محمد قناوي يكتب: توطين صناعة سينما بـ«ولاد رزق»

محمد قناوي
محمد قناوي

لم أتوقف كثيرا أمام الإيرادات الضخمة غير المسبوقة التى حققها الجزء الثالث لفيلم «ولاد رزق - القاضية»، حيث حقق في أسبوعين عرض أكثر من 15 مليون دولار، ما يعادل أكثر من 720 مليون جنيه مصري ، متفوقا على أفلام مصرية عُرضت سابقا، مثل فيلم "بيت الروبي" الذي حققت ايرادات بلغت أربعة ملاين ونصف المليون دولار، وأيضا إيرادات الجزءين الأول والثانى، من "ولاد رزق" والذين عُرضا فى توقيت لم يكن سوق التوزيع السعودى موجودا، والذى أصبح اليوم رقما صعبا فى معادلة إيرادات وتوزيع أى فيلم مصرى، بالإضافة إلى النشاط  الكبير الذى حدث فى السوق الخليجي بصفة عامة، والذى لم يكن يحظى باهتمام الموزع بشكل كبير، حيث كان الفيلم المصرى سابقا يُعرض فى عدد محدود من الشاشات فى أحد المولات الكبرى، ولكن منذ بدايات عام 2020 أصبح السوق السعودى بصفة خاصة والخليجى  بصفة عامة، من أهم أسواق التوزيع للفيلم المصرى، وربما تتفوق إيراداتها على التوزيع الداخلى وهناك نماذج كثيرة لأفلام لم تحقق إيرادات جيدة داخل دور العرض المصرية، فى الوقت الذى حققت ملايين الدولارات فى سوق التوزيع السعودى، وكان ذلك فرصة ذهبية لاستعادة السينما المصرية بريقها على المستويين الفني والجماهيري لا سيما أن الإنتاج الضخم كان يؤرق صناع الأفلام المصرية بسبب ارتفاع قيمة الدولار، فجاء الدعم السعودي سواء بالدعم المباشر وضخ أموال أو فتح دور العرض السينمائي ليحقق انتعاشة كبرى للسينما المصرية، مما تسبب في أعادت انتشار الفيلم المصري في السوق الخارجي، كما أنعش دورالعرض في البلدين، فيكفي أن نعلم أن دور العرض السينمائية السعودية سجلت إيرادات بنحو 919 مليون ريال سعودي ي ما يوازي 245 مليون دولار خلال العام الماضي  فقط كان نصيب السينما المصرية منها فقط ما يقرب من 40 % من هذه الإيرادات، كما أتاح منافسة الأفلام الأجنبية .

اقرأ أيضا|تنطلق أولى حلقات "يوميات صفصف" علي محطة "راديو ٩٠٩٠"

نعود لفيلم« ولاد رزق 3 - القاضية» الذى صدر برعاية موسم الرياض والمستشار تركى آل الشيخ، وأنفق ميزانية ضخمة تقدر بملايين الدولارات عليه ، لم تذهب كلها لنجوم وأبطال الفيلم من الممثلين، بل وحسب المعلومات أن أكثر من نصف الميزانية تم انفاقها على أجور الفنيين والمتخصصين فى الصناعة وراء الكاميرا، وأيضا الشركات التقنية التى نفذت عناصر الإبهار، ومشاهد الأكشن والمطاردات، وهؤلاء كان يعانون من تدنيا فى أجورهم وضعفها، فعندما يتم تقديرهم ومنحهم الأجر الذى يستحقونه، بالتأكيد سيبحثون عن فرصة للعمل فى هذه النوعية من الأفلام، وهذا هو الهدف الحقيقى من الرعاية ، فموسم الرياض والمستشار تركى آل الشيخ لا يبحثون عن إيرادات ولا أموال من وراء فيلم سينمائى، ولكن هناك هدفا أسمى من ذلك وأهم بكثير من الأموال، وهو جذب الفنيين وصناع السينما وراء الكاميرا من أجل توطين صناعة سينما سعودية، وهو طموح مشروع لأصحاب صناعة وليدة تبحث عن كوادر وكفاءات بشرية سواء مصرية أو أجنبية، توطن هذه الصناعة من خلال تعليم «مواطنين» مهارات هذه الصناعة بالتجربة العملية من خلال المشاركة فى الأفلام التى يتم دعمها ورعايتها لتكون نواة لصناعة سينما حقيقية  يكفي أن نعلم أن فيلم»ولاد رزق 3 - القاضية»  وصل عدد طاقمه في المملكة إلى 700 فرد، منهم عدد كبير من الشباب السعودي شارك في صناعة الفيلم من  وراء الكاميرا، لاكتساب خبرات عملية.

 المملكة العربية السعودية خلال الفترة الماضية دشنت بنية تحتية من استديوهات ومناطق تصوير ودور عرض كبيرة وهو الذى نطلق عليه «بناء الحجر» واليوم تقوم بجذب الكوادر البشرية والكفاءات المبدعة لتكوين مدرسة لتوطين صناعة سينما سعودية خالصة والذى يُعرف بــ «بناء البشر».