حكايات

بورسعيد.. هنا عبقرية الزمان والمكان

بورسعيد
بورسعيد

عبقرية المكان، مقولة للدكتور جمال حمدان لكنها تتجلى حقًا على موقع بورسعيد على الخريطة، حيث تحتل آخر نقطة فى شمال شرق إفريقيا ويقابلها مدينة بورفؤاد فى أول نقطة فى الشمال الغربى لقارة آسيا وبينهما قناة السويس الممر الملاحى العالمى، وبقدر روعة هذا المشهد الجغرافى الفريد كانت ومازالت بورسعيد جوهرة مدن البحر المتوسط من حيث الجمال الذى صنعه الإبداع البشرى.

هذا الجمال رصدته الكثير من الأعمال الفنية في الأفلام والمسلسلات، ومدينة بورسعيد نشأت مع افتتاح قناة السويس للملاحة عام ١٨٦٩ لخدمة العاملين فى الشركة التى تدير المرفق الملاحي ومعظمهم كان من الأجانب واستوطنت جاليات أوروبية متعددة، وتم تخطيطها على الطراز المعماري الأوروبي الإيطالي واليوناني والفرنسي والإنجليزي وكان حى الإفرنج الذي سكنه الفرنجة من الأجانب نسخة من المدن الأوروبية ولا يزال الحي يحمل هذا الطابع إلى الآن في مباني العمارات والمصالح أما مدينة بورفؤاد فأقيمت بطابع فرنسي بحت حيث الفيلات السكنية وشوارعها تكسوها الأشجار التي تسكنها الطيور والحدائق.

بعد عدوان ١٩٦٧ ومغادرة الجاليات الأجنبية المدينة حدثت هجمة أزيلت معها العديد من المبانى التراثية ومعالم الجمال في الطرقات والميادين حتى كان قرار اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد التصدى لهذا العدوان على الجمال وبدأ بقانون لمنع هدم ما تبقى من مبان أثرية وتراثية ثم كانت الخطوة التالية تنفيذ أكبر مشروع فى تاريخ المحافظة لاستعادة وجهها الأوروبى وكانت البداية بمنطقة الميناء السياحى على مدخل القناة والتى طالهتا العشوائية في مشهد لا يليق بأول مشهد يقابل السائحين فور نزولهم للمدينة من سفن الركاب وتم تغيير الميدان كليًا وأقيمت ساحة مصر العالمية بتصميم رائع يضم تمثالًا ضخمًا للفلاحة المصرية التى تحتضن قرص الشمس الذى أشرق بنور الحضارة على مصر منذ فجر التاريخ.. كما تم تجميل وتطوير ميدان الشهداء أكبر ميادين المحافظة وأصبح يعرف الآن بميدان الحمام بعد أن تم توطين الحمام فيه وأصبح أشبه بالميادين الأوروبية وأسراب الحمام تطوف وسط وحول الزوار وفى إطار التجميل تم تغيير وجه حدائق المدينة على أعلى مستوى واستعادت حديقة فريال التى شهدت حفل افتتاح قناة السويس وفى نفس المكان أقيم نموذج محاكى للمقصورة الخديوية التى أقامها الخديو إسماعيل للملكة أوجين ملكة فرنسا وضيوف مصر، كما أقيمت المرحلة الأولى من أول ممشى سياحى حول بحيرة المنزلة.

وفى مدينة بورفؤاد تم إعادة تمثال الملك فؤاد إلى قاعدته فى مدخل المدينة وهى المسماة على اسمه وتم الحفاظ على منطقة الفيلات بالكامل وإنشاء منطقة سياحية جديدة وهى منطقة جبال الملح التى تعطى أجواء التزحلق على جبال الثلج.