خط القدر

سعيد نوح
سعيد نوح

ما إن سافر عبده حتى تم التنكيل بى، أيقظتنى حماتى بالعرجون ككلب كسول فى مدخل بيت. ما أن فتحت عينى حتى كان بريق عين أم عبده يشبه أسدا استعد لافتراس طعامه بعد الإعداد على نار مشتعلة مليئة بالكراهية وعلامات الأذى. لم تلتفت إلى الصباح الذى خرج من فمى كمحاولة منى لتخفيف الجو، بعد أن انزحت سريعا من فوق السرير، مدت يدى وأحكمت ربط القمطة على شعرى وأنا أتحرك فى اتجاه الباب الذى ترك على مصراعيه، بعد أن قامت بما فعلت وخرجت.

لم يكن هناك سداد رأى فى التلكؤ أو انتظار يغير الأمور، عبده، الحامى الأول طوال الأيام الماضية مضى إلى كتيبته قبل الفجر، والله منذ الأزل خط القدر، ولم يعد يشغل باله بالمعجزات، وسبق وأن وضع فى التجربة، ولا داعى للخوض فيه، وتبين وهم انتظار أمر خارق لعادة الله. 

وها أنا وحيدة بمصيرى مع تلك المرأة الخبيثة الطوية. كان قد مضى على زواجى شهر وأربعة أيام . بالتأكيد صدر فيها منى بعض التجاوزات، التى  كانت فى الحقيقة مجرد رمى حجر فى بركة ماء دخلت إليها، لمعرفة مدى مقدار المساحة المسموح لى فيها بالسباحة أو التحرك. هكذا علمتنى الأم، الطرطشة هى ما تخبرك بما يحيط بك. ربما كان قول فاسد يتبع نظرية اخترعتها امرأة ذات يوم، وربما كان يؤتى أكله بين البشر، لكن ليس فى كل حين كما سيتضح فيما بعد. وخلال التجربة، التى استمرت شهر العسل ويزيد بثلاثة أيام، كانت العيون دائما فتانة عما يحمله رد الفعل رغم  تغليف الوجه بالابتسامة الصفراء. وحان الآن وضع النقاط على الحروف كما تقول دائما ام عبده. ومن خلال تلك النظرات عرفت أن تلك السيدة التى تخبر حكايتى من مبتدئها ابدا لن تغفر تلك السيدة، وها أنا الآن مطالبة بالتكفير عما بدر منى. 

كانت كلمات أمى هى المعين على الخروج بأقل الخسائر. كانت دائما تنظر إلى نسبة التكافؤ بين المختلفين فى بداية المشكلة، ومن سيكون الغارم عند الانتهاء. بالطبع كانت ذاكرة أم عبده مليئة بالمشاهد والمواقف التى يجب البعد عنها حتى أتجنب حياة مليئة بكل أصناف العذاب.

هكذا صرحت بعد انتهاء سرد الأخطاء. وككلبة مدربة على الخنوع منذ جئت إلى الحياة، وكنت حتى حينها، واقفة أمام أم عبده الجالسة على الكنبة، نزلت على ركبتى بذل كلبة أساءت تماما كما قلت لكم سابقا، وتحركت على ركبتى تماما كالكلبة أيضا، وامسكت بيد حماتى، وقبلتها كما يليق بواهب عظمة خالية من اللحم إلى كلبة مثلى مليئة بكل أنواع الحشرات، تحاول دس الجرب فى جسد الأسرة السليم والخالى من العيوب. وكملكة متوجة على عرش، الحجرتين والصالة والمطبخ والكنيف، التى تسعى وتئن خلالها أنفس ذليلة، تركت يدها تستقبل القبلات الحارة المليئة بالماء الساخن، النازال بالطبع من حسرتى على نفسى وما آلت اليه حياتى، صنع دمعى ما يشبه البحر الصغير،عند ذلك سحبت يدها وهى تمسحها فوق رأسى بقرف لم أتمكن من رؤيته، لكن حركة يدها على رأسى كانت كفيلة بمعرفة مدى القرف الذى أحست به.