بسبب «أطفال غزة»..

هل يعتبر مجلس الأمن قوات الاحتلال الإسرائيلي مثل داعش والقاعدة؟

المستشار محمد عبد الوهاب خفاجي
المستشار محمد عبد الوهاب خفاجي

أحدثَ تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بإدراج قوات الاحتلال الإسرائيلي - وليس إسرائيل ذاتها كما يشيع البعض خطأ- الجمعة الماضية 7 يونيو 2024، والذى سوف يقدمه لمجلس الأمن غدًا الجمعة، وسيناقشه المجلس يوم 26 يونيو الجاري صخباً حول العالم.

وتجيب الدراسة التى أعدها المفكر والمؤرخ القضائي القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي- نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان «القائمة الدولية السوداء وقوات الاحتلال الإسرائيلي ضد أطفال فلسطين فى النزاع المسلح»، على العديد من التساؤلات أهمها ماهية القائمة السوداء لدى الأمم المتحدة وأساس وجودها؟ وتحديد الأثار المترتبة على إدراج قوات الإحتلال على القائمة السوداء  ذات الطابع الدبلوماسي والاقتصادي، ومدى وقف المساعدات العسكرية، وقوات الاحتلال سحقت حقوق أطفال غزة بالصدمات المميتة جسدياً وعاطفياً ومحقت النصوص الدولية «8 اتفاقيات».

 

اقرأ أيضا | إسرائيل جعلت نفسها وصية على أملاك الفلسطينيين..  واحترفت غسيل أموال المهجرين

 


القائمة السوداء لدى الأمم المتحدة

 

يقول الدكتور المستشار محمد خفاجي، القائمة السوداء للأمم المتحدة، هى القائمة التى ترتكب فيها بعض الدول أوالتنظيمات أوالكيانات الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات والصراعات المسلحة، ومؤدي ذلك أن القائمة السوداء السنوية تنحصر في المجرمين الذين يجمعهم الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره السنوي.

 


الجوع المميت للأطفال والعنف الجنسي

 

هذا وتشمل هذه الانتهاكات حسبما أوضحها المستشار خفاجي، كافة أنواع القتل والتشويه وحتى الجوع المميت للأطفال، وتجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود قبل الأوان، والعنف الجنسي ضد الأطفال، واختطافهم، والهجمات على المدارس والمستشفيات التى تكتظ بالأطفال، وكذلك الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال في وقت النزاعات المسلحة.

النزاعات المسلحة.. وحماية حقوق الأطفال 

 

ويضيف، أساس وجود قائمة سوداء من الأمم المتحدة للدول أوالتنظيمات أوالكيانات التى ترتكب الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة هى الجهود الدولية لحماية حقوق الأطفال وسط الصراعات المسلحة، وتحديداً في عام 1999، حيث اعتمد مجلس الأمن القرار رقم 1261 لسنة 1999، وكانت المرة الأولى التي يتم فيها الاعتراف بحقوق الأطفال في النزاعات المسلحة كقضية جوهرية للسلام والأمن الدوليين.


مقتل 16000 طفل فلسطيني 

 

الأمين العام للأمم المتحدة سيعرض تقريره على مجلس الأمن غداً الجمعة، وسوف يناقشه في يوم 26 يونيو الجاري، بعد أن قام الاحتلال الإسرائيلي بقتل أكثر من 16000 ألف طفل فلسطيني. 


إدراج قوات الإحتلال الإسرائيلي إلى «التنظيمات الإرهابية»

 

يذكر أنه بتاريخ 7 يونيو 2024، أخطر أنطونيو غوتيريش- الأمين العام للأمم المتحدة جلعاد إردان- سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة بأنه سوف يتم ذكر أن قوات الأمن الإسرائيلية، وذلك في تقريرها السنوي الذي يحدد الدول أو الجماعات التي تلحق الأذى والضرر بالأطفال في النزاعات المسلحة، وفي قطاع غزة  قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلى  أكثر من 16000 ألف طفل فلسطيني، وهذا من شأنه أن يدرج قوات الاحتلال الإسرائيلي على القائمة السوداء سيئة السمعة، والتي تشمل تنظيمات إرهابية متطرفة، مثل تنظيمات داعش والقاعدة وبوكو حرام، وبلدان أخرى تنتهك حقوق الأطفال فى النزاعات المسلحة، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار والصومال والسودان.

تراكم الأدلة ضد قوات الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية

ويشير القاضي محمد خفاجي، إلى أن إدراج الجيش الإسرائيلي وليس إسرائيل ذاتها كما يشيع البعض خطأ ضمن القائمة السوداء سيئة السمعة لدى الأمم المتحدة قد يكون له تأثيرات محدودة على المدى الزمني القصير، ولكن على المدى الطويل يمكن أن يؤدى هذا الإدراج إلى تراكم الأدلة المقدمة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية فضلاً عن الأضرار التى تلحق بالاقتصاد الإسرائيلي.

ويوضح: " سيُقدَم التقرير إلى أعضاء مجلس الأمن غداً الجمعة 14 يونيو الجاري، وهو التاريخ الذي حدده المجلس، وسيُنشر رسمياً في 18 يونيو خلال مؤتمر صحفي تعقده الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بتلك القضية فيرجينيا غامبا، وسيتم مناقشته في جلسة مداولات مفتوحة بالمجلس في 26 يونيو".

أمريكا.. وحق النقض «الفيتو»

 

ويمكن للمجلس بعد ذلك أن يقرر ما إذا كان سيتخذ إجراءً أم لا، أخذاً في الاعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية هي واحدة من الدول الخمس الدائمة العضوية التي تتمتع بحق النقض «الفيتو»، في مجلس الأمن، مما قد يعرقل الاعتراف بسوء سمعة الكيان المحتل، ويحول دون وضعه على القائمة السوداء.


آثار إدراج قوات الاحتلال على القائمة السوداء

 

يؤكد المستشار محمد خفاجي، أن التقرير السنوي الذي يوثق انتهاكات حقوق الإنسان للأطفال أثناء النزاعات المسلحة، سيتم تقديمه إلى مجلس الأمن غداً الجمعة 14 يونيو الجاري، ويسلط التقرير الضوء على الأثر المدمر الذي يخلفه النزاع على الصحة العقلية والجسدية للأطفال الفلسطينيين، الذين عاشوا في ظروف تستحيل معها الحياة، وتنعدم فيها  الأمن وقتلهم وتشويههم، فضلاً عن تجويعهم ومنع المساعدات الإنسانية من الوصل إليهم كجريمة حرب.


فرض إجراءات عقابية ذات طابع اقتصادي ودبلوماسي

 

ويشير المفكر المصري، إلى أنه وعلى الرغم من أن القائمة السوداء ذاتها لا تفرض عقوبات مادية ملموسة في الحال، إلا أنها قد تؤدي إلى أن تكون سبباً لدعوات تنادي بفرض إجراءات عقابية أخرى ذات طابع اقتصادي أو دبلوماسى من الهيئات الدولية أو الدول فرادى، وهو ما يؤثر سلباً على المساعدات والدعم الدوليين لإسرائيل، حيث من المتوقع أن تفرض الدول شروطًا لضمان حماية أفضل للأطفال، والالتزام بالمعايير الإنسانية التى فقدتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال أكثر من ثمانية أشهر.


انتهاكات حقوق الإنسان داخل الأراضي المحتلة

 

ويؤكد المستشار محمد خفاجي، أن إدراج الأمم المتحدة قوات الاحتلال الإسرائيلي على القائمة السوداء يترتب عليه العديد من العواقب الدبلوماسية والمضرة بالسمعة، فله أثار دبلوماسية سلبية على علاقات إسرائيل الدولية بما يرتبه من  إزدياد جهود المراقبة والتحقيقات الدولية في انتهاكات حقوق الإنسان داخل الأراضي المحتلة، ومن الأثار المترتبة أيضاً الضغط الدبلوماسي والاقتصادي الذى قد يسفر عن الإدانة الدولية أو العقوبات الاقتصادية أو فرض قيود على العلاقات الدبلوماسية، وكذلك وقف المساعدات العسكرية للمجرمين لضمان عدم استخدام الأسلحة ضد الأطفال فى النزاعات المسلحة.


قوات الاحتلال سحقت حقوق أطفال غزة بالصدمات المميتة

 

 يقول الدكتور محمد خفاجي، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت العديد من الانتهاكات الجسيمة الممنهجة لحقوق الأطفال في الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة في قطاع غزة، حتى ساد العنف والدمار والمجاعة والحرمان الذي يعاني منه الأطفال الذين يتعرضون للصدمات الجسدية والعاطفية، على الرغم من وجوب أن يتمتع الأطفال بحماية خاصة في القانون الدولي.


أطفال غزة هدفاً للإبادة

 

ويوضح جملة النصوص الدولية التى خرقتها قوات الاحتلال فيقول: إن قوات الاحتلال الإسرائيلى سحقت حقوق أطفال غزة بالصدمات المميتة جسدياً وعاطفياً ومحقت النصوص الدولية «8 اتفاقيات».

1- جعلها أطفال غزة هدفاً للإبادة، وانتهكت نصوص اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وقواعدها الآمرة، والبروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة الملحق باتفاقية حقوق الطفل، وفقاً لالتزاماتها التي يوجبها القانون الدولي الإنساني بحماية السكان المدنيين في النزاعات المسلحة, إذ لم تتخذ جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح.

2- اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين أثناء الحرب وبروتوكولاتها الإضافية، التي تنص على رعاية وحماية الأطفال بما في ذلك حقوقهم في بيئتهم الثقافية وتعليمهم وممارسة شعائرهم الدينية «اتفاقيّة جنيف 4 المادتان 24 و 50» .

3- يجب أن يكون الأطفال موضع احترام خاص ويجب حمايتهم من أي شكل من أشكال الاعتداء غير اللائق، ويجب على أطراف النزاع أن توفر لهم الرعاية والمساعدة التي يحتاجون إليها، سواء بسبب سنهم أو لأي سبب آخر «البروتوكول 1 المادة 1/77».
 
4- وتندرج النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة ضمن فئة الجرحى، وبالتالي يستفيدون من نفس الحماية المقدمة للجرحى والمرضى بموجب القانون الإنساني.. «البروتوكول 1 المادة 8».

5- وفي توزيع إمدادات الإغاثة، يجب إعطاء الأولوية للأشخاص الذين يجب منحهم معاملة مميزة أو حماية خاصة، مثل الأطفال، والحوامل، وحالات الأمومة، والأمهات المرضعات  على نحو ما ورد باتفاقيّة جنيف 4 المواد 5/38  ، 50؛ البروتوكول 1 المادة 1/70.

6- في المناطق المحاصرة أو الأراضي المحتلة، يجب على الدول الأطراف في الاتفاقيات أن تسمح بالمرور الحر لجميع إمدادات المواد الغذائية الأساسية والملابس والمقويات المخصصة للأطفال دون سن الخامسة عشرة والأمهات الحوامل والمرضعات - اتفاقيّة جنيف 4 المادة 23 

7- ارتكبت قوات الاحتلال القتل والتشويه، والهجمات على المدارس والمستشفيات، والحرمان من وصول المساعدات الإنسانية، ومنعت دخول الغذاء والدواء إلى غزة ودمرت المستشفيات وعطلت إمدادات المياه والكهرباء، مما تسبب في الوفاة بسبب الجوع والمرض.

8- انتهكت قوات الاحتلال تدمير المدارس وسحق الحقوق المرتبطة بسن الطفولة التي تمنحها اتفاقية حقوق الطفل: كالحق في الاسترخاء واللعب بالمادة 31؛ الحق في حرية التعبير بالمادة 13؛ الحق في الأمان من العنف بالمادة 19 والحق في التعليم بالمادة 28.