جنوب أفريقيا.. النتيجة غداً واتجاه نحو حكومة ائتلافية

انصار حزب المؤتمر الإفريقي خلال  تجمع انتخابي حاشد
انصار حزب المؤتمر الإفريقي خلال تجمع انتخابي حاشد

 كتبت: سمحية شتا 

لأول مرة منذ نهاية نظام الفصل العنصري لحكم الأقلية البيضاء قبل 30 عامًا يخسر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أغلبيته البرلمانية فى نتيجة انتخابات تاريخية تضع جنوب أفريقيا على مسار سياسى جديد.

وبعد إعلان نتائج الانتخابات التى عقدت يوم الأربعاء الماضى سيكون أمام رئيس المحكمة العليا فى غضون أيام قليلة لعقد البرلمان على الأرجح فى 17 يونيو.

تتسم الفترة المقبلة بخصوصية كبيرة فى التاريخ السياسى لدولة جنوب إفريقيا، كما تشكل فى الوقت ذاته تهديداً لمستقبل المؤتمر الوطنى الحاكم مُقابل صعود نفوذ أحزاب المعارضة، التى تسعى مُؤخراً لتدعيم قوتها من خلال الدخول فى ائتلافات، يمكن أن تؤدى إلى تقليص الأغلبية البرلمانية للمؤتمر الوطنى.

وقد يعنى هذا أن على الحزب أن يدخل فى ائتلاف، لكن دستور جنوب أفريقيا لا يحدد كيفية عمل الائتلاف.

وإذا ظل حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى هو الحزب الأكبر، فمن الممكن أن توافق المجموعات الأصغر على دعم الحكومة على أساس التصويت بالتصويت مقابل التنازلات.
وبدلاً من ذلك، يمكن لحزب المؤتمر الوطنى الأفريقى أن يدخل فى ائتلاف رسمى مع أحزاب أخرى.

رغم تمكن المؤتمر من الحصول على الأغلبية المطلقة على مدار قرابة ثلاثة عقود، فإنه بالنظر إلى نتائج بعض الجولات الانتخابية بداية من انتخابات عام 2009 نجد تراجعاً واضحاً فى عدد المقاعد التى تمكن المؤتمر من الفوز بها؛ إذ شهدت انتخابات 2019 حصول الحزب على 57.7% من إجمالى المقاعد، والتى تُعد أقل نسبة فى تاريخه، فيما يتوقع أن تتراجع النسبة مجدداً بشكل أكبر خلال الانتخابات المقبلة؛ مما يشكل تهديداً لمستقبل المؤتمر؛ وهو ما يرجع للعديد من المشكلات التى عجز الحزب الحاكم عن حلها، كارتفاع معدلات البطالة، وانتشار الفقر، وتدنى مستويات المعيشة، ناهيك عن ارتفاع معدلات الفساد، فى الوقت ذاته لا يمكن تجاهل المشكلات الداخلية، وحالة التشرذم التى عانى منها المؤتمر على مدار ما يزيد عن عقد، وبجانب تلك المشكلات المزمنة هناك العديد من المستجدات الدولية التى تؤثر سلباً فى الداخل؛ كالتداعيات الناجمة عن جائحة «كورونا»، وموجات الانقلابات المتسارعة التى عصفت بغالبية دول القارة.

بطبيعة الحال، وبغض النظر عن الرأى القانونى الصحيح، فسوف يكون لزاماً على حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى أن يتوصل إلى اتفاق ائتلافى قبل انعقاد أول اجتماع للبرلمان، لضمان حصول مرشحه الرئاسى على أغلبية الأصوات.

من الممكن - رغم أنه من غير المرجح - أن تتفق جميع أحزاب المعارضة على مرشح، الأمر الذى سيؤدى بعد ذلك إلى خسارة مرشح حزب المؤتمر الوطنى الأفريقي، حتى لو تم قبول سيناريو «أكبر عدد من الأصوات».

لذا، إذا انخفضت نسبة تأييد حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى إلى أقل من 50%، فسوف تكون هناك مفاوضات محمومة فى الأسبوعين التاليين للانتخابات.

وإذا تجاوزت نسبة التصويت 45% وهى النتيجة التى يبدو أن أغلب استطلاعات الرأى تفضلها الآن فلابد أن يكون الأمر بسيطا إلى حد ما. يمكن لحزب المؤتمر الوطنى الأفريقى تشكيل ائتلاف مع الحزب الشيوعى والأحزاب الصغيرة فى جوتنج وكوازولو ناتال.

وبغض النظر عن ذلك، إذا أراد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الاحتفاظ بالسيطرة على هاتين المقاطعتين، فسيتعين عليه التحدث إلى التحالف الديمقراطى والمقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية ومن الممكن أن يصر كل من هذه الأحزاب على وجوده فى ائتلاف وطنى كمقايضة لمشاركته فى ائتلاف جوتنج وكوازولو ناتال هذا هو المكان الذى يمكن أن يصبح فيه الأمر صعبًا للغاية.. ومهما حدث، فإن حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى سوف يظل الحزب الأكبر على المستوى الوطني. وربما تكون هناك حكومة ائتلافية، ولكن الشيء الأكثر أهمية هو أن يتم قبول نتيجة الانتخابات باعتبارها شرعية. وينبغى النظر إلى التحول نحو السياسات الائتلافية بشكل عام باعتباره أمرا إيجابيا. وهذا يعنى أن جنوب أفريقيا تبتعد عن نظام هيمنة الحزب الواحد.