«خطة طر يق أفريقية» لإصلاح مجلس الأمن

فى الجزائر اجتماع لعدد من كبار المسئولين الأفارقة للبحث فى رؤية أفريقيا لإصلاح مجلس الأمن
فى الجزائر اجتماع لعدد من كبار المسئولين الأفارقة للبحث فى رؤية أفريقيا لإصلاح مجلس الأمن

مع تصاعد الأصوات المطالبة بإصلاح مجلس الأمن الدولى، تقف أفريقيا على خط الجبهة فى هذا النضال من أجل العدالة والمساواة. ومنذ نحو عشرين عاما، تأسست لجنة العشرة الأفريقية، التى تضم نخبة من القادة والخبراء، وأخذت تعمل لصياغة رؤية تليق بوزن القارة السياسى، وتسعى لتحقيق أهدافها ودوافعها من أجل تغيير جوهرى فى بنية السلطة العالمية، وإعادة تشكيل مستقبل مجلس الأمن.

وقد استضافت الجزائر منذ أيام، اجتماعات الدورة الـ 11 للاجتماع الوزارى للجنة العشرة للاتحاد الإفريقى المعنية بإصلاح مجلس الأمن. وأسفر الاجتماع عن وضع خطة عمل لرفع الظلم التاريخى، بشأن عضوية القارة السمراء فى المجلس، وشملت الخطة العديد من التوصيات التى تسعى اللجنة من خلالها لتصحيح أوضاع القارة ومواجهة تهميشها فى مجلس الأمن.

فى البداية توضح د.سالى فريد رئيس قسم السياسة والاقتصاد كلية الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، أنّ لجنة العشرة تم تشكيلها سنة 2005 وتتألف من 10 دول إفريقية، هى الجزائر والكونغو وغينيا الاستوائية وكينيا وليبيا وناميبيا وأوغندا وسيراليون والسنغال وزامبيا، وتسعى لتعزيز ودعم الموقف الأفريقى الموحد فى المفاوضات الحكومية الجارية فى الأمم المتحدة بشأن إصلاح مجلس الأمن.

 وترى أنّ اجتماع اللجنة الذى استضافته الجزائر مؤخرا، انعقد فى مرحلة حرجة تحفها مخاطر جمة، تتجلى آخرها فى مواصلة الاحتلال الصهيونى تحدى قرارات مجلس الأمن، والاستهزاء بالقانون الدولى وقرارات محكمة العدل الدولية، وذلك رغم الاستنكار العالمى والدعوات الدولية العديدة لاتخاذ إجراءات فورية وفعالة بوقف العدوان الوحشى فى غزة.. وتضيف أن الاجتماع حاول الدفع بقضية المجموعة العادلة، وذلك بأن تكون القارة ممثلة دائما فى مجلس الأمن الدولى.

اقرأ أيضا| أبو الغيط: الأوضاع الميدانية والانسانية تتدهور في السوداتن نتيجة استمرار المواجهات

وتتطرق د.سالى إلى الدعم واسع النطاق الذى يحظى به الموقف الأفريقى المشترك بين الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، ومجموعات المصالح المختلفة، وتؤكد أنه يعد اعترافا جديا بشرعية وأهمية مطلب القارة على النحو المنصوص عليه فى توافق إيزولوينى وإعلان سرت، خاصة أن إصلاح مجلس الأمن التابع أصبح ضروريا أكثر من أى وقت مضى. ويجعل لدفع عملية المفاوضات الحكومية الدولية فى هذا الصدد له أهمية قصوى.

وتشير إلى أن التوصيات التى خرج بها الاجتماع الوزارى الأخير، يسعى لتفعيل هذه المساندة لموقف القارة السمراء الموحد والتأكيد على المطالب والحقوق الأفريقية الموحدة لتصحيح ورفع الظلم الذى فرض عليها.

وتؤكد أنه لكى تؤتى هذه المساعى نتائجها، لابد من ضرورة التأسيس لمشروع إصلاح شامل ومتوازن ومتكامل لهذا الجهاز الأممى، يتجاوز نطاق توسيع العضوية. كما أنه يجب على الدول الأفريقية المساهمة فى جهود تعزيز موقف القارة الموحد بخصوص مسألة إصلاح مجلس الأمن، وفق مقاربة شاملة ومتكاملة تكفل تصحيح أخطاء الماضى.

ومن جانبه يرى د.رامى عاشور أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الدول الأفريقية تحاول بذل المزيد من الجهود فى إطار من الأمل، بأن يتم تمثيل القارة فى مجلس الأمن، سواء من خلال إنشاء مقاعد للتمثيل الدائم، أو تعزيز وزيادة فرص التمثيل غير الدائم.. ورغم ضآلة احتمالات السماح بنجاح تلك المساعى من القوى الكبرى، إلا أن ذلك يجب ألا يمنع مساعى إصلاح مجلس الأمن وتعزيز التمثيل الأفريقى به.

ويشير إلى أن الكتلة الأفريقية نمت بشكل كبير، بدءا من ثلاثة أعضاء أفارقة منتخبين فى مجلس الأمن ــ A3 ــ حيث المكانة والقدرة الدبلوماسية. ويرجع ذلك إلى إنشاء الاتحاد الأفريقى فى عام 2002 والشراكة المتنامية بينه وبين الأمم المتحدة... كما أنه رغم أن القضايا الأفريقية لم تكن تقليديًا مثيرة للجدل فى مجلس الأمن، إلا أن التوترات الجيوسياسية المتزايدة بدأت تمتد إلى تلك الملفات، على حساب العمل السياسى الجماعى. 

ويضيف د. رامى: إذا كانت كتلة A3 راغبة فى ضمان أهميتها ونفوذها، فيتعين على أفريقيا أن تضمن إعطاء الأولوية للمواقف الموحدة، إذ تتمتع القارة بأهمية عددية فى مجلس الأمن فضلا عن أن قضاياها محور كثير من النقاشات، ففى عام 2018، كان أكثر من 50% من اجتماعات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، و60% من وثائقه الختامية، و70% من قراراته بموجب الفصل السابع تتعلق بقضايا السلام والأمن الأفريقية. 

تمثل الدول الأفريقية ما يقرب من 28% من إجمالى أعضاء الأمم المتحدة، مما يوفر دعمًا سياسيًا إقليميًا كبيرًا، يمكن أن يساهم فى تتويج مسيرة بدأت قبل سنوات، بأن يصبح للقارة السمراء دور أساسى فى إصلاح مجلس الأمن، وقد يتحقق الحلم بمقاعد دائمة لأفريقيا فى المجلس الدولى.