من وراء النافذة

ثقوب فى قرار مجلس الأمن

هالة العيسوى
هالة العيسوى

الصياغة المطاطة للاقتراح الأمريكى تبين أن البيت الأبيض يقف تمامًا من أجل إسرائيل

لا يحتاج الأمر لكثير من الفراسة لإدراك أن المقترح الأمريكى الذى تبناه مجلس الأمن بشأن صفقة الإفراج عن الرهائن ووقف الحرب فى غزة هو صناعة أمريكية -  إسرائيلية مشتركة، تمت صياغته بالتنسيق بين واشنطن وتل أبيب على نحو يوحى بأنه عرض أمريكى متوازن وكأن البيت الأبيض يقف على مسافة واحدة بين الطرفين المتحاربين. إذ ينطوى القرار الذى تبناه مجلس الأمن على تعريض الطرف الذى يرفض القرار أو ينتهك أحد بنوده  لخطر الخضوع للعقوبات الدولية. كان الهدف الرئيسى وراء هذا هو تشديد الضغط على الأطراف للامتثال للقرار. أما فى الوقت الحالى، لا يبدو أن إسرائيل تواجه مثل هذا الخطر، على الأقل ليس على الفور، إلا إذا التزمت بالقرار الذى يتضمن نهاية الحرب والوقف الدائم للقتال مقابل إطلاق سراح الرهائن. لكن الصياغة المطاطة للاقتراح الأمريكى الذى تحول إلى قرار أممى، تبين أن البيت الأبيض يقف تمامًا من أجل إسرائيل ولصالحها، برغم الاستياء المعلن والتوتر فى العلاقة مع نتانياهو. 


حسب القرار، سيتوقف إطلاق النار فى المرحلة الأولى لمدة ستة أسابيع وسيتم إطلاق سراح المختطفين من مجموعة النساء والمسنين والجرحى مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين. بالإضافة إلى ذلك، ستعمل إسرائيل على سحب قوات الجيش الإسرائيلى من المناطق المأهولة بالسكان فى القطاع، وستسمح لسكان القطاع بالعودة إلى منازلهم - فى شمال القطاع أيضًا - وستزيد المساعدات الإنسانية - وستشمل 600 من الشاحنات التى تدخل القطاع كل يوم. وخلال الأسابيع الستة لوقف إطلاق النار، ستجرى إسرائيل وحماس مفاوضات بشأن استمرار وقف إطلاق النار والانتقال إلى المرحلة الثانية. وينص الاقتراح على أنه إذا استمرت المفاوضات أكثر من ستة أسابيع، فإن وقف إطلاق النار سيستمر، كما هو الحال وما دامت المفاوضات مستمرة. 


الملاحظ أن صياغة القرار خلت من أى ضمانات للوقف الكامل للحرب، أو الانسحاب من القطاع، وهو ما يترك ثغرة يمكن أن تتلاعب بها إسرائيل.


لقد كان لافتًا التزام الدولة العبرية الصمت، إزاء بند وقف القتال طالما دارت المفاوضات، وإحجام المعلقين بل ونتانياهو نفسه عن التعقيب عليه علنًا، وهو المعروف بالثرثرة وكثرة التصريحات الرافضة لربط وقف الحرب بإنهاء صفقة الرهائن. لكنه فى الغرف المغلقة وأمام لجنة الخارجية والدفاع بالكنيست ردًا على السؤال ماذا سيحدث بعد 42 يومًا من المرحلة الأولى، إذا انتقلنا إلى المفاوضات للمرحلة الثانية؟ فهل نعود إلى القتال أم نواصل وقف إطلاق النار إذا ما استمرت المفاوضات؟ أجاب نتانياهو: أنه بحسب الاقتراح، إذا ما استمرت المحادثات، فإن إسرائيل لن تعود للقتال ولكن، يمكننا اتخاذ قرار بالعودة إلى القتال»!.
 هذا هو المسكوت عنه فى الموقف الإسرائيلى، ويشى بأن تل أبيب لديها تفسيرها الخاص للقرار الذى يختلف عن المفهوم الواضح للأطراف الأخرى، فهى ترى، وباتفاق ضمنى مع البيت الأبيض، أن لديها الحق فى تحقيق الانتصار التام بالقضاء على حكم حماس تمامًا بصرف النظر عن نتائج الإفراج عن الرهائن مع أنه ذو أولوية قصوى. بالتالى فلا وقف للحرب إلا بعد القضاء على حماس. 


فى تفاصيل المرحلة الأولى من الاتفاق جاء النص على عودة المدنيين الفلسطينيين إلى منازلهم وأحيائهم فى جميع مناطق غزة بما فى ذلك الشمال. والسؤال هو أين هى منازل الفلسطينيين التى سيعودون إليها قبل إعادة الإعمار التى تأتى فى المرحلة الأخيرة، فى حين أن أحياء كاملة تمت إبادتها بالكامل وشمل الدمار كل متر من أرض غزة؟ وما هى التعويضات التى يمكن أن تعالج هذا الوضع المزرى لأهالى القطاع؟.