صباح الفن

«يا رايحين للنبى الغالى»

انتصار دردير
انتصار دردير

ينساب صوتها الساحر فى خشوع وهى تشدو «يا رايحين للنبى الغالى هنيالكم وعقبالي»، ترددها عدة مرات، يزداد صوتها خشوعا وتضرعا فى كل مرة، أملا فى هذه الزيارة الغالية، ثم يعتريها الحلم والتمنى فترسم سيناريو لزيارتها « ياريتنى كنت وياكم وأروح للهادى وأزوره، وأبوس من شوقى شباكه وقلبى يتملى بنوره، وأحج وأطوف سبع مرات، وألبى وأشوف منى وعرفات، وأقول ربى كتبها لى، يا رايحين للنبى الغالي» ثم يعلو صوت الكورال فى جلال ورهبة الله الله ألله الله».

تفيق من حلمها بالزيارة وتتذكر أنها لاتزال بعيدة عنه، فترجو من المسافر للحج قراءة الفاتحة «أمانة الفاتحة يا مسافر لمكة تؤدى فرض الله، هترجع والإله غافر ذنوبك لما نلت رضاه»، وتراودها الأمنيات من جديد «ياريتنى معاك فى بيت الله، وأزور وياك حبيب الله»، هنيالكم وعقبالى يارايحين للنبى الغالي».

هذه الأغنية الرائعة التى تعبر بصدق عن إحساس كل مشتاق لأداء فريضة الحج والتى برع فى التعبير عنها المؤلف أبو السعود الأبياري، يبدو صوت المطربة الكبيرة ليلى مراد فى حالة توحد وتذلل ورجاء وفرحة، مايجعلنى أصدق أنها كانت فى اشتياق كبير لأداء فريضة الحج بعد إشهار إسلامها بمشيخة الأزهر عام 1947 على يد الشيخ إبراهيم أبو العيون، إذ يروي أن ليلى مراد بعد 6 سنوات من اعتناقها الإسلام كانت تتطلع لرحلة الحج خلال تصوير فيلم «ليلى بنت الأكابر» عام 1953 لكن إدارة استديو مصر المنتجة له طلبت إنهاء التصوير قبل سفرها، فإنتابها الضيق والحزن، لذا طلبت من المؤلف أبو السعود الإبيارى تأليف أغنية بالفيلم تعبر عن شوقها للحج، فكانت هذه الأغنية، ورغم براعة اللحن الذى وضعه الموسيقار الكبير رياض السنباطى فإن الاستماع لها بصوت ليلى مراد دون موسيقى متعة أخرى تؤكد براعة الصوت وقوة الإحساس. 

إنها أغنية الحج التي تنساب دموعى رغبة ورهبة حين أسمعها وهي تماثل «رمضان جانا» لعبد المطلب و»يا ليلة العيد» لأم كلثوم، كأغنيات خالدة فى القلب والوجدان.

رحم الله ليلى مراد وغفر لها ولجميع المسلمين فى هذا اليوم العظيم يوم عرفة الذى يجتمع فيه ملايين المسلمين من شتى أنحاء العالم ملبين دعوة الحق لأداء الركن الأعظم من أركان الحج، اللهم يسرها لى ولكل مشتاق العام القادم بإذن الله.