجنة الدائمة بالإجماع لمدة دورة كاملة حسب اللوائح... ومثال آخر هو أن للاتحاد حق تكوين لجان خاصة لمدة محددة لدراسة موضوع ما من المواضيع محل الاهتمام الدولي تم اختياري عضواً في اللجنة الخاصة لدراسة سبل الحد من تلوث البحر الأبيض المتوسط (1980 - 1983). عقدت اللجنة عدة اجتماعات في مختلف بلدان البحر الأبيض كانت مهمتي تجميع المعلومات حول جهود الحماية والحفاظ علي بيئة البحر الأبيض وطبعاً كان تركيزي علي الجهود المصرية وما تقوم به وزارة البيئة والوزارات والجهات المعنية نحو الوفاء بالالتزامات التي وردت في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة... أشار تقرير الأمين العام في الجلسة العامة للاتحاد حول أعمال اللجنة إلي جهود جمهورية مصر العربية الجادة والفاعلة في حماية بيئة البحر الأبيض المتوسط.
وهكذا نري من هذه الأمثلة المحدودة أن الانتخاب في لجان الاتحاد البرلماني الدولي وإن كان بدون شك هو انتخاب الدولة أولاً بحسب ما لها من وضع ومواقف إلا أنه يتم بناءً علي مستوي الجهد الذي يبذله ممثلو هذه الدولة ونشاطهم داخل اللجان المختلفة ومشاركتهم ومستوي تفاعلهم مع فعاليات الاتحاد بصفة عامة، وهو ما كان السبب الذي أضاف المزيد من احترام المجتمع الدولي للشعبة البرلمانية المصرية التي تتمتع فعلاً بهذا التقدير منذ السبعينات ولعل أبلغ مثال لذلك هو انتخاب مصر متمثلة في شخص الأستاذ الدكتور / أحمد فتحي سرور الرئيس الأسبق لمجلس الشعب المصري كرئيس لمجلس الاتحاد البرلماني الدولي لدورة كاملة حدثت خلالها طفرة كبيرة غير مسبوقة في عمل الاتحاد بشهادة الدول الأعضاء، أكرر سعادتي بعودة مصر إلي مقعدها في الاتحاد البرلماني الدولي وتمنياتي للشعبة البرلمانية وللسيدة مارجريت عازر بكل التوفيق والسداد... وفقنا الله جميعاً لخدمة مصرنا الغالية.