«الذكاء الاصطناعي» يقتل أهل غزة| إسرائيل تستغل «لافندر» لتحديد الأهداف البشرية وإبادة الأبرياء

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: دينا توفيق

اعتاد جيش الاحتلال على ارتكاب جرائمه دون مساءلة والإفلات من العقاب.. تزوير التقارير وطمس الحقائق، وحسابات مزيفة وأخبار كاذبة مضللة، كانت محاولاته لإخفاء المجازر والإبادة الجماعية التى يرتكبها جنرالاته بدم بارد مع تأييد ودعم سياسي وعسكري متواصل من الولايات المتحدة.. يحاصر الفلسطينيين وينشر أكاذيبه عن إيصال المساعدات، وفتح المعابر..

تستخدم قوات الاحتلال الذكاء الاصطناعي للمساعدة فى تحديد أهداف القصف فى غزة، حسابات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعى لحث المشرعين الأمريكيين على تمويل الجيش الإسرائيلى ودعم مواصلة الحرب.

◄ استخدام حسابات مزيفة على وسائل التواصل لحث المشرعين الأمريكيين على تمويل الجيش الإسرائيلي

◄ اختبار تقنية «المدفع الذكى» على المدنيين الفلسطينيين

منذ أكتوبر، قُتل أكثر من 36 ألف فلسطينى جراء الصراع الوحشى الذى خلف خسائر بشرية تفوق الحروب الأخرى مجتمعة خلال العامين الماضيين. لقد أدت هذه الخسارة الفادحة فى أرواح الأبرياء من الفلسطينيين إلى تجديد التدقيق فى التقنيات التى تستهدف المدنيين بشكل منهجى وتسهيل ارتكاب هذه الجرائم من خلال توفير أدوات متقدمة لتحليل البيانات والذكاء الاصطناعى.

ومع سعى المحكمة الجنائية الدولية لمواجهة الإبادة الجماعية، لكن أباطرة التكنولوجيا الذين يصممون ويوفرون أدوات الإبادة يبقون من دون محاسبة؛ حيث أمرت وزارة شئون الشتات الإسرائيلية بالعملية، التى استخدمت حسابات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعى لحث المشرعين الأمريكيين على تمويل الجيش الإسرائيلى، وفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

ونظمت إسرائيل حملة نفوذ خلال العام الماضي، استهدفت المشرعين الأمريكيين والشعب الأمريكى برسائل مؤيدة لإسرائيل، حيث كانت تهدف إلى تعزيز الدعم لأعمالها فى الحرب فى غزة، وفقًا لمسئولين شاركوا فى التخطيط للحملة، التى بدأت فى أكتوبر ولا تزال نشطة على منصة إكس. وفى ذروتها، تم استخدام مئات الحسابات المزيفة التى بدت أنها أمريكية حقيقية على إكس وفيسبوك وإنستجرام لنشر تعليقات مؤيدة لإسرائيل.

◄ تمويل جيش الإحتلال الإسرائيلي

وركزت الحسابات على المشرعين الأمريكيين، وخاصة الديمقراطيين، مثل السيناتور «حكيم جيفريز»، زعيم الأقلية فى مجلس النواب من نيويورك، والسيناتور «رافائيل وارنوك» من جورجيا، مع منشورات تحثهم على مواصلة تمويل الجيش الإسرائيلي. وتشير الحملة السرية إلى المدى الذى كان الكيان الصهيونى على استعداد للذهاب إليه للتأثير على الرأى العام الأمريكى بشأن الحرب فى غزة.

ولطالما كانت الولايات المتحدة واحدة من أقوى حلفاء إسرائيل، حيث وقع الرئيس الأمريكى «جو بايدن» على حزمة مساعدات عسكرية عديدة، كان آخرها بقيمة 14.3 مليار دولار، لكن الصراع لم يحظ بتأييد العديد من الأمريكيين، الذين دعوا بايدن إلى سحب دعمه لإسرائيل مع تزايد الوفيات بين المدنيين فى غزة.

فيما تشير تقارير إلى استغلال الكيان الصهيونى الذكاء الاصطناعى لتحديد الأهداف البشرية وقتل المدنيين واستمرار حملة السحق التى يشنها فى غزة وفقًا لمجلة «فورين بوليسى» الأمريكية. وكانت هذه العملية بعيدة كل البعد عن الدقة، وبدلاً من الحد من الضرر الذى يلحق بالمدنيين، فإن استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعى عزز قدرتها على تحديد مواقع وتوسيع الأهداف التى لم يتم التدقيق بها، لإحداث أقصى قدر من الضرر، بحسب ما ذكرته الباحثة بجامعة أكسفورد «بريانا روزين» والتى ركزت على أخلاقيات التكنولوجيا. كما كشف التقرير عن المرحلة المتقدمة من تطوير هذا النظام، المعروف لدى قوات الاحتلال باسم «لافندر»؛ من حيث غرضه الإجرامى، وتحديد المبانى والوحدات العسكرية ذات الصلة المزعومة التى يستخدمها الطرف الآخر. وحتى هذا الشكل من تحديد الهوية لم يفعل الكثير لإبقاء معدل الوفيات معتدلاً، مما أدى إلى توليد ما وصفه ضابط مخابرات سابق بأنه «مصنع اغتيالات جماعية».

◄ ضربات جوية محتملة
ويكشف ستة ضباط استخبارات إسرائيليين، جميعهم خدموا خلال الحرب الحالية فى غزة، كيف لعب نظام لافندر «دورًا مركزيًا فى القصف غير المسبوق على الفلسطينيين، خاصة خلال المراحل الأولى من الحرب»؛ حيث إن تأثير استخدام آلة الذكاء الاصطناعى شمل العنصر البشرى بشكل كبير مع إعطاء نتائج النظام مصداقية إنسانية خيالية. خلال الأسابيع الأولى من الحرب وإلى الآن، اعتمد جيش الدفاع الإسرائيلى على لافندر، حيث تم تحديد ما يصل إلى 37 ألف فلسطينى من عناصر المقاومة حماس والجهاد الإسلامى لضربات جوية محتملة، ويشير هذا الاعتماد إلى تحول عن عقيدة الهدف البشرى السابقة التى استخدمها جيش الاحتلال فيما يتعلق بكبار قادة المقاومة. أدى بدء «عملية السيوف الحديدية» التى تبناها الاحتلال عقب أحداث 7 أكتوبر إلى تبنى سياسة يتم بموجبها تصنيف أعضاء حماس فى جناحها العسكرى كأهداف بشرية. تم استكمال نظام لافندر بتتبع الأفراد المستهدفين إلى مساكن عائلاتهم والتى تم تسويتها بعد ذلك بالأرض. وكانت النتيجة مذبحة جماعية، حيث قُتل الآلاف من الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال ومدنيين عزل بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية. 

ولم يبدأ استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى ضد الفلسطينيين فى 7 أكتوبر 2023، وفقًا موقع «فلسطين كرونيكل»، منظمة غير ربحية والتى تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، ولكن فى مايو 2021، تفاخر جيش الاحتلال بشنه أول حرب بمساعدة الذكاء الاصطناعى فى قطاع غزة. وأسفرت الحرب التى استمرت 11 يومًا عن مقتل نحو 300 فلسطينى، غالبيتهم من المدنيين، وحينها أطلق عليها الإسرائيليون «عملية حارس الجدران». وفى 27 نوفمبر 2020، استخدم الموساد مدفعًا يعمل بالذكاء الاصطناعى لاغتيال أكبر عالم نووى إيرانى «محسن فخرى زاده» فى طهران. وليس هذا فحسب، ففى عام 2022 نشرت قوات الاحتلال فى الضفة الغربية «بنادق ذكية» تعمل بالذكاء الاصطناعى عند حاجز فى مدينة الخليل الفلسطينية، كما نشرت أسلحة مماثلة، جميعها من منتجات شركة «Smart Shooter» الإسرائيلية، مثبتة على الجزء العلوى من سيارات الجيب العسكرية. وقد تم اختبار تقنية «المدفع الذكى» هذه بالذكاء الاصطناعى على المدنيين الفلسطينيين، على الرغم من المخاطر الواضحة للأنظمة.

◄ جوجل وأمازون
وفى عام 2021، تم توقيع عقد بقيمة 1٫2 مليار دولار يقضى بتزويد شركتى جوجل وأمازون للحكومة الإسرائيلية بخدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعى، مما أثار احتجاجات أدت إلى طرد العشرات من موظفى جوجل. وفى هذه المرحلة، استخدم الجيش الإسرائيلى مجموعة واسعة من برامج الذكاء الاصطناعى وأنظمة الأسلحة المصممة للتجسس على الفلسطينيين ومراقبتهم وتعقبهم واستهدافهم وقتلهم. وعلاوة على ذلك، هناك حقيقة أن إسرائيل تستخدم احتلالها ونظام الفصل العنصرى والآن هجومها على غزة من أجل اختبار وتسويق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى هذه. لقد وصل الأمر إلى حد أنه يمكن القول بأن التمييز بين الآلة والإنسان فى الجيش الإسرائيلى أصبح صعبًا.

وفى تصريح من شركة ميتا أن فريقها الأمنى قام بإسقاط شبكة من مئات الحسابات المزيفة على مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» و»إنستجرام» المرتبطة بشركة تكنولوجيا إسرائيلية استخدمت على ما يبدو التعليقات الصادرة عن الذكاء الاصطناعى للإشادة بإسرائيل وانتقاد معاداة السامية فى أحداث الحرم الجامعى، وفقًا لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية. وقال فريق ميتا إن شبكة تضم أكثر من 500 حساب على فيسبوك و32 حسابًا على إنستجرام مرتبطة بشركة إسرائيلية للتسويق الرقمى واستخبارات الأعمال، تركت تعليقات على صفحات المؤسسات الإعلامية وكذلك الشخصيات السياسية والعامة، بما فى ذلك المشرعون الأمريكيون. تم تقديم الحسابات على أنها لمواطنين أمريكيين وكنديين، بما فى ذلك طلاب يهود وأمريكيون من أصل إفريقى، ولكنها فى الواقع مزيفة أو تم اختراقها.

وفى الآونة الأخيرة، أثار ممثل هوليوود «مارك روفالو» مناقشات عبر الإنترنت حول فعالية استخدام الذكاء الاصطناعى فى الحرب عندما أعاد تغريد مقال افتتاحى كتبه «ويليام فيتزجيرالد» لمجلة «تكنولوجى ريفيو» التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وقال فيتزجيرالد إن هذا هو الوقت المناسب لأصحاب الضمير العاملين فى مجال التكنولوجيا للوقوف والتحرك من أجل محاولة منع استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى فى مذبحة غزة.