نحمى سماء مصر من أخطر العدائيات وتأمين مراكز القيادة والسيطرة ضد حرب المعلومات

نواجه الطائرات الشبحية والمسيرات والصواريخ الفرط صوتية بخطة مقسمة على مراحل وأسبقيات| حوار

اللواء أركان حرب ياسر كمال الطودى
اللواء أركان حرب ياسر كمال الطودى

تاريخ العسكرية المصرية لا ينضب... يسطره الرجال بالبطولات والتضحيات... وبين طياته نجد الحدث الأبرز للقوة الرابعة المصرية... يوم الثلاثين من يونيو... الذى نحتفل فيه اليوم بالعيد الـ 54 لقوات الدفاع الجوى المصرى... الذى يعد بمثابة الإعلان الحقيقى عن بناء حائط الصواريخ عام 1970... والشاهد على تساقط طائرات العدو الأحدث فى العالم وقتها ،الفانتوم»… يوم عظيم فى تاريخ العسكرية المصرية تجسدت فيه بطولات عظيمة وتضحيات جليلة... قدم فيها رجال الدفاع الجوى أرواحهم حتى تظل الرايات خفاقة... «الأخبار» التقت اللواء أركان حرب ياسر كمال الطودى قائد قوات الدفاع الجوى ليتحدث عن تطور هذا السلاح الهام، يكشف عما تملكه قوات الدفاع الجوى من قدرات تكنولوجية حديثة  لحماية سماء مصر وتأمين مجالها الجوى.

فى البداية سألته فى ظل التطور السريع فى أسلحة الهجوم الجوى الحديثة مثل الطائرات الشبحية والطائرات المسيرة والصواريخ الفرط صوتية.. كيف تواجهون تلك العدائيات ؟
تقوم قوات الدفاع الجوى بتنفيذ مهامها بدعم من القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة من خلال عدة محاور أبرزها التطور النوعى لنظم التسليح من خلال امتلاك منظومات تسليح متنوعة المصادر قادرة على مجابهة العدائيات المتطورة من خلال خطة مقسمة على مراحل وأسبقيات مع الحفاظ على الموجودات الحالية من الأسلحة والمعدات وعلى ضوء ذلك تم تزويد قوات الدفاع الجوى بأحدث أجهزة الرادار المتنوعة وتسليح نقاط المراقبة الجوية بالنظر بمستشعرات حديثة (كهروبصرية/حرارية) بالإضافة إلى أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات الحديثة مع تحديث نظام القيادة والسيطرة الآلية بالأيادى والخبرات المصرية للتأمين السيبرانى وكذا تطوير العملية التعليمية/التدريبية لتأهيل/ تدريب الفرد المقاتل ورفع المستوى العلمى والتدريبى لتحقيق المواصفات المنشودة واستيعاب التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة فى تصنيع المعدات.

اقرأ أيضًَا | د. حسن بخيت نائب رئيس اتحاد الجيولوجيين العرب: مصر فى قلب درع «الذهب»

هناك نوعان من الردع بالتلويح وبالإخفاء تعودنا من قوات الدفاع الجوى استخدام أسلوب الردع بالإخفاء وهذا ظهر جلياً خلال حرب أكتوبر من خلال ظهور أسلحة مفاجئة للعدو.. كيف يتم استخدام هذه السياسة فى ظل إمكانيات العالم حاليًا التى لا يمكن إخفاء أى أسرار بها؟
أصبحت المعلومات متاحة أمام الجميع فى عصر السموات المفتوحة سواء بالأقمار الصناعية أو أنظمة الاستطلاع الإلكترونية المختلفة وشبكات المعلومات الدولية بالإضافة إلى وجود الأنظمة الحديثة القادرة على التحليل الفورى للمعلومة، نحن لدينا اليقين أن السر لا يكمن فقط فيما نمتلكه من أسلحة ومعدات ولكن يكمن فى قدرتنا على تطوير فكر استخدام السلاح والمعدة بما يمكنها من تنفيذ مهامها بكفاءة تامة وتطوير ما لدينا من أنظمة تسليح بسواعد أبنائنا علاوة على الارتقاء المستمر بمستوى تأهيل الفرد المقاتل لتحقيق المفاجأة من خلال الاستعداد القتالى العالى للقوات، كما نؤمن بمبدأ (وما خفى كان أعظم) سواء كان تسليحًا جديدًا أو تبنى فكر استخدام غير نمطى وأساليب وتكتيكات مبتكرة.



معظم الدول العظمى تحظر تصدير تكنولوجيا التصنيع المتقدمة وهو ما أجبرنا لسنين عديدة على استخدام أسلحة تم تدبيرها وفقًا لاشتراطات وأولويات الدول المصنعة لكن فوجئنا خلال معرض إيديكس 2023 بعدد من المنتجات التى قامت قوات الدفاع الجوى بابتكارها وتحديثها.

كيف استطعتم تحقيق هذا الإنجاز؟
تولى القيادة السياسية اهتمامًا بالغًا بتوطين التكنولوجيا والاهتمام بالبحث العلمى اعتمادًا على الكوادر الوطنية، كانت البداية إنشاء مركز للبحوث الفنية والتطوير بسواعد كوكبة من ضباط الدفاع الجوى المتمزيين الذين تم تأهيلهم داخل وخارج مصر والحاصلين على أعلى الدرجات العلمية (الماجستير ، الدكتوراة) فى المجالات العلمية المتنوعة وكانوا هم حجر الأساس لمنظومة التحديث على نقل والتطوير سعيًا لامتلاك تكنولوجيا تصنيع أنظمة دجو مصرية وتوطين التكنولوجيا الحديثة فى المجالات المختلفة من خلال أعمال التطوير والتصنيع المشترك بعمق يصل إلى نسبة (100%) تدريجيًا، حيث قامت قوات الدفاع الجوى بأيدى مقاتليها النابغين بصناعة رادار مصرى - مراكز قيادة وسيطرة-أنظمة تعارف-طائرات هدفية - أنظمة مجابهة للطائرات الموجهة بدون طيار بالتعاون مع المراكز البحثية بالقوات المسلحة والجهات المدنية وبالاستفادة من القاعدة الصناعية بكل من الهيئة العربية للتصنيع،ووزارة الإنتاج الحربى وتم الوقوف على مدى الصلاحية للاستخدام الفعلى الميدانى بواسطة مقاتلى قوات الدفاع الجوى وتضع قوات الدفاع الجوى نصب عينيها دائماً الحلول غير النمطية للمشكلات الفنية التى نواجهها فى ظل تعقد التكنولوجيا والتطور السريع فى العدائيات الجوية.



أظهرت الصراعات الحديثة وخاصة الأزمة الروسية الأوكرانية أهمية الأمن السيبرانى والذكاء الاصطناعى... كيف تؤمّن قواتنا منصات تسليحها ومراكز اتخاذ القرار؟
أتفق معك على أهمية الأمن السيبرانى والذكاء الاصطناعى فى ظل التطور الهائل فى تكنولوجيا المعلومات. اتخذت قوات الدفاع الجوى إجراءات فنية وتكتيكية عديدة لتأمين مراكز القيادة والسيطرة وأنظمة ومعدات الدفاع الجوى والشبكات ضد حرب المعلومات وبالاستفادة من مركز البحوث الفنية والكيانات الفنية بالقوات المسلحة وبفضل الضباط المختصين فى هذا المجال علاوة على تأهيل كوادر داخل وخارج الجمهورية ونشر الوعى السيبرانى بالفرق الحتمية (ضباط / ضباط صف) لمجابهة حرب المعلومات وبالتأكيد لا تعلن أى دولة عن كل ما لديها من إمكانيات وقدرات للمجابهة.

كيف يتم إعداد وتجهيز المقاتلين بقوات الدفاع الجوى للعدائيات الحديثة؟
تدرك قيادة قوات الدفاع الجوى أن الثروة الحقيقية تكمن فى الفرد المقاتل الذى يعتبر الركيزة الأساسية للمنظومة القتالية لقوات الدفاع الجوى، خططنا إلى تطوير مهارات وقدرات الفرد المقاتل من خلال ثلاثة مسارات الأول هو إعادة صياغة شخصية الفرد المقاتل والثانى يعتمد على تطوير العملية التعليمية والثالث يتم من خلال تطوير العملية التدريبية.

يواكب التطور السريع فى تكنولوجيا الطيران تطور أسرع فى تكنولوجيا الدفاع الجوى..... فما الدور الذى قامت به كلية الدفاع الجوى لإعداد الطلاب فى ظل التطور فى التكنولوجيا؟
كلية الدفاع الجوى من أعرق الكليات العسكرية بمنطقة الشرق الأوسط تم إنشاؤها فى يوليو 1974 كأحد الدروس المستفادة بعد حرب أكتوبر فى سبتمبر 1979 وتم إدخال التعليم الهندسى لمواكبة التطور التكنولوجى فى أسلحة ومعدات الدفاع الجوى الحديثة وفى إطار التطوير المستمر فى قواتنا المسلحة الباسلة أصدر رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة قرارًا بإنشاء الأكاديمية العسكرية المصرية تضم جميع الكليات العسكرية بهدف إعداد وتخريج ضباط تتوافر فيهم الكفاءة والمؤهلات التكتيكية والفنية للخدمة فى وحدات القوات المسلحة.

فى ظل تحول دول العالم إلى التجمع فى تكتلات وتحالفات قوية وشراكات تسمح لها بمجابهة العدائيات المحتملة.. ما أسلوب قوات الدفاع الجوى فى تعزيز علاقاتها الثنائية مع الدول الصديقة والشقيقة؟
تعزز قوات الدفاع الجوى العلاقات مع نظائرها بالدول الصديقة من خلال: تنفيذ التدريبات المشتركة مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة أمريكا (النجم الساطع)، روسيا(سهم الصداقة)، اليونان (ميدوزا) ، باكستان (حماة السماء)، السعودية (السهم الثاقب)، الأردن (العقبة)، الكويت (سيف العرب) ونخطط لتدريبات مشتركة مع دول أخرى فى المستقبل القريب بما يزيد من الروابط مع الدول الصديقة ويساعد على تبادل الخبرات والمهارات. الاشتراك فى المسابقات الدولية مع الدول المتقدمة (روسيا ، الصين) حصلت قوات الدفاع الجوى على مراكز متقدمة فى هذه المسابقات ومن أمثلتها السماء الصافية تبادل الزيارات والمعايشة داخل الوحدات المتماثلة لتبادل الخبرات العملية وتبادل حضور أنشطة بقوات/ مراقبين لاكتساب وتبادل الخبرات والمهارات والتعرف على أحدث التكتيكات وعقد ورش عمل لتبادل الخبرات فى مختلف المجالات (العمليات، التدريب، البحوث الفنية والتطوير) تبادل تأهيل الضباط وضباط الصف بالدورات العامة والتخصصية.

ما تطلعاتكم ورؤيتكم المستقبلية لتطوير قوات الدفاع الجوى خلال فترة قيادتكم؟
نحن كرجال عسكريين نعمل طبقًا لخطط وبرامج محددة وأهداف واضحة ولا مجال للأهواء الشخصية فى إدارة العمل... منظومة العمل بالقوات المسلحة تسمح لكل المستويات القيادية بالمشاركة فى صناعة القرارات ودائمًا تتوافر الفرصة لعرض أفكارنا وأحلامنا للتطوير والتحديث على المستويات الأعلى ودرجها ضمن الخطط، لكن على المستوى الشخصى فور تكليفى للعمل كقائد لقوات الدفاع الجوى عرضت على القيادة العامة عددا من الخطط التى تم إعدادها بواسطة المختصين وأولويات تنفيذها ليتماشى الأداء بقوات الدفاع الجوى مع فكر القيادة العامة للقوات المسلحة وطبيعة المتغيرات السياسية والإقليمية، كان من ضمن الإجراءات التى تم اتخاذها اعتبارالعام الحالى هو عام التدريب وإعمال الفكر ورفع الكفاءة الفنية والقتالية للأسلحة والمعدات.

تحتفل قوات الدفاع الجوى فى ٣٠ يونيو  بعيد الدفاع الجوى نرجو منكم إلقاء نبذة تاريخية عن ذلك اليوم؟
فى مثل هذا اليوم تمكنت تجميعات الدفاع الجوى لأول مرة من إسقاط عدد (2) طائرة فانتوم، عدد (2) طائرة سكاى هوك وأسر ثلاثة طيارين وتوالى بعد ذلك سقوط الطائرات حتى وصل إلى عدد (12) طائرة بنهاية الاسبوع وهو ما أطلق عليه أسبوع تساقط الفانتوم. واتخذت قوات الدفاع الجوى يوم الثلاثين من يونيو عام 1970 عيدًا لها، حيث يعتبر ذلك اليوم هو البداية الحقيقية لاسترداد الكرامة ومنع طائرات العدو من الاقتراب من سماء مصرنا الحبيبة.. وتحطيم أسطورة الذراع الطولى لإسرائيل فى حرب أكتوبر 1973.

فى ظل المتغيرات الدولية والإقليمية الحالية.. ما رسائلكم لطمأنة الشعب المصرى؟
أؤكد للشعب المصرى أن قيادتنا السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة تولى قوات الدفاع الجوى كل الدعم لضمان التطوير والتحديث المستمر بكل أسلحة ومعدات الدفاع الجوى لامتلاك القدرة لمجابهة العدائيات الجويةعلى كل الاتجاهات الاستراتيجية وأود أن أطمئن الشعب المصرى.

أن قوات الدفاع الجوى تعمل ليل نهار سلمًا وحربًا مُرابضين فى مواقعهم فى كل ربوع مصر وأن نظل دومًا جنودًا أوفياء.. حافظين العهد.. مضحين بكل غالْ ونفيس.. نحفظ للأمة هيبتها ولسماء مصر قدسيتها.