عاجل جدا

مطلوب اجتهادات واضحة

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

الفقهاء اختلفوا فى وجوب الحج إذا زادت كلفته على أجرة المثل، أو ثمن المثل، والمقصود بالمثل هو التكلفة المعتادة

الخروف بعشرة آلاف جنيه، الحج الاقتصادى المتواضع ربع مليون، والحج السياحى الفاخر نصف مليون جنيه، حتى حج القرعة وصل ١٥٠ الف جنيه..
وأمام المغالاة الكبيرة، بدأ البحث عن طرق بديلة، تضمن للمسلم أداء الشعيرة وتخفف عنه إرهاقها المادى، حتى وإن كانت غير آمنة أو ربما غير قانونية، فظهرت فكرة التضحية فى إفريقيا، وانتشرت ظاهرة الجمعيات التى تدعو لذبح أضاحى العيد فى دول إفريقية، وزاد هذا العام الإقبال عليها، رغم تحذيرات دار الافتاء من هذه الجمعيات المجهولة، وغياب الرقابة عليها، وعدم ضمان التزامها بالمعايير الشرعية التى يجب توافرها فى الأضحية وعملية الذبح أو التوزيع غير العادل، وأنها قبل كل هذا قد تكون فرصة للنصب على من يريدون اداء شعيرة التضحية.

أما الحج فأمام الارتفاع الكبير فى أسعاره انتشرت ظاهرة الحج بدون تصريح، أو تزوير التأشيرة وأداء الحج بتأشيرات مزورة، وهى مخالفات قانونية تستوجب العقوبة، وفى نفس الوقت يعد صاحبها آثما دينيا كما قالت دار الافتاء.

اعتقد اننا أحوج ما نكون لاجتهادات دينية تواكب ما يحدث، لا نريد نصائح تحذر التجار من الجشع ورفع الأسعار، فنحن جميعا نعلم أن الجشع واستغلال الناس ورفع الأسعار حرام، ولكن نريد اجتهادات واعية وخطابا واضحا من رجال الأزهر، يوضح للمسلم ماذا يفعل حينما تستمر المغالاة فى الأسعار التى ترتبط بالشعائر، ومن هو القادر الملزم باداء هذه الشعائر، وهل لو كان الفرد يملك هذه التكلفة، أو ما يزيد عنها، لكنها بالفعل تكلفة مجحفة، ترهقه، فهل يعد قادرا ملزما بها أم لا .

فمن واقع ديننا الحنيف أن الفقهاء اختلفوا فى وجوب الحج إذا زادت كلفته على أجرة المثل، أو ثمن المثل، والمقصود بالمثل هو التكلفة المعتادة،
فعند بعض الفقهاء، إذا كانت تكلفة الحج تزيد على التكلفة المعتادة، أو ما يسميه الفقهاء بثمن المثل، لم يجب الحج، ولا يعتبر المرء مستطيعا حينئذ.
قال الإمام النووى فى المجموع: فَإِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةٌ تَقْصُرُ فِيهَا الصَّلَاةُ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ إلَّا إذَا وَجَدَ رَاحِلَةً تَصْلُحُ لِمِثْلِهِ، بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا، أَوْ وَجَدَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، أَوْعَجَزَ عَنْ ثَمَنِهَا، أَوْ أُجْرَتِهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ.

ومثله قول ابن قدامة فى اشتراط الزاد للحاج، كى يكون مستطيعا: فَإِنْ كَانَ يَمْلِكُهُ، أَوْ وَجَدَهُ يُبَاعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فِى الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ، أَوْ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ، لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَتْ تُجْحِفُ بِمَالِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ،. بينما يرى فقهاء المالكية أنه ما دام قادرا على التكلفة الزائدة على أجرة المثل، فإنه يلزمه الحج. و زيادة التكلفة والمشقة تزيد فى الأجر ومن وسع الله تعالى له فى المال، وبسط له منه، فلا شك أن ذهابه للحج أولى، ما دام قادرا ميسورا، فقد أبرأ ذمته بيقين، وله على ذلك الأجر الجزيل.. 

وفى الأضحية نصح أمين الفتوى بدار الإفتاء، من لا يستطيع تحمل تكلفة الأضحية بتوزيع لحوم الصدقة بدلاً منها. مؤكدا أن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وأن الحج والأضحية ليسا فرضاً على من لا يملك القدرة المادية على أدائهما، مشددًا على أهمية عدم التكلف فى الأمور الدينية، والالتزام بالقدرة والاستطاعة فى كل شيء. نريد تدخل رجال الدين باراء مدروسة من واقع ديننا الحنيف ومن واقع ظروف مماثلة ربما حدثت فى عهد النبى والصحابة .