د.حسين درويش القائم بأعمال رئيس المركز القومى للبحوث: لدينا أكثر من 200 منتج بحثى قابل للتطبيق

شركة المركز حلم تحقق.. ونعطى الباحث %60 من عائد بيع البراءة

  د.حسين درويش مع محرر الأخبار
د.حسين درويش مع محرر الأخبار

عادة ما يتنافس بداخلى شعوران فى كل زيارة للمركز القومى للبحوث، فالسعادة التى تنتابنى عندما أتابع ما أنتجته العقول الجبارة بالمركز، والتى لديها القدرة على صناعة مستقبل أفضل، ينافسها شعور بالحزن لأن منتجات هذه العقول لا تجد التقدير الكافى.

مؤخرا، وخلال زيارة للمركز قبل أيام، بدأت بزيارة معرض المنتجات البحثية القابلة للتطبيق الصناعى الذى يضم 200 منتج، وجدت نفسى أكثر ميلا للحزن، بعد أن استشعرت حجم الجهد الذى بذلته إدارته للفت الانتباه لما تحقق من إنجازات بحثية يمكنها تغيير وجه الحياه بمصر، ولكن، كما هو الحال دائما، فإن البديل المستورد يظل هو الخيار المفضل لقطاع الصناعة.

ورغم هذه الحالة، يظل د.حسين درويش، القائم بأعمال رئيس المركز محافظا على ابتسامته الهادئة ونشاطه المعتاد، وهو ما دفعنى لأستهل حوارى معه بسؤال: «ألا تشعرون بالإحباط، إزاء ما يحدث من تجاهل لمنتجاتكم البحثية؟».

يستقبل سؤالى بنفس الابتسامة المعتادة، وهو يومئ بالرفض قائلا: «لو شعرت بالإحباط ما حملتنى قدمى على المجيء إلى مكتبى، وتوقفت هذه المستعمرة البحثية الكبيرة عن أداء دورها منذ زمن بعيد».

اقرأ أيضا| رئيس جامعة سوهاج يتسلم أرض مستشفى الحروق

تاريخ من الإنجازات

ومنذ وضعت البذرة الأولى لهذه المؤسسة بصدور مرسوم لإنشاء مجلس فؤاد الأول الأهلى للبحوث فى ٢ نوفمبر عام ١٩٣٩، وهى تؤدى خدمات مهمة لقطاعات مختلفة داخل الدولة المصرية، كان أبرزها نجاح علمائها بقيادة العالم محمود سعادة، قبل حرب أكتوبر 1973، فى فك شفرة «الوقود الروسى» المشغل للصواريخ وتصنيعه محليا.

ويقول الدكتور دوريش: «هذه القصة المعلنة، وغيرها من القصص التى لم تعلن، وكذلك بعض التطورات الإيجابية التى طرأت مؤخرا، بعد صدور قانون حوافز العلوم والتكنولوجيا والابتكار، هى التى تبقى جذوة الحماس مشتعلة بداخلنا، رغم أن هناك قصصا أخرى كفيلة بإدخال الإحباط إلى النفوس».
ورفض الحديث بمزيد من التفصيل عن الخدمات التى يؤديها علماء المركز لقطاعات خدمية وإنتاجية داخل الدولة، قائلا إنه «ليس مصرحا بالحديث عنها الآن»، لكن تحدث وبنبرة متحمسة عن شركة المركز القومى للبحوث والتسويق والمنتجات الابتكارية، والتى كانت حلما، ثم أصبحت حقيقة قبل نحو عام، بعد أن أتاح قانون حوافز العلوم والتكنولوجيا والابتكار إنشاءها.

وتتيح هذه الشركة للباحثين الحصول على عائد نسبته 60 % من حصيلة بيع براءات الاختراع، كما تتيح تواصلا سهلا مع قطاعات الصناعة الراغبة فى الحصول على دعم باحثى المركز فى حل بعض المشاكل التى تواجههم.

عقلية المستثمر المصرى

ويستشعر درويش روحا إيجابية أوجدتها تلك الشركة، إذ أصبح لدى الباحثين حوافز مادية كبيرة تدفعهم نحو المزيد من الابتكارات، غير أن ما يحزنه، هو أنه لا يزال «الحل المستورد» مفضلا لدى قطاعات الصناعة، رغم أن ابتكارات الباحثين تقدم البديل المحلى.

وترتسم ابتسامة ساخرة على وجهه، وهو يحكى إحدى القصص التى يراها كاشفة عن عقلية بعض المستثمرين المصريين. يقول: «فى أحد اللقاءات التى ننظمها لخلق الرابط بين المستثمرين والباحثين، اشتكى مستثمر من ارتفاع قيمة مادة يستوردها من الخارج، تبلغ تكلفتها ما قيمته 9 ملايين دولار سنويا، فقال أحد الباحثين ممن شاركوا فى اللقاء، إنه استطاع فى رسالة الدكتوراة الخاصة به إنتاجها محليا، فما كان من هذا المستثمر إلا أن طلب من الباحث زيارة المصنع وتجربة مادته بشكل عملى، وكانت النتائج مذهلة، حيث لم تقل كفاءتها عن المستورد».

ويستطرد وقد اكتسى صوته بنبرة حزينة: «بدأ يدخل معنا فى مفاوضات لشراء براءة اختراع تلك المادة، فعهدنا إلى إحدى الشركات الخاصة أن تعد لنا دراسة جدوى تحدد فيها القيمة التى نطلبها لهذا المنتج، وحددت مبلغ 9 ملايين جنيه، وهو مبلغ معقول جدا، مقارنة بما ينفقه سنويا فى استيراد البديل المستورد، فما كان من هذا المستثمر إلا أن أبدى تعجبا شديدا من المبلغ، مصرا على أنه لن يستطيع دفع أكثر من 300 ألف جنيه».

ويضرب برفق كفا بكف، وهو يقول ووجهه ممتعض: «ينفق 9 ملايين دولار سنويا، ويضن علينا بمبلغ 9 ملايين جنيه تحل مشكلته إلى الأبد، أين المنطق فى ذلك؟!».

شحن طاقة الأمل

وبعد المرور العابر لتلك الذكرى المؤلمة، يشحن الدكتور درويش طاقة الأمل من جديد، ليقول بنبرة متحمسة: «لن نحبط رغم ذلك، ومعاهدنا الأربعة عشر بأقسامها الـ 109 وعلمائها الستة آلاف، يواصلون مد معرض المنتجات البحثية القابلة للتطبيق، بمنتجات جديدة، وقد أطلقنا قبل أيام مبادرة (بديل المستورد) التى ندعو فيها المستثمرين إلى النظر بعين الاهتمام لهذه المنتجات».

تركته طالبا منه المحافظة على هذه الروح المتحمسة، فأجاب ضاحكا: «لا تقلق، لو كان هناك مجال للإحباط، لتسلل لنفوسنا منذ عصور مضت، فالوضع الآن أفضل بكثير من ذى قبل، وأثق أنه سيأتى اليوم الذى سيتهافت فيه المستثمرون على استخراج كنوز المركز القومى للبحوث».