ترقب العالم بلهفة ذلك الحدث التاريخي، وهو قيام السفينة تايتنك بأولى رحلاتها عبر المحيط الأطلنطي "الأطلسي" من إنجلترا إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 10 إبريل 1912.

سفينة التايتنك

كانت سفينة التايتنك من أكبر السفن وأضخمها في العالم حين شيّدت، فقد كانت عبارة عن مدينة متكاملة تسير فوق مياه المحيطات، فقد بنيت لتتّسع لأكثر من 3500 راكب، كما تمّ توفير كل مصادر الرفاهية والراحة لركابها الأغنياء وضمان وصولهم إلى وجهتهم بأسرع وقت ممكن حيث زوّدت بمحركات تردّدية صنعت خاصةً من أجلها، إذ يبلغ ارتفاع المحرك 12 متراً ومزود بأسطوانات يبلغ قطر الواحدة منها 2.7 متر، ممّا سمح لها بتوليد كمية كبيرة من الطاقة البخارية أكثر من أي سفينة أخرى كانت معاصرة لها، حيث كانت تستهلك حوالي 610 طن من الفحم يومياً لضمان الوصول إلى وجهتها ضمن الجدول الزمني المحدّد، كما كانت في سباق مع الزمن لرغبة صناعها بأن يثبتوا بأنّها أسرع سفينة في العالم.

رحلة الموت ..

فعلى رصيف ميناء كوين ستون بإنجلترا كان الاحتفال بالغًا بهذا الحدث الكبير، اصطف آلاف الناس من المودعين وغير المودعين يتأملون، بإعجاب السفينة العملاقة وهي راسية في الميناء في قوة وشموخ، والمسافرون وهم يتجهون إليها في سعادة وكبرياء، ولا شك أن الكثيرين منهم كان يتمنى في قرارة نفسه، لو يكون له مكان على ظهر السفينة.

وجاء الموعد المحدد لبدء الرحلة، فارتفعت الأعلام، وبدأت فرق الموسيقى المحتشدة على رصيف الميناء تعزف موسيقاها الجميلة المرحة وسط هتاف المودعين والمسافرين، وبدأ صوت المحرك يعلو حتى أخذت السفينة تيتانك تتحرك لتبدأ أولا رحلاتها وسط هذا الاحتفال البهيج.

وفي 15إبريل 1912 وهو اليوم الخامس من رحلة السفينة بدأت المخاطر تتربص بالسفينة العملاقة ومن عليها من سادة القوم فمنذ ظهيرة ذلك اليوم حتى آخره، تلقت حجرة اللاسلكي بالسفينة رسائل عديدة من بعض السفن المارة بالمحيط ومن وحدات الحرس البحري تشير إلى اقتراب السفينة من الدخول في منطقة مياه جليدية مقابلة للساحل الشرقي لكندا.، وعلى الرغم من هذه الرسائل العديدة التي تلقتها السفينة، لم يبد أحد من طاقمها، وعلى الأخص كابتن سميث، أي اهتمام ، حتى أن عامل التلغراف اللاسلكي قد تلقى بعض الرسائل ولم يقم بإبلاغها إلى طاقم السفينة لعدم اكتراثهم بها.

فعلاوة على اعتقادهم، من خبرتهم السابقة، بندرة تكون الجليد في هذه المنطقة من المحيط في شهر أبريل ، فقد كانوا جميعا على ثقة بالغة بسفينتهم العملاقة تايتانك، فقد كانت تبدوا لهم أكبر وأكبر من أن يعترض شيئا طريقها..فما بالهم يعبئون ببعض قطع من الجليد، خاصة أن المحيط هذا اليوم كان هادئا تماما كالبساط الممتد، كما كان الجو باردا لكنه كان مشمسا في معظم الوقت فماذا يمكن أن يهددهم أو يعترض طريقهم.

لكنه بعد حلول الظلام وبالتحديد في الساعة التاسعة مساء من نفس هذا اليوم، بدأت درجة الحرارة في الانخفاض بشكل ملحوظ، مما جعل كابتن إدوارد جون سميث يدرك أن السفينة تقترب، بالفعل، من منطقة جليدية، لكنه على الرغم من ذلك لم يبد اهتماما كبيرا لهذا الأمر فكل ما قام به هو إعطاء الأوامر بتفقد خزانات المياه، خوفا من أن تكون المياه قد تجمدت بها، كما بلغ مراقب السفينة، فر يدريك فليت، بتشديد الرقابة والإبلاغ عن أي كتل ثلجية ضخمة قد تتراءى له.

ثم دخل كابتن سميث حجرته لينام ... !!! وفي الحقيقة أن كابتن سميث رغم خبرته الطويلة، قد وقع في خطأ كبير بهذا التصرف، ربما لثقته البالغة بسفينته العملاقة وخبرته الطويلة، فهو لم يفكر إطلاقا في إنقاص سرعة السفينة حيث كانت تنطلق في هذا اليوم بأقصى سرعتها، كذلك نسي كابتن سميث أن كتل الجليد الضخمة قد تفاجئ سفينته في لحظات، فقد كانت الرؤية في هذه الليلة غير قمرية غاية في الصعوبة، حتى أن الأفق لم يكن واضحا على الإطلاق.

غرق سفينة تايتنك

وفى حوالي منتصف نفس هذه الليلة، وبينما فريدريك فليت, وهو مراقب السفينة كان يتناول بعض المشروبات الدافئة لعلها تزيل عنه البرد القارص في هذا الوقت، فجأة رأى فليت خيالا مظلما يقع مباشرة في طريق السفينة، وفي ثوان معدودات بدأ هذا الخيال يزداد بشكل ملحوظ حتى تمكن فليت من تحديده..إنه جبـل جليدي، فقام فليت بسرعة بإطلاق جرس الإنذار عدة مرات لإيقاظ طاقم السفينة، كما قام بالاتصال بالضابط المناوب واخبره بوجود جبل من الثلج يقع مباشرة في اتجاه السفينة ،حيث قام بسرعة وأمر بتغير اتجاه السفينة ثم بإيقاف المحركات.

ولكن لم يكن هناك أي فرصة لتجنب الاصطدام، فارتطم جبل الثلج بجانب السفينة ومن الغريب أن هذا التصادم لم يكن ملحوظا أو مسموعا بدرجة واضحة، حتى أن باقي أفراد طاقم السفينة قد ظنوا انهم نجحوا في تغيير المسار وتجنب الاصطدام، ومع حدوث هذا التصادم، تساقطت كتل كبيرة من الثلج على ظهر السفينة، وعلى الرغم من ذلك لم تهتز السفينة إلا هزة بسيطة كانت غير ملحوظة، لكنها انزلقت قليلا من الخلف، وبعد عدة دقائق توقفت السفينة تماما عن الحركة.

وقع حادث غرق سفينة التايتنك في مساء يوم الأربعاء الموافق 14 من أبريل لعام 1912 حتى صباح يوم الخميس التالي له، والتي كانت متّجهه من مدينة ساوثهامبيتون في إنجلترا إلى مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية عبر مياه المحيط الأطلسي حاملةً ما يقارب 2224 راكب، وفي الساعة 23:40 -حسب التقارير التي وجدت في السفينة- من مساء يوم الأربعاء اصطدمت السفينة بجبل جليدي، ممّا تسبب بغرقها بعد ساعتين وأربعين دقيقة من اصطدامها، وكان ذلك من أفظع الحوادث البحرية التي حدثت آنذاك حيث توفي ما يزيد عن 1500 من ركاب السفينة غرقاً في مياه المحيط أو تجمداً بسبب البرد المياه الشديدة البرودة.

على الرغم من تلقّي طاقم السفينة أكثر من إنذار على وجود جبل جليدي ضخم في مياه المحيط، إلّا أنّها كانت تسير بأقصى سرعتها عندما اقتربت من الجبل الجليدي، فكان من المستحيل على طاقمها إبعاد السفينة عن الجبل الجليدي وتجنّب الاصطدام به، وقد تسبّب الاصطدام بفتح شقّ في أسفل السفينة يمتدّ على خمس مقصورات متتالية، ممّا سمح للمياه إلى الاندفاع بقوة إلى داخل السفينة فقد صمّمت سفينة التايتنك على أن تبقى طافية إذا لحق الضرر بأربعة من مقصوراتها وليس خمسة كما حدث، ممّا تسبب ببدء المأساة وغرقها.

لجأ طاقم السفينة إلى إرسال رسائل النجدة والاستغاثة للسفن القريبة لكن لم تكن أيّ منها قريبة كفاية لتصل قبل غرق السفينة، ممّا تسبّب بموت أكثر من نصف ركابها، بالإضافة إلى النقص الكبير في عدد قوارب النجاة على ظهر السفينة، كانت سفينة أو أم إكس كارباثيا هي أول السفن الواصلة لمكان غرق التايتنك في الساعة 9:15 من صباح يوم الخميس 15 أبريل اتكشف للعالم عن حادثة الغرق الفظيعة التي حلّت بالتايتنك.

عرب على السفينة ..

وكان على متن سفينة "تايتنك" كان العشرات من المسافرين العرب، وهم لبنانيون وكان هناك من يحمل الجنسية المصرية ويدعي حمد حسب ، اللبناني الوحيد الذي كان على متن " تايتنك" من دون أن يكون من ركابها، كان في الحقيقة أحد أفراد طاقمها المكون من 899 شخصا، واسمه ابراهام منصور مشعلاني، وهو مولود في 1860 في لبنان وكان حاصلا على جنسية بريطانية، ومسؤولا في السفينة عن قسم الطباعة، حيث يشرف على طباعة لوائح الطعام والبطاقات الشخصية لمن يرغب، وعلى نشرة كانت صحيفة يومية تنشر أخبار سفينة ونشاطاتها يوما بيوم، وقضى مشعلاني غريقاً مع 1516 آخرين.


وثائق نادرة لتاتانيك

ثلاث وثائق نادرة تشهد على نبض الحياة على متن سفينة تاتانيك التي غرقت سنة1912 أثناء رحلتها من ساوثمتون إلى نيويورك .