تدرس هيئة قناة السويس كل ما يتصل بحركة النقل العالمية والطرق الملاحية البديلة دراسة متعمقة، والمادة 43 في الدستور جاءت للتأكيد على فكرة أن الدولة ملزمة بحماية قناة السويس وأنها مصرية ولن تمس أبدا..هذا ما أكده المتحدث الرسمي لهيئة قناة السويس طارق حسنين في حواره مع وكالة أنباء الشرق الأوسط.

وقال حسنين" إن قناة السويس الجديدة تأتي ضمن مشروعات الهيئة لتطوير المجرى الملاحي، وإن التطوير عملية مستمرة ولا ترتبط بفترة زمنية محددة، فكانت هناك مشروعات للتطوير منذ بدء افتتاح القناة وحتى 2012 عندما تولى الفريق مهاب مميش رئاسة الهيئة".

وأضاف، في حواره مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في مكتبه بمبنى الإرشاد" أن الفريق مهاب عرض الأفكار الخاصة بتطوير القناة على القيادة السياسية، وأشار خلال عرضة للأفكار إلى مدى التطوير الذي سيلحق بالقناة، وحركة الملاحة في المنطقة وهو ما يتبعه تطوير كبير في المنطقة كلها.

وأشار إلى أن القيادة السياسية تأكدت عقب إجراء ادراسات اللازمة من الجدوى الكبيرة للمشروع، واتخذ القرار ببدء مرحلة الإعداد وعمل خطة مدروسة كاملة التفاصيل لكيفية إنجاز المشروع، إلا أن الأمر أصبح أكثر صعوبة بعد تقليص مدة التنفيذ من ثلاث سنوات إلى سنة وفقا لأوامر الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وأكد حسنين أن قرار تقليص المدة الزمنية رسالة للعالم فحواها أن الشعب المصري صاحب الحضارات العظيمة مازال قادرا على تحقيق المعجزات، وأن مصر عائدة بقوة للصدارة وأنها ستستعيد ثقلها الاستراتيجي في المنطقة.

وأوضح أن الرئيس أعطى أوامره بتقليص المدة الزمنية للتنفيذ بعد دراسة متأنية فهو قرار ليس عشوائيا، وإنما جاء لثقته في إدارة قناة السويس ورجالها الأوفياء والمعروف عنهم العمل المنتظم والأداء الرجولي المنقطع النظير، وكذلك القوات المسلحة بأدائها الانضباطي.

وبشأن طرق الملاحة المنافسة، قال " إن مصر لا تعيش بمفردها في العالم، وقناة السويس كطريق ملاحي تعد أكبر قناة صناعية ملاحية في العالم".

وأكد" أن قناة السويس لها عدة مميزات نسبية تتفوق بها على طريق رأس الرجاء الصالح أو (طريق الكيب)، فتختصر المسافة، كما أنها تستوعب عبور أكبر سفن الحاويات في العالم"، مشيرا إلى أن تكاليف التشغيل بالنسبة لسفينة عملاقة قادمة من الصين إلى الساحل الشرقي لأمريكا عبر قناة السويس مربحة جدا وهو ما يدل على مدى نجاح رسالة قناة السويس.

ولفت إلى أن قناة السويس تستحوذ على 10 % من حركة التجارة العالمية، وهي نسبة كبيرة جدا.

وتابع" إن المستهدف هو المتجه من الشرق إلى الغرب..مثلا القادم من الصين ويريد الاتجاه إلى الساحل الشرقي لأمريكا".

وقال إن سفن الحاويات تحديدا تمثل لقناة السويس 54 % من عدد السفن والحمولات المنقولة عبرها، لذا فهي الشريحة الرئيسية، مشيرا إلى أن القناة في إمكانها استقبال 19 ألف حاوية، حيث عبرت سفينة (سي اس سي ال جلوب) وهي أكبر سفينة حاويات في العالم في 31 ديسمبر 2014 وتحمل 19 ألف حاوية.

وأشار إلى أنه جاري حاليا إنشاء سفن تتجاوز العشرين ألف حاوية، مؤكدا جاهزية قناة السويس لاستقبالها منذ خمس سنوات سابقة، فسفن المستقبل القناة مستعدة لاستقبالها منذ سنوات عدة، حيث إنها تسير وفقا لاحتياجات السوق العالمي، كما أن التطور يسير بخطى منتظمة وثابتة ومن ضمن خطط التطوير (قناة السويس الجديدة).

وقال " إن القضاء على أفكار لإنشاء قنوات بديلة جديدة هو الهدف، وعندما يتم توفير كل احتياجات الملاحة العالمية للسفن فلماذا يفكر الطرف الآخر في البديل..إن قناة السويس مكان آمن وتوفر كل المواصفات القياسية العالمية اللازمة لعبور الملاحة في العالم، بالإضافة إلى اختصار الوقت حيث توفر في المسافة من 23 % إلى 88 % من مسافة الرحلة".

وأضاف" إن المسافة الطويلة تتطلب وقت ونقود (تكاليف التشغيل)، وعندما يتم التوفير على السفن لمدد تتجاوز الأسبوع أو العشرة أيام من زمن رحلتها، فنحسب مثلا اليوم × 180 ألف دولار، فلا نتخيل حجم هذا التوفير للسفن".

وتابع" هناك ميزة أخرى تتحقق للسفن خاصة بالوقت، فمثلا أنا كمشغل أؤجر سفينة من شركة لكي أعمل بها عدد من الرحلات لو مرت هذه الرحلات حول رأس الرجاء الصالح تكون في السنة حوالي 12 رحلة وإذا عبرت في قناة السويس وفرت كل مرة، أسبوعا إذن يمكنها مثلا من عبور 16 رحلة بدلا من 12 فهناك أربع رحلات زيادة على سبيل المثال".

وأكد أن الوفر يكون في المسافة والزمن والنقود وهذا ما يتم تحقيقه في قناة السويس ففكرة اللجوء لقناة بديلة هذا ما لا نريده، ونحاول أن نجعل العالم يستغني عن التفكير بها.

وشدد على أن كل ما يتصل بحركة النقل في العالم والطرق الملاحية البديلة يتم دراستها بشكل جيد جدا ودراسة متعمقة جدا من قبل هيئة قناة السويس حتى تكون ملمة أولا بأول بالمنافسين في العالم.

وبالنسبة للمشروع المزعوم (إيلات/ البحر الميت/ أشدود) أكد حسنين أن به صعوبات كبيرة في التنفيذ والتكاليف بالإضافة إلى التأثيرات البيئية الناجمة عن المشروع وطبيعة التربة الصخرية، كما أن التفكير في ضخ مياه مالحة من البحر الأحمر في البحر الميت لرفع مستواه له آثار بيئية جمة لتعويض كمية البخر السنوية (10 سم).

ولفت إلى أن أهم المشكلات (المياه الجوفية في هذه المنطقة) لأن نسبة مياه البحر إذا زادت في هذه المنطقة ستملح كل المياه الجوفية المحيطة بمنطقة البحر الميت.

وتابع" إذا ضخت المياه بالكميات المهولة التي يتحدثون عنها (ملايين الأمتار من المياه في اليوم) مع الإشارة إلى أن القشرة الأرضية هناك ضعيفة جدا، فإن هذا سيشكل ضغطا عليها ما يمكن أن يثير الحزام الزلزالي ويؤثر ذلك على المنطقة بشكل عام؛ لأن منطقة البحر الأحمر زلزالية".

وأشار إلى أن البحر الأحمر نفسه نشأ نتيجة زلزال كبير قسم المنطقة وفصل ما بين آسيا وأفريقيا وأنشأ أيضا خليجي العقبة والسويس.

وبشأن منافسة الخطوط البرية، قال إن الخطوط البرية في هذه المناطق تعد غير منافسة..مؤكدا أن أرخص وسيلة للنقل في العالم هي النقل البحري.

وفيما يخص عمل المرشدين وهل سيزيد عددهم مع حفر القناة الجديدة، أشار حسنين إلى أن العدد اليومي للسفن الذي يعبر قناة السويس حوالي 49 سفينة ومن المنتظر ارتفاعه ليصبح 97 سفينة (2023 ) ما يتطلب زيادة أعداد مرشدينا، مؤكدا أن كل ذلك سينعكس على حجم الدخل لقناة السويس والعائدات المنتظرة، ما يعم بالخير والرخاء على مصر.

وحول طبيعة عمل المرشدين، قال " إن أي سفينة تدخل قناة السويس لابد أن يعتليها مرشد من الهيئة..إن الإرشاد إجباري على جميع السفن العابرة، وإذا طلب أحد ألا يكون هناك مرشد فطبقا للائحة الملاحة "لا يجوز"، لأن المرشد هو الذي يوفر عناصر الأمان والسلامة وهو أكثر دراية من قبطان السفينة في عبور قناة السويس".

وبين أن الملاحة في القنوات الضيقة تحكمها عوامل تؤثر في حركة عبور السفن أكثر من البحر المفتوح، فيجب أن تسير السفينة (بحسب الهيدروليكا أوعلم حركة السّوائل) في مركز أو محور القناة، وهذا السير يحكمه الهواء وشدة الرياح واتجاهها واتجاه التيار وشدته وعناصر أخرى كثيرة وكذلك ضغط المياه على جانبيها.

ولفت إلى أنه إذا اتجهت السفينة بشكل مبالغ فيه تجاه الضفة الشرقية أوالغربية فنجدها تلف وتستعرض في القناة..مشيرا إلى أن هذا العنصر لا يوجد في البحر المفتوح..مؤكدا أن الملاحة داخل القنوات الضيقة تحتاج إلى خبرة كبيرة جدا.

وبين أن هذه الخبرة تكتسب مع الوقت..فالضابط البحري يتعلم نظريا ثم يدرس بشكل تطبيقي ويتدرب على يد مرشد أكبر منه ثم يعتلي سفينة بحمولات صغيرة ثم يتدرج في الحمولات بحسب خبرته حتى يصل به الأمر لأن يكون هو بمفرده على مركب حمولتها 150 ألف طن..مشيرا إلى أن هناك سفنا أكبر، ولكن في الغالب يعتليها مرشدين اثنين في كل مرحلة.

وأشار إلى وجود مرشدين في المداخل (مرشد ميناء) ومرشدين داخل القناة (مرشد قناة)..مضيفا" لو تخيلنا أن هناك سفينة قادمة من بورسعيد فيعتليها مرشد ميناء من الغاطس حتى تدخل القناة ومرشد قناة آخر من بورسعيد إلى الإسماعيلة ثم مرشد من الإسماعيلية للسويس ويعتليها مرشد ميناء من السويس هذا في حالة السفن العادية، أما السفن الضخمة والتي لها مواصفات خاصة يعتليها مرشدين اثنين في كل مرحلة (ثمانية مرشدين بدلا من أربعة)، والهيئة بها عدد كاف من المرشدين للقيام بهذا العمل.

وفي رده على سؤال" إن حفر القناة وتطوير وتنمية منطقة قناة السويس هو تنفيذ لالتزام واستحقاق دستوري حيث تنص المادة رقم 43 من الدستور على التزام الدولة بحماية قناة السويس وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لها..كيف أثر ذلك على رؤيتكم للمشروع ككل؟..قال حسنين" إن قناة السويس جزء عزيز وغال على مصر كلها شعبا وحكومة ولم يكن هناك تقصير من أي حكومة تجاهها".

وأضاف" من زمن التأميم وعودة القناة للسيادة المصرية..القانون الذي أصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يعطي قناة السويس المرونة والصلاحيات الكافية لإدارة حركة الملاحة بشكل تام وليست تحت مظلة أي وزارة أو جهاز أعلى فهي وحدها المسئولة عن إدارة قناة السويس".. واصفا القرار بـ"العبقري" فهي تعمل ما تقتضيه المصلحة العليا للبلاد وستظل قناة السويس هي التي تملك هذه الآلية والقرارات التي تتخذها فيما يتعلق بالملاحة، وكل القوانين تمكننا من هذا الأمر".

وبين أن كل جهات الدولة توفر الحماية للقناة وللسفن العابرة، فهي منظومة كبيرة جدا لأن حماية المجرى الملاحي والسفن العابرة هي مسئولية مصر تجاه العالم، وهذه المسئولية ممتدة منذ أن تولينا إدارة قناة السويس حتى الآن.

وأكد أن هذه المادة في الدستور جاءت للتأكيد على فكرة أن الدولة ملزمة بحماية قناة السويس وأنها مصرية ولن تمس أبدا.

وأشار إلى أن قناة السويس لا تفرق بين علم وآخر ولها الحق في منع دول معينة من العبور عندما تكون هناك حالة حرب معلنة فتمنع قانونا، فمن المنطقي جدا عند العبور القيام بأي عمل عدائي يعطل الملاحة في القناة (مصدر دخل أساسي) فلابد من منعها.

وبين أن هناك تجارات مسموح بعبورها مثل السلاح لأنها ليست مجرمة وبالتالي سفن الأسلحة مسموح بعبورها ولكن في ضوء اشتراطات معينة حيث تتم بعض الإجراءات بالتنسيق مع القوات المسلحة بكافة أفرعها والجهات السيادية في الدولة وتكون هناك لجنة مشتركة من هيئة قناة السويس والقوات المسلحة والجهات السيادية للكشف على الشحنة ومدى مطابقتها لما هو مسجل ثم تعبر وإذا كانت غير مسجلة ومخالفة يتم اتخاذ إجراءات معينة ضدها، أما غير المسموح بعبوره في القناة هي تجارة المخدرات والرقيق.

وبشأن تعليقه على من يصف قناة السويس الجديدة (المشروع القومي) بأنه تفريعة للانتقاص من الإنجاز؟، قال حسنين" لا توجد هناك تفريعة طولها 72 كم..قناة بنما كلها طولها في حدود 78 كم ..مشيرا إلى أن ذلك يعد خللا عقليا في التفكير".

وأضاف" نتحدث عن قناة جديدة طولها 72 كم، كميات الحفر بها تجاوزت 500 مليون متر مكعب ما يساوي 7 أو 8 مرات حجم الحفر بالقناة الأصلية (71 مليون متر مكعب في عشر سنوات) إذن فهو كلام مغرض، ومثبط للهمم".

وبشأن التهديد الحوثي لباب المندب، قال" من خلال متابعة الوضع السياسي فأعتقد أن هذا الكلام ليس له علاقة بالواقع والعملية العسكرية مازالت مستمرة في اليمن والعملية العربية الدفاعية عن حقوق اليمنيين في اختيار رئيسهم واختيار النظام الحاكم ما زالت هناك لأغراض كثيرة جدا منها حماية الملاحة في مضيق باب المندب وهذا حق أصيل..مصر لن تفرط فيه".