نعم أقولها بملء فمى لكل القائمين على التعليم الجامعى والجامعات الحكومية ـ آن الأوان أن نوقف الجريمة التعليمية التى نرتكبها الآن فى حق الأجيال الحالية والقادمة وفى حق مصر بإستمرار مايسمى «بالانتساب الموجه» بجميع الكليات النظرية بالجامعات وفى مقدمتها كليات التجارة والآداب والحقوق والتى يتم فيها قبول عشرات الآلاف من الطلاب بهذه الكليات تحت هذا المسمى وبمجاميع متدنية فى الثانوية العامة ودون الإلتزام بحضور أى محاضرة ـ ودون أى تعليم ، وإقرار شكل من « التعليم عن بعد» دون أن نسمح به حتى الآن بشكل رسمى لأنه لايمت للتعليم الحقيقى بصلة وإلا لكانت معظم جامعات العالم قد أغلقت أبوابها وتحول التعليم إلى تعليم من منازلهم كما هو فى شكل الانتساب الموجه ـ وكان أحد وزراء التعليم العالى السابقين للأسف ومن أجل أن يدغدغ مشاعر الطلاب وأولياء الأمور طلاب الثانوية العامة قد قرر أن يصل إجمالى عدد الملتحقين بهذه الكليات النظرية بنظام الانتساب الموجه إلى 50% من إجمالى مايتم قبوله فى هذه الكليات من الطلاب المنتظمين ـ وحتى يخرج لوسائل الإعلام ويصرح بأن هناك أماكن بالجامعات لجميع الناجحين فى الثانوية العامة ، وطبعا يسارع الجميع من الطلاب الفاشلين بالالتحاق بهذا النوع من التعليم الذى لايلزمه بالحضور أو دخول الكلية إلا يوم الامتحان وبالتالى ينعدم دور الجامعة فى تعليم وتربية وتنشئة وتوجيه وتثقيف مثل هذه النوعيات من الطلاب الفاشلين مرة أخرى الذين يتمتعون طوال العام الجامعى بالجلوس على المقاهى والكافيهات والسهر حتى الفجر فى الشوارع لأنه ملتحق بالجامعة بنظام الإنتساب الموجه، وبالتالى لن يكون له أى درجات أعمال سنة أو حضور سكاشن وحتى امتحان نهاية العام ستكون درجة كل مادة فيه من 100 %، أما الطالب المنتظم المتميز فيكون امتحانه فى نهاية العام من 75% من الدرجة والدرجات الأخرى يتم تحصيلها مقابل حضوره وغيابه وانتظامه فى حضور السكاشن وامتحانات منتصف العام الدراسى ـ وقد نجد أوائل الدفعات بهذه الكليات من طلاب الانتساب الموجه الفاشلين.
وطبعا جميع القائمين على الكليات النظرية يسعدون بذلك نظرا للعائد المادى الضخم الذى يصل إلى ملايين الجنيهات مقابل توزيع الكتب على طلاب هذه الكليات النظرية التى أصبح 70% من إجمالى طلاب الثانوية العامة ملتحقين بهذه الكليات لأن لوائحها تسمح بقبول طلاب القسم العلمى بشعبته بها بالإضافة إلى طلاب القسم الأدبى ، ولذلك يهرب معظم الطلاب لهذه الكليات لسهولة الدراسة بها وعدم الالتزام بالحضور، وعدم وجود أى تعليم جيد بها والنتيجة أن كلية مثل تجارة عين شمس وصل عدد المقيدين بها 72 ألف طالب وطالبة ولايوجد فى العالم كله بها هذه العدد، كما وصل عدد المقيدين بتجارة القاهرة 66 ألفًا والنتيجة طبعا هى وجود بطالة رهيبة فى المجتمع من خريجى كليات الحقوق والتجارة والآداب مثلما أشار إلى ذلك أكثر من مرة الرئيس عبد الفتاح السيسى.
من أجل هذا أناشد د.أيمن عاشور وزير التعليم العالى ومعه كل رؤساء الجامعات الحكومية أن يقرروا هذا العام وبشكل قاطع وجرئ وقف القبول تماما بجميع الكليات النظرية بنظام الانتساب الموجه إذا كنا نريد تعليما حقيقيا بهذه الكليات ، وكذلك تخفيض عدد المقبولين بهذه الكليات من المنتظمين حتى نقلل من حجم البطالة خريجيها وتوجيه كل هذه الأعداد للجامعات الجديدة من أهلية وتكنولوجية ومعاهد عليا تطبيقية خاصة من هو متخصص منها فى الحاسبات والحاسب الآلى ـ إذا أردنا بالفعل إصلاح التعليم الجامعى بشكل حقيقى فى مصر.
