لبنان.. فى عين العاصفة

نتنياهو أثناء تفقده للقوات الإسرائيلية على الحدود مع لبنان
نتنياهو أثناء تفقده للقوات الإسرائيلية على الحدود مع لبنان

حالة من التصعيد غير المسبوق بين حزب الله والجيش الإسرائيلى وسط مخاوف تخطيط تل أبيب من إشعال الموقف والدخول فى مواجهة مع الحزب على الرغم أنها أصلا لم تحقق إنجازا مهما من عملياتها فى قطاع غزة والتى تدخل شهرها الثامن ولم تحقق أيا من أهدافها الرئيسية الثلاثة الإفراج عن الأسرى والقضاء على قدرات حماس العسكرية أو إنهاء أى خطر على أمن إسرائيل من القطاع مما يثير تساؤلات عديدة عن شكل هذا التصعيد وأسبابه وعن إمكانية تطور الأوضاع إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين.
 
وتتعدد مظاهر التصعيد ونتوقف عند بعضها ومنها الآتى:
الزيادة المطردة فى عمليات المواجهة ووفقا لإحصائيات موثقة فقد شهد شهر مايو الماضى فقط تعرض إسرائيل لاستهداف من ١٠٠٠ صاروخ مقارنة ب ٧٤٤ فى ابريل و٣٣٤ فى مارس وبلغت عدد الهجمات بالطائرات المسيرة ٩٠ عملية كما قام حزب الله باستخدام أسلحة جديدة منها المسيرات الانقضاضية وصواريخ البركان وإشعال الحرائق فى شمال فلسطين المحتلة مما وضع تل ابيب فى مأزق وترك له خيارا من اثنين إما الامتناع عن الرد وهذا يتسبب فى حرج شديد للمؤسسة العسكرية والأمنية أو الذهاب إلى عمل عسكرى كبير ستكون نتائجه كارثية يضاف إلى ذلك زيادة عدد قوات الاحتياط ليصل عددها إلى ٣٥٠ ألف جندى حتى أغسطس القادم.

 كثافة زيارات كبار المسئولين الإسرائيليين على المستوى السياسى والعسكرى إلى بلدات الشمال خلال الأسبوع الماضى والذى ترافق معها تصعيد فى الخطاب السياسى والعسكرى وفى مقدمتهم نتنياهو الذى قام بجولة فى كريات شمونا وبلدات الشمال يوم الأربعاء الماضى ومن هناك صرح وقال«نحن جاهزون لعملية كبيرة فى الشمال ومن يعتقد أنه يستهدفنا ونحن نجلس مكتوفى الأيادى فإنه يرتكب خطأ كبيرا» وأضاف «فى بداية الحرب كنا نقول إننا سنعيد الأمن إلى المنطقتين الجنوبية غزة وفى الشمال جنوب لبنان وهو ما سنفعله» كما زارها الرئيس الإسرائيلى اسحاق هيرتزوغ ووزير الدفاع يوأف غالانت وعضو مجلس الحرب بنى غانتس الذى اجتمع مع رؤساء مستوطنات الشمال وقالها صريحة «عليكم الاستعداد لأيام أكثر صعوبة وقال لهم عليكم الاستعداد للأيام الأكثر صعوبة يمكن أن تصل بكم إلى الحرب» وهو نفس ما ذهب إليه رئيس الأركان هيرتسى هليفى الذى قال «نحن نقترب من النقطة التى يستوجب فيها اتخاذ القرار الجيش جاهز ومستعد جدا لهذا القرار».


اقرأ أيضًا| «قائمة العار» .. كابوس إسرائيل الجديد

كما التقى قائد المنطقة الشمالية اورى غوردين الذى سيقود العمليات مع سكان المستوطنات الشمالية خلال مراسم الاحتفال بالذكرى السنوية الـ ١٨ لعدوان إسرائيل على لبنان صيف ٢٠٠٦ وكان الرجل واضحا عندما كشف عن أن الجيش أنهى الأسبوع الماضى استعداداته لهجوم فى الشمال وقال نحن جاهزون ومستعدون وعندما نتلقى الأمر سيلتقى العدو مع جيش قوى ومستعد وأضاف «مهمتنا واضحة وهى تغيير الواقع الأمنى كى نتمكن من إعادتكم إلى بيوتكم فى أسرع وقت ممكن» ويأتى كل ذلك فى إطار مناقشة حكومة الحرب يوم الثلاثاء الماضى طبيعة الرد وطرق العمل المحتملة بعد الضربات النوعية المكثفة لحزب الله على البلدات الشمالية.

 تحول الوضع فى الجبهة الشمالية إلى عنوان جديد بين الحكومة والمعارضة ودخل عليها وزراء متطرفون حيث انتقد زعيم المعارضة يائير لابيد الموقف الحكومى وعلق على الحرائق التى سببتها صواريخ حزب الله فى ١٥ موقعا اسرائيليا وقال «إن ما يحترق ليس الشمال فقط بل الردع والشرف الإسرائيلى» ودخل الجناح اليمينى المتطرف فى الحكومة على خط التحريض فقد اتهم سموتريش وزير المالية الجيش بأنه لا يريد خوض حرب واسعة ضد حزب الله بينما دعا بن غفير إلى حرق لبنان كله ردا على الحرائق التى اشعلتها أسلحة حزب الله.

أما على صعيد حزب الله فقد قام خلال الأسبوع الماضى بتصعيد محدود وصل إلى استهداف القاعدة العسكرية التى هدد منها نتنياهو بتوسيع العمليات معه ونشر صور للاستهداف ووجه حسن نصر الله كلامه إلى إسرائيل وقال «كل الاحتمالات فى جبهتنا اللبنانية مفتوحة وكل الخيارات مطروحة وطائراتكم لم تعد فى أمان» أما نائبه نعيم قاسم فأشار «لا نسعى إلى توسيع دائرة الصراع ولكنه مستعد لخوض أى حرب تفرض عليه» وقال «الحزب استخدم جزءا بسيطا من قدراته وأى تحرك من إسرائيل لتوسيع دائرة الصراع سيقابل بخراب ودمار وتهجير فى إسرائيل».

وبعد فهناك مخاوف إسرائيلية حقيقية من نتائج المواجهة خاصة مع ترسانة الأسلحة التى يمتلكها حزب الله وهذا ما تسرب من مداولات كابينت الحرب الذى وافق فى نفس الوقت على نموذج قتالى ضد حزب الله يعتمد على ثلاثة عوامل الأول خلو البلدات الإسرائيلية من السكان واستخدام المسيرات المتطورة القادرة على رصد عناصر حزب الله والثالث القدرة على توجيه ضربات نارية مكثفة وفورية بالتعاون بين القوات البرية والجوية وقد بدأت أول أمس الجمعة عمليات تحليق الطيران الحربى الإسرائيلى على العاصمة بيروت وتصدت لها صواريخ حزب الله أرض جو وأجبرتها على الانسحاب فهل تتدخل واشنطن لضبط هذا التصعيد خاصة أن الإدارة الأمريكية تخشى من توسيع المواجهة خوفا من دخول أطراف أخرى فيها خاصة إيران إذا أقدمت على دعمها لإسرائيل فى تلك المواجهة مع انشغال الإدارة بالانتخابات. 

ولعل الأيام القادمة تجيب على هذا الأمر بعد نفى الأنباء التى أشارت إلى أن بريطانيا نقلت للمسئولين اللبنانيين بأن الضربة القادمة ستكون منتصف هذا الشهر.