مؤسس مشروع «ميتالايف»: الذكاء الاصطناعي هو مستقبل البشرية | حوار

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أصبحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حجر الزاوية في بناء المجتمعات المتقدمة في عصرنا الحديث، ومن أهم سمات التطور التكنولوجي هو السرعة والابتكار ولعل الذكاء الاصطناعي هو أحد مظاهر التطور التكنولوجي السريع، في خلال وقت وجيز جدا، ومع انتشار مصطلح الذكاء الاصطناعي في مطلع عام 2022 أصبح محط أنظار العالم، وخلال أقل من عامين أصبح جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث أثر بشكل كبير على جميع جوانب حياتنا، سواء في التعليم والرعاية الصحية إلى الصناعة والترفيه وكافة نواحي الحياة.

وفي السطور التالية يكشف لنا الدكتور هشام خلف الله، مسئول مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي والميتافيرس برابطة الجامعات الإسلامية ومؤسس مشروع ميتالايف ، عن دور الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية ومستقبل هذه التكنولوجيا في مصر، وإلى نص الحوار.

 

** ما هو الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكننا تعريفه بشكل بسيط؟

- الذكاء الاصطناعي هو فرع من علوم الكمبيوتر يهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً الذكاء البشري. يمكن أن تشمل هذه المهام التعلم من التجارب، التعرف على الأنماط، فهم اللغة الطبيعية، واتخاذ القرارات. ببساطة، هو محاولة لجعل الآلات "تفكر" أو تتصرف بذكاء مثل البشر.

** هل يمكن أن تعطينا أمثلة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي نستخدمها في حياتنا اليومية؟

- بالطبع. هناك العديد من التطبيقات التي نستخدمها يوميًا دون أن ندرك أنها تعتمد على الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، الأنظمة الذكية مثل "سيري" و"أليكسا" والتي نستخدمها في ادارة الأجهزة في المنزل او الجوال والتي نتفاعل ونتفاهم معها عن طريق الأوامر الصوتية حيث تستخدم تقنيات معالجة اللغة الطبيعية لفهم الأوامر الصوتية. المقترحات و التوصيات في منصات مثل نتفلكس ويوتيوب و شاهد تعتمد على خوارزميات تعلم الآلة لتقديم توصيات مخصصة للمستخدمين. مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك و أكس (تويتر سابقا ) و تيك توك و غيرها تعتمد بشكل كبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي تستخدم خوارزميات تعلم الآلة لتحليل تفضيلات المستخدمين وتقديم محتوى مخصص لهم. كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي للكشف عن الأنشطة المشبوهة والمحتوى غير المناسب، وتحسين تجربة المستخدم من خلال التوصيات الشخصية والإعلانات المستهدفة. كذلك الطائرات او المسيرات ذاتية القيادة (الدرون) تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد المواتقع و الاهداف واتخاذ القرارات في الوقت الحقيقي.

** هل نحن بالفعل في عصر الثورة الصناعية الخامسة؟ وما هي الثورة الصناعية الأولى والثانية والثالثة

- نحن حاليًا في مرحلة انتقالية نحو ما يمكن تسميته بالثورة الصناعية الخامسة، التي تركز على التكامل بين البشر والآلات لخلق تعاون أكثر فعالية. أما الثورات الصناعية السابقة، فهي كما يلي:

- **الثورة الصناعية الأولى:** بدأت في أواخر القرن الثامن عشر مع اختراع المحرك البخاري، مما أدى إلى تطور صناعات النسيج والمعادن.

- **الثورة الصناعية الثانية:** في أواخر القرن التاسع عشر، مع الكهرباء وخطوط الإنتاج والماكينات والسيارات ، مما أدى إلى تصنيع واسع النطاق.

- **الثورة الصناعية الثالثة:** بدأت في أواخر القرن العشرين مع التكنولوجيا الرقمية وأجهزة الكمبيوتر، مما أدى إلى الأتمتة والاتصالات.

- **الثورة الصناعية الرابعة:** بدأت عام 2010 تعرف بثورة البيانات والذكاء الاصطناعي، حيث يتم دمج التكنولوجيا الرقمية في الأنظمة الفيزيائية.

**- الثورة الصناعية الخامسة:** بدأ ظهور هذا المصطلح مع انتشار الجيل الخامس من تكنولوجيا الاتصالات و شبكة ال 5G حيث ان تطور التكنولوجيا والاتصالات يعد جزءًا من هذه الثورات الصناعية، ولكنه يمكن أن يُنظر إليه أيضًا كثورة تكنولوجية نظراً للتغير الجذري الذي أحدثته في جميع جوانب الحياة.

** هل دراسة وتعلم أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي قاصرة على المهتمين بمجال تكنولوجيا المعلومات فقط؟

- لا، الذكاء الاصطناعي ليس مقتصرًا على المهتمين بمجال تكنولوجيا المعلومات فقط. إنه مجال متعدد التخصصات يمكن أن يستفيد منه الجميع، بغض النظر عن خلفياتهم الأكاديمية. الأطباء، المهندسون، المحامون، وحتى الفنانين يمكنهم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين أعمالهم وزيادة كفاءتهم. من المهم أن نتعلم جميعًا أساسيات الذكاء الاصطناعي لأنه سيؤثر على كل جانب من جوانب حياتنا.

** كيف سيغير الذكاء الاصطناعي مستقبل وظائفنا؟

- الذكاء الاصطناعي سيحدث تغييرًا كبيرًا في سوق العمل. ستختفي بعض الوظائف التقليدية بسبب الأتمتة، لكن في الوقت نفسه ستظهر وظائف جديدة تتطلب مهارات في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. من المهم أن نستعد لهذا التغيير من خلال تعلم المهارات اللازمة ومواكبة التطورات التكنولوجية.

** ما هي أكثر الوظائف المعرضة للخطر بسبب الذكاء الاصطناعي؟

- الوظائف التي تتطلب مهام متكررة وروتينية هي الأكثر عرضة للخطر بسبب الأتمتة والذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، وظائف في خطوط الإنتاج، وخدمات العملاء التقليدية، وبعض الوظائف في قطاع النقل والشحن. ومع ذلك، هذه التغييرات تفتح أيضًا فرصًا جديدة في مجالات مثل تطوير البرمجيات، تحليل البيانات، وأدوار متقدمة في إدارة التكنولوجيا.

** هناك تقارير تقول إن المحامي والصحفي ومذيع النشرات الإخبارية هم أول ضحايا تطور الذكاء الاصطناعي وإن هذه الوظائف مهددة بالاستبدال بالذكاء الاصطناعي. ما هو تعليقك؟

- هذه التقارير تشير إلى الاتجاه نحو الأتمتة في مجالات معينة، ولكن من المهم أن نفهم أن الذكاء الاصطناعي سيكمل هذه الوظائف بدلاً من استبدالها بالكامل. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد المحامين في تحليل القضايا والوثائق بسرعة وتلخيص المذكرات القانونية و ترشيح القوانين المتعلقة بها ، ويمكنه مساعدة الصحفيين في جمع وتحليل البيانات والأخبار والتأكد من صحة المصادر ، يمكن أن يطور من اداء مذيعي الأخبار من خلال توفير معلومات دقيقة في الوقت الفعلي والتفاعل والتعاطي مع الاخبار المباشرة والتواصل مع المراسلين و المحللين. على الرغم من أن بعض المهام قد تصبح مؤتمتة، إلا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يخلق فرصًا جديدة لتحسين الأداء وزيادة الكفاءة.

** هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفهم مشاعر الإنسان؟

- نعم، هناك تطورات كبيرة في هذا المجال، تُعرف باسم الذكاء الاصطناعي العاطفي. يتم تطوير أنظمة قادرة على تحليل تعبيرات الوجه، نبرة الصوت، والإشارات الحيوية لفهم الحالة العاطفية للإنسان وليس هذا فحسب بل تقييم الأصدقاء و شريك الحياة و توقع مستقبل العلاقات رغم ذلك، لا يزال هذا المجال في مراحله الأولى ويتطلب الكثير من الأبحاث لتطويره بشكل كامل.

** هل الذكاء الاصطناعي هو بديل لفكرة الروبوت او الإنسان الآلي؟

- الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً لفكرة الإنسان الآلي، بل هو تكامل له. الذكاء الاصطناعي يوفر "العقل" الذي يمكن للروبوتات استخدامه لأداء المهام بذكاء. الإنسان الآلي هو "الجسم" الذي يقوم بتنفيذ الأوامر. عندما يتم دمج الذكاء الاصطناعي مع الروبوتات، نحصل على أنظمة قوية يمكنها التفاعل مع العالم بطرق مبتكرة وفعالة.

** ما هو الدور المتوقع للروبوت أو الإنسان الآلي في المستقبل؟

- من المتوقع أن يلعب الروبوت أو الإنسان الآلي دورًا أكبر في العديد من الصناعات. في التصنيع، يمكن للروبوتات تحسين الكفاءة والدقة في الإنتاج. في الرعاية الصحية، يمكنها المساعدة في العمليات الجراحية وتقديم الرعاية للمرضى. في حياتنا اليومية، قد نرى روبوتات تقدم خدمات مثل التوصيل والتنظيف. الروبوتات ستساعد في أداء المهام التي قد تكون خطيرة أو مملة للبشر، مما يسمح لنا بالتركيز على المهام الأكثر إبداعية واستراتيجية.

** ما المقصود بمصطلح إنترنت الأشياء؟

- إنترنت الأشياء (IoT) يشير إلى الترابط بين الاجهزة الإلكترونية التي تتواصل مع بعضها البعض عبر الإنترنت. هذه الأجهزة تشمل كل شيء من الأجهزة المنزلية الذكية إلى الأنظمة الصناعية و الجوال و الأجهزة الشخصية الذكية و الكاميرات بشكل عام اي جهاز يمكن أن يتصل بشبكة. الهدف هو جمع البيانات وتبادلها لتحسين الكفاءة وتوفير تجارب أكثر ذكاءً. على سبيل المثال، يمكن للثلاجة الذكية تتبع محتوياتها وتنبيهك عندما تكون بحاجة لشراء المزيد من الحليب ويمكنك التحكم عن بعد في تشغيل وإدارة الأجهزة و مراقبتها وغيرها.

** كيف ترى اهتمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؟

- الرئيس السيسي يولي اهتمامًا كبيرًا بالتكنولوجيا والتعليم التكنولوجي، حيث يعتبرها ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ورؤية الجمهورية الجديدة تعتبر التكنولوجيا الركيزة الأساسية للبناء و التطور و في معظم المناسبات، يتحدث الرئيس عن أهمية الذكاء الاصطناعي ودوره في توفير فرص عمل متميزة برواتب عالية وتحسين الاقتصاد المصري. هذا الاهتمام ينعكس في الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية التكنولوجية والتوسع في التعليم التكنولوجي في مصر على كافة المراحل الدراسية.

** كيف يمكننا كأفراد ومجتمع تطوير مهاراتنا لمواكبة هذا التطور التكنولوجي؟

- التعليم المستمر هو المفتاح. يجب علينا الاستثمار في تعليم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي من المراحل العمرية الأولى في المدارس . كما يجب أن نكون متحمسين لتعلم المهارات الجديدة وتطويرها، مثل البرمجة وتحليل البيانات. دورات التدريب عبر الإنترنت، وورش العمل، والفعاليات التكنولوجية يمكن أن تساعد في بناء المعرفة والمهارات اللازمة.

** ما هي النصيحة التي تقدمها للمجتمع المصري بشأن الذكاء الاصطناعي؟

- أنصح الجميع بالاستفادة من التكنولوجيا بشكل إيجابي ومسؤول. علينا أن نكون فضوليين ونتعلم باستمرار. التكنولوجيا ليست عدوًا، بل هي أداة يمكن أن تساعدنا على تحقيق الكثير إذا استخدمناها بحكمة. من المهم أيضًا تشجيع الابتكار والإبداع بين الشباب، وتوفير الفرص لتعلم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتأمين مستقبل مشرق للمجتمع المصري.

اقرأ أيضا مدير مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي: «الدارك ويب» فخ لارتكاب الجرائم| حوار