مائة عام بالتمام والكمال مرت على اتفاقية سايكس بيكو، والتي تم توقيعها في مايو 1916 بين بريطانيا وفرنسا، وخلفت ورائها انقسامًا بين العرب، وشتاتًا في الصف، وبعدًا وتقسيمًا للأرض، وتعيد ذكراها إلى الأذهان ما يسمى بالفوضى الخلاقة والتي اعتبرها الخبراء امتدادًا لهذه الاتفاقية بثوبها الجديد وإعادة تقسيم الدول العربية بشكل يعتمد على القبلية والطائفية.

قال الخبير الإستراتيجي اللواء محي نوح إن اتفاقية سايكس بيكو، هي كان هدفها تقسيم الدول العربية كلها لصالح إسرائيل، وهذا ما يظهر الآن في العراق وسوريا واليمن وليبيا، كما أنه مما لا شك فيه أن الفوضى الخلاقة موجودة ومازالت موجودة ومما لاشك فيه أيضا أن ورائها أمريكا وإسرائيل لصالح إسرائيل المستفيدة لكل ما يحدث للعرب ومنطقة الشرق الأوسط، وكل ما يحدث من خلافات بين العرب وتدمير وإرهاب يهم الولايات المتحدة الأمريكية، لإنهاء تقوم بتوزيع سلاحها علي الشرق الأوسط ومن أجل هذه المصالح استمرار الخلافات في الشرق الأوسط يصب في صالح الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقوم بنهب الثروات والبترول، والعالم كله ينظر إلي منطقة الشرق الأوسط والفوضى الخلاقة التي تشرف عليها الدول الكبرى والتقسيمات التي طالت لبيا والعراق وسوريا واليمن جميعها امتداد لاتفاقية سايكس بيكو القائمة علي تفتيت العرب.
وأضاف نوح أن هذه الفوضى الخلاقة الممتدة لن تطول مصر نظرا لقيادتها القوية وجيشها القوي وشعبها صاحب الإرادة القوية.
وأشار المحلل السياسي د.عارف الدسوقي إلى أن الفوضى الخلاقة هي تحديدا المدخل الاحتفال بالذكري السنوية لسايكس بيكو وإعادة إحيائها بثوبها الجديد، وإعادة تقسيم الدول العربية بشكل يعتمد علي القبلية والطائفية في ربوع الشرق الأوسط وهذا ما حدث.
وقامت هذه الاتفاقية علي تقسيم الوطن العربي إلي مناطق ونفوذ لإحياء صراعات مستقبلية، حيث قام مخططتها علي إحياء نزاعات مستقبلية قائمة على الطائفية والعرقية والقبلية، فعلي سبيل المثال في العراق تم التقسيم القبلي للعراق إلي دولة شيعية وسنية وهي الطائفية الدينية ثم دولة كردية في الشمال وهي العرقية وهذا الشكل ثلاث دويلات، وفي سوريا التقسيم يعتمد علي الطائفية الدينية وفي ليبيا التقسيم علي القبلية وفي اليمن علي الطائفية الدينية والقبلية وكذلك الصومال، وفي هذا الصدد المطلوب نقل هذه الفوضى بكل ما أوتي الغرب من قوي وإمكانيات لدعم داعش، ونقل الصراع إلي داخل السعودية وإلي داخل مصر، وانطلاق الفوضى لإرهاق الجيش المصري سواء في سيناء أو في الحدود الغربية مع ليبيا وإرهاق السعودية ماديا قبل إرهاقها عسكريا وجر مصر والسعودية إلي صراع طائفي يمني وإلي صراع في سوريا ،وهذا ما يخطط له الغرب وأتضح ذلك من خلال وثائق المخابرات الأمريكية التي تم تسريب بعضها عام ٢٠٠٤،٢٠٠٨،٢٠١٢،عن المخابرات الأمريكية حيث ما تم تسريبه يؤكد تخطيط أمريكا وبريطانيا علي إطلاق حركة داعش كخليفة للقاعدة وطالبان في المنطقة العربية، من خلال ما ذكر عن عودة الخلافة الإسلامية في صورة خلافة سيئة في المنطقة العربية بقيادة الإخوان وفي تركيا بقيادة حزب العدالة لعودة الخلافة ثم إيران لاستعادة الدولة الصفوية في صورتها الشيعية الجديدة .
ومن جانبها أوضحت د نادية حلمي أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بني سويف أن ذكري مرور ١٠٠عام على اتفاقية سايكس بيكو والتي تم توقيعها سنة ١٩١٦بين بريطانيا وفرنسا والتي نصت علي تقسيم الأراضي العربية ما بين بريطانيا وفرنسا، مع العلم أنها كانت معاهدة سرية شاركت فيها روسيا، ولكن سقطت روسيا قبل أن تحظي بنصيب فيها،ونمت جذور هذه المعاهدة في نهاية ١٩١٥وأثناء الحرب العالمية الأولي، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولي قامت فرنسا وبريطانيا بتقسيم مناطق النفوذ في المنطقة، خاصة مع دروس أهمية النفط في المنطقة وفي عام ١٩٢٠تم فرض الانتداب علي فلسطين من قبل بريطانيا، ولا ننسي وعد بيلفر البريطاني التي قدمت وعهدها الشهير لليهود بتكوين وطن قومي لهم ومن هنا ترجع بذور الصراع العربي الإسرائيلي مع ضعف الإمبراطورية العثمانية وقتها والتي كان يطلق عليها "الرجل المريض" وفشل العرب في إيقاف تقسيم أراضيهم من قبل قوي الغرب، وفي الوقت الحالي يتم إحياء ذكري هذه المعاهدة وسط العديد من التهديدات والأخطار التي تحيط بالعالم العربي،والتي علي أثارها أصبحنا نسمع عن مشاريع جديدة لإعادة تقسيم الوطن العربي بشكل جديد يقوم علي دويلات ومناطق تغذي وتشجع الانتماءات الطائفية، خاصة بين الشيعة والسنة والتدخل الخارجي تحت ذريعة حماية حقوق الإنسان أو الأقليات أو الأقباط في نصر.
وبالتالي يذكرنا بالفوضى الخلاقة أي تدخل أمريكا لإحداث الفوضى في المنطقة بصورة متعمدة حتى يتم إسقاط هذه الأنظمة العربية وإعادة تشكيل أخر يحظى بدعم واشنطن والغرب ونفس هذه النظرية التي طرحتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس عندما تحدثت عن شرق أوسط جديد،وهو ما يؤكد أن هناك مؤامرة غربية من أجل إعادة إحياء هذه الفوضى الخلاقة، من خلال الدعم الغربي الغير محدود لبغض الشخصيات والحركات السياسية وعلى رأسها الإخوان المسلمين لإحداث نوع من الفوضى والاضطرابات بالمنطقة.