زاد 29.5 مليار دولار ..

هكذا تحول الاحتياطي النقدي الأجنبي من «متآكل» إلى مرتفع في 10 سنوات | تحليل 

الذهب والدولار - أرشيفية
الذهب والدولار - أرشيفية

شهدت السنوات العشر الماضية، العديد من الإنجازات في جميع القطاعات، وذلك منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئاسة الجمهورية، وحظي القطاع الاقتصادي للدولة المصرية، باهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان في مقدمة أولوياته وهو يبني الجمهورية الجديدة.

ارتفاع تاريخي.. احتياطي مصر من النقد الأجنبي يسجل 46.1 مليار دولار

وكانت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، واضحة ومحددة للمسئولين، وهي بناء اقتصاد قوي يستطيع مواجهة التحديات وأية ظروف استثنائية قد تمر بمصر، حيث سعى الرئيس السيسي، لإعادة هيكلة وبناء الاقتصاد المصري المتهالك، بعد مرور ثورتي يناير 2011، ويونيو 2013، والتي خرجت منها مصر منهكة اقنصادية واجتماعيا.

الدولار

رؤية اقتصادية استباقية

وبالفعل كان للرئيس عبد الفتاح السيسي، رؤية استباقية للأحداث فقد شهد العالم خلال الـ10 سنوات الماضية عدد كبير من الأحداث التي عصفت بأقوى اقتصاديات حول العالم، لعل أبرزها فيروس كورونا كوفيد -19 في عام 2020، والذي بسببه أغلق العالم أبوابه، ثم بعد أقل من عامين حرب روسيا على أوكرانيا في فبراير 2022، تلتها أحداث السودان، ثم بعد عام ونصف وتحديدا في أكتوبر 2023 حرب إسرائيل على غزة والأحداث المتصاعدة في البحر الأحمر.

واهتم الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالملف الاقتصادي للدولة المصرية لتحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمواطنين،  فمنذ توليه رئاسة مصر في يونيو 2014، سعى لتدعيم الاحتياطي النقدي لمصر، الذي ظل يتآكل منذ ثورة 2011 وحتى نهاية عام 2013، وذلك قبل أن يستعيد عافيته من جديد ويقفز بقيمة بلغت 29.413 مليار دولار خلال 10 سنوات.

بناء احتياطي النقد الأجنبي لمصر

الرئيس عبد الفتاح السيسي

ووجه الرئيس السيسي، البنك المركزي المصري، بوضع خطة مدروسة وقابلة للتنفيذ ببناء احتياطي نقدي من العملات الأجنبية قوي يستطيع مواجهة التحديات، ونتيجة للسياسات النقدية التي بنفذها البنك المركزي حافظ على الاحتياطي النقدي بخزائنه.

5.1 مليار دولار زيادة في احتياطي مصر من النقد الأجنبي خلال شهر واحد فقط

ورغم كل الصعوبات والأزمات التي مرت على الدولة المصرية طوال العشر سنوات الماضية، بالإضافة لسداده الالتزامات الدولية بالنقد الأجنبي، إلا أنه استطاع زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر، ووصوله لمستويات تاريخية لم يسجلها من قبل ليقفز الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر خلال السنوات العشر الماضية، لتتجاوز قيمته بنهاية مايو 2024، 46.1 مليار دولار.

وتتنوع مكونات الاحتياطيات الدولية للاقتصاد المصري، بين أرصدة الاحتياطي من الذهب والذي يمثل 22.8% من أرصدة الاحتياطيات الدولية والتي شهدت ارتفاع خلال الفترة الماضية لتصل إلى 9.38 مليار دولار امريكي والتي ساهمت في الحفاظ على استقرار موقف الاحتياطيات خلال العام 2023، وأرصدة العملات الأجنبية تتمثل في 76.4% بنهاية أبريل الماضي.

لماذا ارتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي 10.9 مليار دولار؟ خبير يوضح| خاص

تلقي لقاح كوفيد 19

ولولا وجود هذا الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر، لما استطعنا مواجهة تحديات فيروس كوفيد -19 في عام 2020، ثم بعد أقل من عامين حرب روسيا على أوكرانيا في فبراير 2022، تلتها أحداث السودان، ثم بعد عام ونصف وتحديداً في أكتوبر 2023 حرب إسرائيل على غزة والأحداث المتصاعدة في البحر الأحمر.

ويؤدي وجود احتياطى نقدي أجنبي قوي لدى البنك المركزي المصري، لتوفير السيولة اللازمة لتمويل المشروعات الكبرى للدولة، وللقطاع الصناعي والزراعي والخدمي، بما يؤدي إلى دعم الإنتاج المحلي بكل مجالاته وهو أكبر ضمان لخلق فرص عمل للمصريين.

تطور الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية منذ عام 2014 وحتى نهاية مايو 2024

لم تكن الفترة التي أعقبت التخلص من حكم جماعة الإخوان الإرهابية، سهلة، فإدارة ملف السياسة النقدية لمصر، أمر ليس سهلاً خاصة في ظل الظروف التي تمر بها مصر، وعلى الرغم من كل الأحداث والصدمات الاقتصادية التي ضربت العالم وتأثرت بها مصر، خاصة الأحداث الجيوسياسية والجيواقتصادية، ارتفعت قيمة الاحتياطيات النقدية من العملات الأجنبية الموجودة بخزائن البنك المركزي بقيمة بلغت نحو 29.5 مليار دولار خلال 10 سنوات، ليسجل 46.1 مليار دولار بنهاية شهر مايو 2024، بالمقارنة بنحو 16.6 مليار دولار بنهاية يونيو 2014.

عملات أجنبية

البنك المركزي: ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي يؤكد نجاح الإصلاح الاقتصادي| انفوجراف

ولم تأتِ هذه النتائج الإيجابية من فراغ، وإنما نتيجة إدراك القيادة السياسية بضرورة اتخاذ القرار الأصعب، وهو الإصلاح الاقتصادي، وما يترتب عليه من إجراءات وقرارات مرة ولكنها تصحح الأوضاع القائمة، خاصة بعد انهيار الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وتراجعه من 36.1 مليار دولار في ديسمبر 2010 إلي 15.5 مليار دولار في يونيو 2015.

بداية الإصلاح الاقتصادي

وكانت بداية الإصلاح الحقيقية، قيام البنك المركزي في 14 مارس 2016، بتحريك سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية بقيمة 112 قرشًا، وصاحبه رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض؛ للحد من آثار تخفيض قيمة الجنيه التضخمية، ولكن ذلك لم يكن كافيا، وواصل الدولار رحلة صعوده أمام الجنيه حتى بلغ ذروته في سبتمبر 2016 ووصل سعره في السوق الموازية 20 جنيهًا في الوقت الذي كان يباع في البنوك بـ 8.85 جنيه فكان لابد من الإصلاح.

صندوق النقد

برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الأول

جاء قرار البنك المركزي المصري، بعد موافقة القيادة السياسية، بتحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية في 3 نوفمبر 2016، بمثابة طوق نجاة للعملة المحلية المصرية والحفاظ على الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، بل وزيادته، وساهم هذا القرار وقتها في القضاء على السوق السوداء للدولار وتقليص الضغط على العملة الأجنبية، وتزامن معه بدء تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي ساهم في تخفيض وارداتنا من الخارج بقيمة تجاوزت الـ 120 مليار دولار، بالإضافة إلى زيادة تدفقات النقد الأجنبي والتي تجاوزت الـ 200 مليار دولار.

ولكن مع اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير 2022، وخروج أكثر من 22 مليار دولار من الأموال الساخنة من مصر، بعدما رفع الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة على الدولار لترتفع من 0% إلي 5.50% اتجهت الأموال الساخنة والمستثمرون الأجانب للاستثمار في الدولار والذهب، مما شكل ضغطا على العملة المحلية الجنيه المصري، فكان لابد من اتخاذ قرارات جريئة لمواجهة هذه التداعيات.

برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الثاني

الدولار والجنيه

ومع خروج نحو 22 مليار دولار دفعة واحدة من الأموال الساخنة من مصر متجهة لأسواق أخرى، أدى ذلك لوجود مشاكل في عدم توفر العملة الصعبة للمستوردين والتجار، الأمر الذي أدى لعودة السوق السوداء للدولار وللعملات الأجنبية من جديد، وحدوث فجوة كبيرة بين سعر الصرف الرسمي في البنوك وشركات الصرافة وبين سعر السوق السوداء وصلت لأكثر من 40 جنيها فرق مقابل كل دولار، بل ووصل الأمر أن سعر الدولار في السوق الموازية أصبح يسعر بالسلعة مثل وجود سعر لدولار  الذهب، وسعر لدولار السيارات وسعر للأجهزة الكهربائية.

11.4 مليار دولار زيادة في احتياطي مصر من النقد الأجنبي خلال عام| تقرير خاص

ومع تفاقم هذه الأزمة اتجهت الدولة المصرية لتنفيذ عدد من الإجراءات بهدف السيطرة على سوق الصرف ولكنها كانت بمثابة مسكنات وليست الحل، لذلك اتجهت الحكومة المصرية خلال الشهور الأخيرة من عام 2022 لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي يتضمن إصلاحات هيكلية للاقتصاد المصري، واتباع سعر صرف مرن يحكمه العرض والطلب، بجانب تشديد السياسة النقدية، وتشجيع القطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال، وزيادة برامج الحماية الاجتماعية، وخفض الدين المحلي، وتسريع برنامج الطروحات الحكومية.

بداية الانفراجة ونقطة التحول

وظلت المفاوضات مستمرة بين الحكومة المصرية، وصندوق النقد الدولي، إلي أن تم التوصل مع الصندوق لمنح مصر قرض قيمته 3 مليارات دولار يسدد على 46 شهرا استقبلت منها مصر 347 مليون دولار في ديسمبر 2022، ثم تعثرت المفاوضات لمدة شهور إلي أن تم التوصل لزيادة قيمة القرض إلي 8 مليارات دولار بعد انتهاء المراجعة الثانية لقرض مصر.

يصرف 820 مليون دولار.. صندوق النقد الدولي ينتهي من المراجعة الثالثة لبرنامج مصر

وتم الإعلان عن ذلك تم بالتوازي مع إعلان البنك المركزي المصري، تحرير سعر الصرف ورفع سعر الفائدة بنسبة 6% مرة واحدة في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية، لتصرف مصر الدفعة الثانية من القرض بقيمة 820 مليون دولار، ومع تنفيذ هذه الاجراءات، بالإضافة لتنفيذ صفقة رأس الحكمة، وهى أكبر صفقة تم تنفيذها باستثمارات أجنبية مباشرة تتجاوز الـ35 مليار دولار لحدوث انتعاشة في الأسواق المحلية، ومع توافر السيولة من العملات الأجنبية سواء الدولار أو غيره من العملات الأجنبية في القنوات الرسمية من خلال البنوك أو شركات الصرافة، تم القضاء بشكل كبير على السوق السوداء للعملة، خاصة بعدما أصبح سعر السوق الرسمي نفس السعر في السوق السوداء.

الجنيه والدولار

ومنذ يومان أعلن الصندوق عن انتهاء المراجعة الثالثة لبرنامج مصر، والذي بموجبه سيتم صرف الدفعة الثالثة من القرض والتي تبلغ قيمتها 820 مليون دولار خلال أيام، مما يدعم الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر. 

دلالات ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر

ويعد ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لمصر، إشارة واضحة على نجاح إجراءات الإصلاح النقدي والاقتصادي التي تم تبنيها مؤخرا وبداية تحقق الثمار المرجوة منها.

ووصل صافي الاحتياطيات الدولية بنهاية مايو 2024 إلى أعلى مستوى غير مسبوق تاريخيا، مسجلا نحو 46.125 مليار دولار أمريكي. 

ويكفي الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر، لتغطية حوالي 8 شهر من الواردات السلعية بما يؤمن احتياجات البلاد لفترة تتجاوز بشكل كبير المستويات المتعارف عليها دوليا كمستويات آمنة.

مدبولي: الحكومة تعمل حاليًا على إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي

ويمثل احتياطي النقد الأجنبي، أحد أهم عوامل التأمين ضد الصدمات الخارجية مما يعزز من الثقة في الاقتصاد المصري، كما أنه واحدا من أهم المؤشرات التي تأخذها وكالات التصنيف الائتماني في اعتبارها عند تقييم مخاطر الدول.